وطن وشمبانيا

في وطني دون كل اصقاع الارض ترى بوضوح تام ان المجتمع الاردني طبقتان بينها برزخ وحاجز ليس بالوسط ولا المتوسط، فيبل ايام قلائل وفي يوم وطني بامتياز لاعلان نتائج الثانوية العامة، اقدمت مجموعة من الشبان بالاحتفال بنجاحهم الشائن في الثانوية العامة على طريقتهم وعلى تقاليدهم وعاداتهم بفتح زجاجات الشمبانيا الخمرة المسكرة والتي ادعو الله ان تكون سما هاريا على اجسادهم.
لم ار الشمبانيا في حياتي ولا أعرف لها لونا او طعما او ريحا وانما عرفت يوم الاحتفال انها من اغلى انواع المسكرات، وليس لنا ان نسأل او نتدخل فيمن يشربها او يستعملها، لكن ما استفزني واستفز اغلب الاردنيين هو ان تكون جهارا نهارا وكأننا في بلد ليس له ارثه الديني او القبلي او التقاليدي، ومن واجب وزارة التربية والتعليم ان تتحرك وفورا لمحاسبة مثل هؤلاء بسحب شهاداتهم والغاء نتائج نجاحهم، فالتربية جزء من التعليم، وهؤلاء هم عديمو التربية والادب.
لانعترض على مثل هؤلاء ان يسكروا او يخمروا فهم من طبقة ونحن من طبقة اخرى فلنا نحن الحراثون والعسكر والكادحون والمعدمون ان نكون من يحرث الارض ويحميها ولهؤلاء ان يتنعموا بالامن والخير الذي تجنيه ايدينا، فيأخذونه على طبق من ذهب سائغا نظيفا لمن هم من حثالة البشر من السراق والمارقون والعابرون ارض الوطن وسمائه.
جرأة هذه الفئة من الطبقة المخملية على المجاهرة ليس بقلة الادب والحياء وانما باستفزاز مشاعر الناس الفقراء والكادحين، ففي دولة انتهجت حكومتها التي- ابتلى الله الشعب بها- سياسة لن ابقي لك ولا أذر قرشا واحدا يتبجح مثل هؤلاء السفلة ليس بنجاحهم وانما بسرقة واختطاف فرص الاردنيين جميعا من تعلم وتعليم وفرص عمل بوظائف عليا وحياة كريمة، ولم يتجرأ مثل هؤلاء الا لانهم امنوا كل ردع او عقوبة، واين هو الردع واين هي العقوبة بالاصل، فعلى مدار عقود من الزمن في هذا الوطن المتعب لم يقدم فاسد واحد للعدالة.
اشربوا يا ابناء الطبقة السارقة والمارقة واسكروا واخمروا، فانتم تشربون هذا السم الهاري على حسابنا ومن فلوس وطننا التي تمددت ايديكم وايدي ابائكم واجدادكم اليها من قديم، فقد جئتم للوطن ومازلتم لم تعرفوا منه الا جوازه وديناره، فحسبنا الله ونعم الوكيل فيكم عن كل قرش اخذتموه من وطننا والويل لكم من غضبة للكادحين والفلاحين وحينها لن ترحموا ابدا، وحماك الله ياوطني وحمى شعبنا الصابر وايد قيادتنا بنصره العزيز.

د.عبدالناصر سند العكايلة
استاذ الاحصاء التحليلي المساعد