برنامج تصحيح رخو!

لدى بعض المسؤولين واصحاب القرار الاقتصادي انطباع خاطئ بأن برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي كان قاسياً ومضغوطاً، وأنه يستهدف عمليات إصلاح كبيرة في وقت قصير (ثلاث سنوات)، ولو أن التفاوض مع الصندوق تم في عهد هذه الحكومة فربما كانت الإجراءات موزعة على مدى أطول ليتم تنفيذها بالراحة!.

هذا الموقف ينطلق من افتراض أن البرنامج قاس ٍ ومشدد، وأن بالإمكان تأجيل أو تمديد بعض المواقيت لتمر الأمور بالتقسيط المريح، دون التسبب بآلام واحتجاجات شعبية.

الحقيقة أن البرنامج رخو للغاية، وقد ذكر المسؤول الأردني المفاوض أنه كان يقترح أهدافاً معينة فيرد خبراء الصندوق بأن هذا كثير، وبالتالي يتم تخفيض الأهداف، وتمديد فترة التصحيح، بناءً على طلب خبراء الصندوق!.

المفروض أن المسؤول الأردني أكثر حرصاً من الصندوق على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة في أقصر وقت ممكن.

تصوروا أن هدف برنامج الصندوق لسنة 2017 الحالية هو أن ينخفض عجز الموازنة بمقدار 163 مليون دينار فقط عما كان عليه في السنة الماضية. ومع أن الهدف الجوهري للبرنامج السيطرة على المديونية وتخفيضها كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلا أن برنامج الصندوق يسمح للحكومة بزيادة حجم الدين العام خلال سنة 2017 بمقدار ما يتم تسديده مضافاً إليه 4ر1 مليار دينار. غريب، أليس كذلك؟.

عملية الإصلاح تنطلق من قاعدة اقتصادية سيئة للغاية، مما يوجب أن تكون الإصلاحات جوهرية وعميقة ليتمكن الاقتصاد الأردني من استرداد عافيته واستئناف النمو بأسرع وقت ممكن.

تحت هذه الظروف من يصدق أن القانون الأردني يعفي 97% من السكان من دفع ضريبة الدخل، ومن يصدق أن حصة الأفراد من الضريبة التي يجب أن تتراوح حول 10% من الناتج المحلي الإجمالي غير المعفى هي في الواقع 4ر0% فقط.

صحيح أيضاً أن ضريبة المبيعات البالغة 16% عالية، ولكن الإعفاءات والاستثناءات تاتي لتجعل حصيلة ضريبة المبيعات في حدود 7% فقط من قيمة السلع والخدمات المتداولة في السوق.

يقول الرئيس إن الاتفاقيات التجارية التي عقدها الأردن مع مختلف الجهات تستحق الدراسة للتاكد من أنها تخدم مصلحة الأردن. والواقع أن المفاوض الاردني لعب في هذه الاتفاقيات دور المغفل، تصوروا أننا نتحدث عن (الشراكة) مع الاتحاد الأوروبي لنجد أن الميزان التجاري هو 28 دولار من الاستيراد من الاتحاد الأوروبي مقابل كل دولار واحد من الصادرات الأردنية لأوروبا!.