ليتحمل الجميع مسؤوليتاهم مع نهاية العام الدراسي
ليتحمل الجميع مسؤوليتاهم مع نهاية العام الدراسي
الكاتب : فيصل تايه
كما هو معلوم لدى فئات مجتمعنا الأردني..السير بتواتر متواز تجاه أي مسألة قد تشغل بال الأسرة الأردنية .. لطبيعة فسيولوجيتنا العاطفية القوية وولائنا الكبير لعائلاتنا وإخلاصنا لأي فرد منها في محيطنا الأسري .. ما يدفعنا التفكير باتجاه المساعدة والمساندة تجاه أي مسألة تواجهه في حياته .. فلا أحد ينكر منا نحن الأردنيين جياشة أحاسيسنا التي تدفعنا وباستمرار نحو مد يد العون لمن يحتاج .. فكيف إذا كان أحد أفراد الأسرة ذاتها ؟؟ ذلك ما دفعني إلى الكتابة عن دورنا تجاه فئة واسعة من أفراد تكويننا الاجتماعي .. والذين هم بأمس الحاجة إلى رعايتنا وتوجيهاتنا .. إنهم فئة الطلاب .. خاصة ونحن نعيش هذه الأيام أجواء امتحانات نهاية العام الدراسي لمختلف المراحل الدراسية.. فالجو التقليدي المعروف في مثل ذلك .. أن نعلن حالة من حضر التجوال والاستنفار بصورة استثنائية لاعتقادنا أننا بذلك سنوفر للطالب جوا دراسيا يمكنه من اجتياز هذه المرحلة من حياته بكل همة .. متناسين أن إثارة جو التوتر هذا قد يخلق لديه رد فعل عكسي وفوريا غير مبررة قد تلازمه .. بالرغم من قناعاتنا بهذا النهج .. إلا أننا نعيد المأساة كل عام مع ذات الضحايا أو إخوان لهم مؤكدين نهجنا التقليدي إزاء ذلك .. والذي نكرره كل عام .. فكيف إذا كان صاحبنا طالبا بالثانوية العامة ... فيا للمأساة .. فالبروتوكولات العائلية المعروفة تقتضي في مثل ذلك أن تضطر الأسر الأردنية إلى اتخاذ إجراءات مشددة وصارمة في عملية احترازية شبيهة بالحكم على أبنائها بالحبس التحفظي.. متناسين أن ذلك قد يخلق في نفسه قلق الامتحان والرعب والتوتر الشديد لدرجة أن ورقة الامتحان سيراها بعضهم في أحلامه كل ليلة بالرغم من أنهم قد راجعوا دروسهم جيدا ولكن تبقى هذه الفوبيا ملازمة لشخصياتهم .
دعونا نتحدث عن ضرورة إيجاد حلول منطقية علنا نجد ما يساعدنا في الخروج من هذا الكابوس المرعب المتمثل بسيمفونية الامتحانات التي تعزف ألحانها على أوتار توترنا والتي يعاني منها جميع الأطراف.. فالامتحانات هي من أهم الموضوعات الحساسة التي تشغل الجميع والتي تقود الجميع إلى التخبط في دوامة الخوف والقلق .
فالتوتر لدى طلبتنا.. حقيقة موجودة لا احد ينكرها !! فهل ذلك ناتج عن قلة إدراكهم واستيعابهم للمواد الدراسية المحشوة أم إهمالهم للدراسة .. أم أن معظمهم لا يراجعون دروسهم المتراكمة إلا في الفترة التي تسبق الامتحان أو حتى في ليلة الامتحان ؟ حيث أن ذلك غير كافٍ للتحضير لما ينتظرهم صباح اليوم التالي من أسئلة قد يتخبطون خلال الإجابة عليها!!
