مجرد كلام؟

صدر أمر من رئاسة أركان حرب الجيش الإسرائيلي -"الأكثر أخلاقية في العالم" كما يدعون– يسمح للجنود اليهود المتدينين بالامتناع عن الحراسة أو السفر في سيارة مع مجندات، وأن لا يكونوا مع امرأة يرون في ظروفها "خلوة وعدم حشمة" ("الغد"، في 28/ 9/ 2016، عن "هآرتس" في 27/ 9/ 2016). وسبق هذا الأمر أمر آخر (في العام 2003) يسمح للجندي اليهودي المتدين برفض الأوامر من امرأة وإن كانت رئيسة له، وعدم الاستماع -إذا اختار- إلى النساء وهنّ يغنين في المناسبات والأمسيات العسكرية.
كان يتوقع المراقب لهذه الأوامر قيام منظمات حقوق الإنسان والمرأة بالاحتجاج الشديد عليها. لكن أحداً في العالم لا يجرؤ عليه. بينما كانت القيامة لتقوم لو صدرت مثل هذه الأوامر في بلد مسلم.
إن دل هذا على شيء، فإنما يدل على الازدواجية الدولية في حقوق المرأة، وعلى أن الأصولية اليهودية الإسرائيلية زاحفة للسيطرة على إسرائيل، وأن الأصوليات الدينية في العالم ملة واحدة همها قمع المرأة.
***
ترشيح الإسلاميين والإسلامويين من الجنسين أنفسهم في الانتخابات النيابية في فلسطين، والأردن، ومصر، والمغرب، ولبنان، والعراق، وباكستان... وفوزهم فيها واحتفالهم بذلك وأداؤهم اليمين بالولاء للنظام والالتزام بالدستور والقانون، هي اعتراف علني منهم بأن الشعب مصدر السلطات، كما أن المرأة يمكن أن تختلط بالرجال في مجلس الأمة، وأن تتكلم وتخاطب وتخطب بصوت مرتفع عند اللزوم، وأنهم يتخلون تماماً عن خطابهم القائل إن دولة الخلافة هي النظام الشرعي الوحيد الصحيح، وإن صوت المرأة عورة.
يجب على بقية الناس ليس مراقبة أدائهم في البرلمان فقط، بل وسلوك أمثالهم وأتباعهم خارجه، فإذا لم ينقلبوا إلى ما انقلب إليه ممثلوهم في البرلمان، فإن في الأمر تقية، وفي الازدواجية مكيدة أو مكر، يمكن وصفها باللعب على الحبلين في الانتخابات والبرلمان: يقولون في مرحلة الذهاب إليهما إنهم يؤمنون بالدولة المدنية، وإن الشعب مصدر السلطات، بينما في الشارع وعلى المنابر يقولون: إن الشرعية لدولة الخلافة فقط.
***
دعوت أكثر من مرة نظم الحكم في بلاد المسلمين؛ العربية وغير العربية، إلى تبني نظام قضائي ثنائي: واحد إسلاموي حرفي يقوم على إعمال الحدود، وآخر مدني يقوم على قانون العقوبات المدني، وبحيث يختار الناس النظام الذي يفضلون تطبيقه عليهم، فيقطع رأس القاتل العمد ويد السارق بالسيف، ويرجم الزاني أو الزانية بالحجارة. ذلك أن كثيرا من الإسلاميين كما الإسلامويين لا يؤيدون الدولة العادلة ما لم تطبق الحدود حرفياً. وعليه ومن باب أولى تطبيقها عليهم.
وفكرة الثنائية ليست جديدة أو غريبة، فهي قائمة في النظام البنكي والمالي، وفي التعليم، وفي العلاج الطبي، وفي اللباس... في بلاد المسلمين كافة.
قد يحل هذا النظام الثنائي الوئام والسلام في المجتمع محل الخصام والصراع والعنف فيه.
***
يوجد بين إسلامويي المشرق (العرب وغير العرب) وإسلامويي المغرب في العقلية فرق كبير؛ فإسلامويو المشرق حرفيون دينياً، ومتشددون سياسياً، لأن مفكريهم لم يتصلوا بالعالم الخارجي أو لم يقضوا شطراً من عمرهم فيه. أما إسلامويو المغرب فلهم صلة قوية به وبخاصة بأوروبا وبفرنسا الفلسفة والعلوم والآداب والفنون بصورة أخص. ولذلك فإن مفكريهم أكثر اعتدالاً وقبولاً للديمقراطية.
***
جاء في الأنباء أن نائبة الرئيس الإيراني السيدة ابتكار صافحت في برلين باربرا هندريكس -وزيرة البيئة الألمانية- التي بدت بسبب قصر شعرها وملابسها وكأنها رجل، فتسببت بحالة من الاستياء والغضب في إيران. وهي أمور محظورة في إيران الإسلامية. لو ثبتت صحة مصافحتها لرجل لفقدت مركزها.