آذار، المرأة، الكرامة


حين يهل آذار، وتلبس الطبيعة ثوبها المزين بالدحنون وازهار اللوز تعلن حضورها القوي من خلال الشذى الزكي الذي تنشره حولها لكل العابرين، نقف أمام هيبة الجمال ويعانق الفرح ارواحنا المتعبة بالهموم والاحزان. ولكن حين نستحضر الفصول ونصغي بصمت إلى حديث الشجرة المتباهية بكبرياء ونسمع همسها حين تقول،


انظروا يا احبائي، لقد تحملت برد الشتاء القارص، و قبلها جردني الخريف من اوراقي، فشعرت بالقبح و انا عارية، و لم يكن الصيف ارحم حين لفح وجهي بحره. ورغم المخاض والألم والمعاناة، ها إنني أقف مختالة بين الحقول مزهوة بنعم الله، و الخالق ارحم بمخلوقاته حين البسني حلة الجمال. هناك حكمة قد لا ندركها، رغم انها جلية؛ إن الحياة لا تقف عند مرحلة، ومهما كانت التحديات، لا بد أن يأتي الفرج، ولا بد أن تشرق الشمس على الأخيار والاشرار، لأن النور حقيقة ثابتة. ومهما تسلل الظلام والخوف، لا بد من الأمل والرجاء لتعزيز النفوس؛ بالرجاء والأمل تستمر الحياة.

وحين يكرس آذار للمرأة والاحتفال بأعيادها ونقارن وجه الشبه بدورة حياة المرأة و الطبيعة، و ما تعانيه عبر السنين من ألم ومخاض ليبقى الخصب وتبقى الحياة فرصة جميلة. و من خلال الجنس البشري، ندرك عظمة الخالق، وندرك السر الأنثوي العظيم الذي أودعه الخالق في المرأة. فحين أنهى خلق الكون وجد انه غير مكتمل إلى أن خلق المرأة لتكون سر الكون العظيم وأجمل وأكمل المخلوقات، وليست كما يدعي محدودو الإدراك انها ضلع قاصر وأنها ناقصة عقل ودين في تعد صارخ على مشيئة الخالق وفي تشريعات قاصرة عن الإدراك لمفاهيم الحرية والعدالة والإنسانية ، وعدم الفهم أن التشريع الناقص هو مظلة للظلم والفساد وان هذه الإنسانة حيت تظلم فإنها تدمر أجيالاً تربى تربية الذل والخنوع والعبودية.

نتذكر في آذار الأم، التي تنحني لعظمتها أسرار الطبيعة. نحاول أن نتزلف وننافق ببعض الهدايا إلاستهلاكية والتي نقدمها بإنكسار لا يرتقي لعظمة الأم ودورها النبيل غير المشروط، وندرك بأن ما نفعله من جرائم تغلف بتشريعات هو ظلم إنساني لا يغتفر أمام عدالة السماء، و أن حق الإنسان في الحرية والكرامة حق إلاهي لا بشري.

لن ننسى آذار الكرامة والمعركة التي غيرت وجه التاريخ، وصنعت الغد الأجمل، ونسجت حكاية المجد والفخار بدماء الشهداء الزكي، والذي انتشر دحنوناً أحمر في السهول والروابي. نتذكر أن الرجال الذين ضحّوا بدمائهم هم من حمى راية الوطن وهم صناع المجد الذين لا يزال الأحرار والشرفاء يغمسون ذبالة قناديلهم بدمهم الزكي ليبقى الأردن قلعة الصمود والكبرياء، وتبقى الأمهات ينسجن هدب الكوفية الحمراء والراية ذات الألوان الاحمر و الأخضر و الأسود و الأبيض، ونجمة تتلألأ، تحرس أطفالاً يرضعون الحب والولاء والامل من عيون الأمهات.

حمى الله اردن الكرامة و لنقف كاحرار بضمير حي، لنرفع الظلم من تشريعات قاصرة عن تحقيق العدالة للجميع مدركين ان الظلم في مكان ما يهدد العدالة في كل مكان.

في الثامن من آذار اقول يا نساء العالم لنتحد ونصنع مملكة النساء، عسى أن يسود السلام والحب والعدل, فهناك من شوه هذا الكون بالحروب و الدمار.

و كل آذار وانتم قناديل الفرح و الجمال.