رفض صلاة الغائب والدرس المستفاد
كشفت صلاة الغائب على أرواح شهداء الكرك عن الكم الحقيقي لبيوض الإرهاب . لقد انسحب أمامي نحو 10% على اقل تقدير من المصلين، وغادروا المسجد الذي صليت فيه فور إعلان الإمام المباشرة بأداء الصلاة وشذوا عن الموقف الوطني العام ،وقيل ان ظاهرة تلك الجمعة قد عمت بنسب متفاوتة اغلب مساجد المملكة .
حركة عفوية خطرة كشفت الغطاء عن الكثير مما كان مخبأ ويدور في الخفاء، وتصلح لاستخدامها كأداة لقياس حجم الاستعدادات الفكرية المنحرفة تستحق الوقوف عندها مطولا وإخضاعها للدراسة والتحليل والتفسير .
يقول الباحثون والمختصون ان التطرف يتحول من موقف فكري إلى فعل إرهابي عنيف ، واقل ما يمكن ان يقال عن المغادرين ان لديهم ميول إرهابية قد تتنامي وتتحول مع مرور الوقت إلى خلايا شيطانية نشطة ، ويبدو ان الانحرافات الفكرية قد تغلغلت في بيوت الممتنعين عن الصلاة ومدارسهم وجامعاتهم ، وامتدت الى علاقتهم الاجتماعية ومكان العمل والوظيفة ، وكانت انعكاسا صادقا لما يحملونه من مواقف متطرفة وفكر شاذ.
مرت واقعة الصلاة مرورا صامتا بلا ضجيج ونحن بكل صراحة لا نعلم شيئا عن الخطة الوطنية للوقاية من التطرف ،لكنها خطة ليست ملموسة ولا محسوسة على أي حال . كل ما نلاحظه لا يتعدى ندوات ونشاطات ومحاضرات مبعثرة تظهر مره هنا ومره هناك ، وتختفي دون ان تترك أثرا فاعلا في حماية فكر الشباب وتحصينهم .
فصل الخطباء المتورطين بمخالفة تعليمات وزارة الأوقاف بامتناعهم عن إقامة صلاة الغائب ومعاقبة بضعهم لا تكفي ،وستبقى معالجة سطحية لا تصل الى جذور الظاهرة وأعماقها .
في درس صلاة الغائب قيمة كبرى يجب استثمارها لإتلاف بذور التطرف لأن الإرهاب متناسل ، ولقد أظهرت أحداث الكرك مشاكل في برامج الوقاية من التطرف تستدعي التغيير والقيام بإجراءات وقائية وتصحيحية لمعالجة الأخطاء المسببة لمخالفة الموقف الوطني ، ودراسة أسباب امتناع المصلين عن القيام بالصلاة على أرواح الشهداء ،وعدم اقتناعهم بما أكده الخطباء من أن بواسل الأجهزة الأمنية ضحوا بأنفسهم في سبيل أمن وطنهم وإخوانهم من المواطنين الآمنين ، وأقل الواجب تجاههم الصلاة على أرواحهم الطاهرة والدعاء لهم أن يتقبلهم الله شهداء ، ويدخلهم جناته مع الصالحين والإبرار، مستشهدين بالأحاديث والآيات التي تحض على حفظ الأوطان وتوفير سبل الأمن لها ليعيش مواطنوها آمنين من كل سوء.