في الوقت الذي يرقد فيه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في المستشفى العسكري بقاعدة الملك خالد السعودية بالرياض للعلاج, يكتنف الغموض المشهد السياسي اليمني الأحد 5-6-2011 في ظل عدم الإعلان رسميا وعبر وسائل الإعلام الحكومية عن أن صالح قد قام بنقل صلاحياته لنائبه الفريق عبد ربه منصور هادي.
وفيما كانت مصادر إعلامية نقلت عن نائب وزير الإعلام اليمني عبده الجندي قوله إن المهام الرئاسية نقلت الى هادي منذ منتصف ليل أمس السبت, كشفت مصادر مطلعة عن أن نائب الرئيس يواجه عقبة القيادات العسكرية والأمنية من عائلة الرئيس صالح الذين يرفضون الاعتراف بأن الرئيس قد أصبح خارج المشهد السياسي اليمني، وأن صلاحياته قد انتقلت لنائبه عبد ربه منصور هادي الذي ينتمي الى محافظة أبين الجنوبية.
وأشارت هذه المصادر لـ "العربية.نت" أن اجتماعاً ضم نجل الرئيس العميد أحمد علي عبد الله صالح قائد الحرس الجمهوري قائد القوات الخاصة، ونجلي شقيق الرئيس العميد يحي محمد عبد الله صالح القائد الفعلي لقوات الأمن المركزي, وعمار محمد عبد الله صالح وكيل جهاز الأمن القومي، والأخوين غير الشقيقين للرئيس: محمد صالح الأحمر قائد القوات الجوية وعلي صالح الأحمر مدير مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالإضافة الى علي محمد الآنسي مدير مكتب رئاسة الجمهورية ورئيس جهاز الأمن القومي، تم فيه تحديد إجراءات إدارة شؤون البلاد خلال فترة غياب الرئيس.
وأوضحت المصادر أن أحمد نجل الرئيس وقائد الحرس الجمهوري قائد القوات الخاصة موجود في قصر الرئاسة بينما نائب الرئيس الذي يفترض أن يدير شؤون البلاد بموجب الدستور موجود في منزله.
ولفتت المصادر إلى أنه برغم أن اللقاء الذي جمع نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي اليوم بالسفير الأمريكي بصنعاء جيرالد فايرستاين رأى فيه مراقبون دلالة على أن الترتيبات الدولية والإقليمية تكرس مفهوم أن صلاحيات الرئيس قد أصبحت في يد نائبه, إلا أن نفي هادي أن يكون اللقاء قد بحث ترتيبات نقل السلطة يكشف عن مدى الضغوط التي يواجهها نائب الرئيس من قبل عائلة صالح وبعض رموز النظام.
وينص الدستور اليمني على أنه في حالة استقالة الرئيس أو عجزه تنتقل صلاحياته إلى نائبه تلقائيا, غير أن غموض الحالة الصحية للرئيس صالح تحول دون معرفة ما إذا كان أصبح عاجزا عن ممارسة مهامه أولا.
ولم يصدر أي بيان رسمي بشأن إجراءات إدارة شؤون البلاد في غياب صالح، فيما استمر التلفزيون اليمني ببث الأغاني المؤيدة للرئيس.
وكانت تقارير لوكالة الصحافة الفرنسية قد أكدت قيام أحمد نجل الرئيس اليمني صالح بإدارة شؤون البلاد من داخل قصر الرئاسة بعيدا عن تدخل نائب الرئيس.
قبائل حاشد تقبل بهدنة
وفي تطور عاجل، أعلنت المعارضة اليوم الأحد أن قبائل حاشد التي يتزعمها صادق الأحمر، والتي خاضت قتالا مع القوات الموالية لصالح، وافقت على الالتزام بهدنة تستمر يوما.
وكان عبد ربه منصور القائم بأعمال الرئيس قد طلب من اتحاد قبائل حاشد الموافقة على وقف إطلاق النار بهدف وقف اقتتال دموي في شوارع العاصمة صنعاء.
ويسود غموض حول رأس الدولة اليمنية بعد نقل الرئيس صالح الى السعودية للعلاج، فيما يحتفل الشباب الذين يقودون منذ أشهر انتفاضة واسعة بـ"هروب" صالح وبما يعتبرونه "سقوطا للنظام".
وفيما أكدت المعارضة اليمنية أنها ستعمل "بكل قوتها" على منع صالح من العودة، أكد متحدث باسم الحزب الحاكم طارق الشامي لقناة "العربية" أن الرئيس "سيعود خلال أيام" الى اليمن.
المعارضة تحتفل بمغادرة صالح
وفي الشارع، يحتفل الشباب بـ"هروب" صالح، وبـ"سقوط النظام". وهتف عشرات آلاف المتظاهرين المتحمسين في ساحة الاعتصام في صنعاء "حرية حرية اليوم عيد الحرية" حسبما أفاد مراسل وكالة فرانس برس. وهتف آخرون "خلاص، سقط النظام" وآخرون "اليوم يمن جديدة".
وارتفعت أعداد المتظاهرين بشكل كبير اعتبارا من الظهر، وقام المحتجون بذبح المواشي وبتوزيع اللحوم احتفالا بمغادرة صالح.
أما في تعز (جنوب صنعاء)، فنظم الآلاف مسيرة وصلت إلى ساحة الاعتصام التي تمكن المحتجون من احتلالها مجددا بعد طردهم منها بالقوة الأسبوع الماضي. وحاولت قوات الأمن المتواجدة بشكل خفيف في المدينة، إطلاق قنابل صوتية لتفريق المتظاهرين إلا أنها فشلت.
مصرع 4 عناصر من الحرس الجمهوري ومسلح
وفي المدينة نفسها، قُتل أربعة جنود من الحرس الجمهوري ومسلح مدني الأحد في اشتباكات عنيفة اندلعت في محيط القصر الجمهوري حسبما أفاد شهود عيان ومشاركون في الاشتباكات.
ومن جهته، أكد المتحدث باسم المعارضة اليمنية الأحد أن هذه الأخيرة ستعمل بكل قوتها لمنع صالح من العودة.
وقال قحطان لوكالة فرانس برس عبر الهاتف "نعتبر هذا بداية النهاية لهذا النظام المستبد الغاشم الفاسد" في إشارة إلى مغادرة صالح إلى السعودية.
وردا على سؤال حول ما إذا كان صالح سيعود إلى اليمن برأيه، قال "بالنسبة لنا سنعمل بكل قوتنا لعدم عودته" مشيرا إلى أن "صفحته السياسية طويت منذ زمن".
إلى ذلك، أكد قحطان أن المعارضة مستعدة للتعاون مع نائب الرئيس اليمني إلا أنه يجب على حد قوله إجبار أبناء الرئيس صالح على تسليم السلطة إليه.
كما أكد أن المعارضة ستلتقي "في الساعات المقبلة" مع السفير الأمريكي الذي التقى صباحا نائب الرئيس اليمني، وسفير الاتحاد الأوروبي.
وقال قحطان لوكالة فرانس برس "نحن على أهبة الاستعداد للتعاون مع عبد ربه منصور، ولكن الصعوبة تكمن في ما إذا كان الأولاد (أبناء صالح) مستعدين ليسلموا السلطة إليه". وتابع "لا بد أن يتم إجبار أولاد صالح على تسليم السلطة إلى عبد ربه منصور".
وأصيب صالح الجمعة في هجوم استهدف مسجد القصر الرئاسي ونقل ليل السبت الأحد إلى السعودية لتلقي العلاج مع مسؤولين كبار أصيبوا في الهجوم نفسه