دعونا نتحدث أيضا عن المدرسة ونتساءل : عن دور الإدارة المدرسية للإعداد للامتحانات؟ وما هي العقبات والمعيقات الفنية التي ما زالت تعترض عملهم خاصة عند تناقل العلامات والدرجات بالأسلوب التقليدي المستهلك في الرصد والجمع و... الخ .. وما الإجراءات التي تحول دون عمل المربين التربويين من أجل الارتقاء بعملهم ومنها منظومة الامتحانات بأكملها التي باتت بالية وقديمة ؟ بالرغم من انتهاجنا سياسات تربوية الكترونية معصرنة تساعد على ارتقاء عملنا نحو المزيد من الدقة والسرعة !! وهل يواجه المعلمون ضغوطاً من أولياء الأمور فيما يخص تقديرات أبنائهم ودرجاتهم ؟
أم نستفسر عن الأسباب التي تقف وراء تدني مستويات طلابنا الاستيعابية.. والتي تؤثر سلباً على نسبة النجاح العامة وخاصة في مدارسنا الحكومية؟؟
دعونا نتصارح بما لنا وما علينا .. ونلقي نظرة منصفة على آلية توزيع العلامات في المادة الدراسية الواحدة على مدار العام الدراسي !! وهل ذلك له تأثير سلبي أيضا.. لنرى أن النسبة الأعلى من الدرجات تمنح لقياس مستوى تحصيل الطالب في الامتحان الكتابي .. معتمدة في ذلك على قياس مستواه في الحفظ والتذكر .. فيما تعطي نشاطات الطالب الأخرى وأدائه بعضا من تلك الدرجات وبنسب ضئيلة .. فلنعترف أننا ما زلنا نعاني من عدم قناعة البعض من الزملاء المعلمين بالآليات الجديدة التي تعتمد اعتمادا كبيرة على أداء الطالب فيصرون على قياس قدرات الطالب من خلال الامتحان الكتابي في فترة تقيمه الأدائي وذلك حقيقة معروفة دون مراقبة أو توجيه من الإشراف والإدارة ذلك ما يعرض بعض الطلبة لعدم الاستمرار في التحصيل والتطور في سلم التعليم.. حيث ما زلنا بحاجة لثقافة تضرب بعمق مجتمع المعلمين لتؤكد ذلك .. فأين أنت يا سيد بلوم وأين هو سلمك المعرفي .. وأين هي الأهداف التي تؤكد النتائج العقلية المتوقعة في التعلم والتي يجب أن تتعامل مع العمليات العقلية بمختلف مستوياتها .
أما فيما يتعلق بالضغوط التي ترهق الزملاء في الإدارات المدرسية وكذلك المعلمين فهم يتعرضون بشكل عام لضغوط مختلفة من قبل أولياء الأمور بشأن التقديرات ورصد الدرجات والتقييمات فلا يستفيق ولي أمر الطالب طوال العام إلا حين يجد ابنه قد اخفق في علاماته بالرغم من الاستدعاء المتكرر له على مدار العام الدراسي ولكن !! دون أي تجاوب .. فالمعلم الناجح يكون لديه الإجابة الشافية في هذا الموضوع عندما يكون متابعا جيدا عبر وسائل الاتصال المتاحة مع أولياء الأمور .. والمدرسة الناجحة أيضاً هي التي تقوم باستمرار باستدعائهم لإقامة لقاءات حوارية قبل الامتحان لتوعيتهم بمواطن القصور عند أبنائهم ليرسموا صورة مسبقة عن مستويات أبنائهم التعليمية .. فلا يصدموا بتحصيل متدنٍ واضعين اللوم على المدرسة .. ولكن الكثير منهم قد أخذتهم مشاغلهم عن تلبية دعوات المدرسة فضاع الطالب وضاع أملهم وطموحهم فيه ·
أما الضغوطات الفنية والمهنية المتكدسة على المعلمين فحدث ولا حرج .. لعل أهمها يكمن في الأعباء الوظيفية الملقاة عليهم .. فالمطلوب منهم إضافة إلى نصابهم الكبير من الحصص مسايرة دقيقة لخططهم السنوية واليومية ناهيك عن التماشي مع استراتيجيات التحضير المتغيرة بسرعة البرق .. إضافة لوضع أسئلة قياسية كتابية مع إجاباتها النموذجية ومتابعة تصحيح أوراق الامتحان ورصد العلامات وتثبيتها على كل من الدفاتر الكتابية الخاصة بعلامات الطلبة ورصدها أيضا على منظومة التعليم الالكتروني ليتسنى للجميع متابعتها .. ويا لدور مربي الصف الذي يهرب منه الجميع !! للعبء الكبير الملقى على كاهله من متابعة طلابه وحاجاتهم وسلوكياتهم وحضورهم وغيابهم إضافة إلى رصد لعلاماتهم وإعداد جداول علاماتهم الكتابية السنوية المرهقة التي تأخذ من وقته وجهده الكثير بالرغم من توفر البديل الالكتروني لإعداد الجداول الكترونية السريعة في منتهى الدقة والثبات .كذلك التكليفات الرسمية التي يكلف بها المعلم من قبل إدارة المدرسة والمتعلقة بالمناوبات والنشاطات وال...الخ
ذلك يدفع البعض إلى الاعتقاد أن مسؤولياته جسيمة .. كونه ارتضى أن يكون معلما مع ضرورة تقيده بالأنظمة والتعليمات التي أصبحت بضروراتها الملحة تثقل كاهله بشكل يرهقه جسديا ونفسيا كي يكون دقيقا وعمليا في عمله .. فكيف لنا أن ننتج منتجاً تعلمياً قادراً على الاستمرار في مسيرته التعليمة وشق طريق المستقبل .
