مع الشعب ضد الحكومة

في العرف الديمقراطي الأمريكي ليس ممنوعا أن تخرج الأقلية في مظاهرات احتجاجية ضد سياسات الرئيس كونه منتخبا من الأغلبية، وهو يستمر بمهام عمله دونما أي تأثير من حجم المظاهرات أو مطالبها، كما أن له الحق في أخذها بعين الاهتمام أو إهمالها تماما، فالأمر بالنسبة له حق الأقلية وحكم الأغلبية التي أتت به رئيسا على أساس ما قدم نفسه لهم، وهو اليوم يواجه مظاهرات احتجاجية واسعة وهجوما لاذعا من الإعلام غير أن كل ذلك لا يلغي ممارسته السلطة طالما هو رئيس منتخب ولم يعين من أي فرد أو شركة.

مسيرات يوم الجمعة أول من أمس خرجت ضد سياسات حكومة الملقي وطالبت بإسقاطها، ومثل هذا الأمر حق للشعب كونه غير منتخب منهم، وينبغي على الملقي أن يدرك أن الأقلية ليست هي التي تطالب بإسقاطه وإنما قد تكون الأكثرية المطلقة أيا كان عدد الذين تظاهروا، وهو أكثر من يعلم أن الثقة الشعبية بحكومته في الحضيض وأن استطلاع مركز الدراسات في الجامعة الأردنية كشف الأمر ولو بصورة منمقة. وبالمجمل لا يمكن اعتبار الملقي رئيسا يمثل الأكثرية ولا حتى الأقلية وإنما فقط نفسه والذين من حوله كشخوص وليس أي جهات سياسية تحظى بأي وزن لتمثل أكثر من نفسها.
قد يقال إن الحكومة دستورية بموجب نيلها الثقة من النواب وهذا صحيح، لكن من يمكنه أن يثبت أن النواب يمثلون الشعب حقا، فلو جمعنا الأصوات التي حصلوا عليها لأتت بأقل من أقلية في حين أن الأصوات التي لم تمثل بعدم النجاح أو الاستنكاف عن المشاركة هي الأكثرية على الإطلاق، وغير ذلك فإن القانون الذي أتى بالنواب فصل على مقاس أفرز المجلس على ما هو عليه وهو يواجه نفس ما تلاقيه الحكومة من عدم ثقة وتشكيك بالقدرات.
عندما يعود الشعب للمطالبة بحكومة إنقاذ وطني فإن الأمر ليس تسلية وإنما لديه ما يكفي من تخوفات على المستقبل، وهناك من يذهب أبعد من ذلك ويطالب بحكومة عسكرية مؤقتة بما يعني عدم الثقة ليس بالحكومة وحسب وإنما بمؤسسات إستراتيجية أخرى، وعليه ينبغي أمر عال بوقف كافة الإجراءات الحكومية لتعود الأمور لنصابها.