ما أردت طرح هذا الموضوع بشكل يثير دافعية المعلمين أو يحرضهم لمزيد من الانتقادات لوزارتنا العتيدة ولكني أتحدث من واقع عمل تفرضه حالة نفسية يعيشها الزملاء في الميدان .. ليطلب منهم المزيد من العمل والإبداع والتمييز في الأداء المقنع .
أليس بمقدورنا العمل على مساعدتهم بإراحتهم من عناء الأعباء الكتابية والمكتبية ليتفرغ لمادته الدراسية ويطور ذاته أكاديميا في مجال تخصصه ؟
إ ن القيادة التربوية والتعليمية في وزارة التربية وفي الإدارة المدرسية يقلقها تدني مستوى الطلبة وخصوصا طلبة المرحلة الثانوية وهي في مساعيها المتواصلة لا تألو جهدا في تقديم معالجة صحيحة لوضع الطلبة التعليمي .. ومع ذلك لابد من تعاون أولياء الأمور مع المدرسة وتشجيع أبنائهم وحضهم على الدراسة والتفوق حتى تكون المعادلة متوازنة وتعطي نتائج إيجابية تعود بالفائدة على الطالب وأسرته وأفراد مجتمعه وتكون النتيجة مثمرة وخيرة للصالح العام ·
ولعي احمّل بعضا من أولياء أمور الطلبة مسؤولية تدني مستويات أبنائهم التعليمية إضافة إلى الدور الريادي لمدير المدرسة ومساعديه لذلك فإن المعالجة الصحيحة تتطلب من الإدارة المدرسية استبدال الدروس الخصوصية بدروس تقوية وتكثيف المراقبة على المعلمين ومتابعتهم داخل الصفوف ومكافأة كل جدير بالمكافأة ومحاسبة كل مقصر بعمله وبعدم تعاونه.. .. فلابد من متابعة أولياء الأمور لنتائج امتحانات أبنائهم الفصلية مع الإدارة المدرسية أو مع المعلمين واستشارة المرشد بشكل مباشر إضافة أن هناك تماديا وإخفاقا من قبل الأهل في الانصياع لرغبات الأبناء في توفير بعض الحاجات غير الضرورية والتي قد تستخدم بشكل خاطئ يزيد من تراجع مستوياتهم الدراسية فذلك يتحمل مسؤولية تفاقمه ووجوده هم أنفسهم .. كأن يكون الجهاز الخلوي الخاص به من أحدث الموديلات لا بل إنني رصدت بعضهم يحمل أكثر من جهاز وغير ذلك من التقنيات الحديثة التي نشاهدها هذه الأيام·
فأين هو اهتمام الأهل بأبنائهم وتشجيعهم وتوجيههم بشكل صحيح ليعرفوا الطريق الصحيح وأين هو صالحهم؟
وفقنا الله جميعا لما فيه سواء السبيل .. وحمى الله أبناءنا الطلبة من كل سوء .. متمنين لهم مستقبلا زاهرا
مع تحياتي
الكاتب : فيصل تايه
البريد الالكتروني : Fsltyh@yahoo.com