أهمية الحق في حياتنا

.
..الحق. هو السطر الأول في خارطة الحياة الإنسانية .
وما الحياة سوى نتيجة لتصرفاتنا الصائبة. ، أو الخاطئة . وتبرز أمام الانسان خيارات .
ما الذي أفعله ؟
وما الذي ﻻ أفعله،؟
ما الغاية التي أريدها ؟
ما الخيارات المتاحة لي لتحقيق هذه الغاية ؟
ما النتائج المتوقعة ؟
ما المخاطر المتوقعة. ؟

( الحق ) ما هو موجود بذاته يعبر عن نفسه بنفسه أي انه لا يعتمد على الشكوك وتخيلاتها وﻻ على أباطيل اﻻفك وتبريراتها اضطرارا قام عليه البرهان بواقع الحال؛ فان واجهه الشك خرس ، وان قابله الافك بهت .
وأول ما تشهد به العقول ( بأن الحق وجود الله الموجد لكل موجود )
و عكس الحق الباطل الذي هو ظل زائل ومحال حائل ﻻ وجود له على الواقع إنما ينبع عن طريق تخيل الإنسان له ؛ فتعامل الإنسان على الحق هو إن يؤمن به ويصدقه سواء رغب بذلك أو لم يرغب ويبينه للآخرين فإن قبلوا به فذلك، وإن رفضوه فالخسارة عليهم،
و الحق يظهر وان قل أنصاره ، والباطل يزهق وان كثر أنصاره .
(( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ..))
الحق لا يتغير من شخص إلى شخص ، أو من زمان إلى زمان أو من مكان إلى مكان، ولكن قد يكون أشد ظهورا في عقول أهل الصلاح والرشاد منه عند أهل الغي والفساد ، وقد تختفي كثير من الحقائق لغياب العقلانية الراشدة ولطغيان الخرافة ، والأمثلة الواضحة على ذلك من خلال ما أكتشفه العلم من قوانين الطبيعة مثل قانون الحركة والطاقة والجاذبية وغيرها كانت موجودة قبل أن يكتشفها الإنسان وقد تستمر الكثير من هذه الحقائق التى لا يجادل الإنسان فيها .
وأما الباطل فهو تخيل وجود شيئا ما أو تأثيره مع أن الواقع يدحض ذلك ، كذلك الباطل يتغير من شخص إلى شخص ومن أمة إلى أمة ومن مكان إلى مكان , ومن الأمثلة على ذلك كشخص في داخل كهف يرى على حائط الكهف ظل أشكال مختلفة لا يعرف حقيقتها بل يتخيلها صور أشياء بحسب هواه ، فاذا طالبه العقل ببرهان الواقع والحق، وجدها خارج الكهف بواقع حقيقتها مختلفة حسا ومعنى ، وكذلك أبو الباطل لو خرج من كهف غيه وغوايتها لشاهد الأشياء على حقيقتها،

وأوضح مثال تخيل أهل الاعتقاد بقوة البشر أنهم يختلفون عن البشر الحاليين بالطول أو العرض أو الصفات ، أو ادعاء بعض المتألهين أنهم جاءوا نتيجة توالد الشمس والقمر ، أو تأثير حركه النجوم .
لقد ميز الله تعالى الإنسان عن الحيوان بالعقل، وﻻن الحيوان ليس لديه عقل ، فبالتالي ليس لديه خيارات متعددة بعكس الإنسان الذي لديه عدة خيارات متعددة ، لكن هذا بحد ذاته لا يجعله دائما يختار الأفضل فقد ﻻ يوفق باختيار الأفضل أوﻻ يختاره أصلا ، والأسوأ من ذلك حين يختار السييئ على الحسن ، ومن أصعب الأمور حين تكون الخيارات محدودة أو يبرز أمامه خيارات كلها باطلة , ومن هنا تتميز الشخصيات والقدرات, ويتوقف صواب اختيار أي فرد منا بحسب ما يمتلكه من عقل ومنطق ومعرفة وخلق كريم ،
ومن يختار الباطل على الحق.
فانه يضر نفسه قبل غيره . ويضر غيره .ليس كما يظن البعض أن ذلك من أجل الله فالله جل جلاله
لا يضره شيء ، فمن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فان الله غني حميد..
يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم .
فالباطل مغالطة للننفس وخداع وتضليل للأخرين حتى اذا جاءه لم يجده شيئا
ومن هنا تبز أهمية الحق .
** أهمية الحق :
ببساطة يمكننا. القول :
، أن الحياة تأتي بنتائج للمواقف الصائبة أو للمواقف الخاطئة . فإن إعطاء شخص مقدار خاطئ من الدواء قد يقتله؛ إن القيام باتخاذ قرارات خاطئة يمكن أن تؤدي بحكومة إلى الإفلاس , أو بشريكة الى الإفلاس أو بعائلة إلى الإفلاس ؛ إن ركوب مركبة أو طائرة باتجاه خطأ سيأخذك إلى مكان قد لا تود الذهاب إليه؛ واختيار شريك حياة غير أمين يمكن أن تكون نتيجته تدمير العائلة بل وربما الإصابة بالأمراض.، وسواقة السيارة بسرعة جنونية قد تؤدي إلى حادث مؤلم أو الوفاة ، و تناول والمخدرات ، وما شابهها ، والإقدام على الجريمة .... وكثير من مثل هذه التصرفات الغير صائبة وﻻ حقة , لها نتائج ضارة وغير مرضية .
ورغم معرفة الإنسان بضررها و بعدم صوابها اﻻ انه يفعلها .
العقل مفيد والمعرفة مفيدة ولكن الإنسان إما أن يستخدم عقله وإما لا يستخدمه فيعطله ويكون كالأنعام بل هو أضل، أو أنه يستخدمه بغير الحق فيضر نفسه ويضر الآخرين ، ونفس الشيء يقال فيما هو حق وفيما هو باطل ، فرغم علمه المسبق بالحق قد تطوع له نفسه ان يختار الباطل ، وحين ﻻ يراعي هذا الجانب فقد يصل إلى ارتكاب أكبر الجرائم وأخطرها وهي قتل النفس كما فعل قابيل بأخيه هابيل حين طوعت له نفسه قتل أخيه . وهذه أهم المشكلات للانسان رغبته أخذ ماليس له.
ﻻ شك إن من أهم ما يسعى إليه أهل العقول هو تمييز ألحق من الباطل والتحيز إلى الحق ضد الباطل , وما لم يتم نصرة الحق والعمل على إظهاره وكشفه وبالأخص إن التبس به الباطل , إذ لا قيمة لحق ﻻ يعمل به , وبطبيعة الحال فان الصراع بين الحق والباطل قائم منذ أن خلق الله الخلق منذ نبأ أبنيي آدم إذ تقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر.

الحق طريق السعادة في الدنيا والآخرة .
ولأن السعي لتحقيق السعادة من أهم الحقوق الطبيعية للإنسان بعد حقه بالحياة، فان السعي إليها ممكن ومتاح من خلال تعرف الإنسان على ذاته أولا :
** التعرف على الذات .
يمكننا القول : أن الإنسان بداية ﻻ يستطيع أن يحيط علما بنفسه ﻻن ذلك من أصعب المهمات، ولكنه يستطيع أن يتعرف على نفسه ، من خلال تعرفه على مهاراته وقدراته وكلما أكتشف ذلك مبكرا كلما مكنه من النجاح وتحقيق ذاته ، فكل شخص منا له قدرات ومهارات لو تمكن من اكتشافها والاستفادة منها، وأحسن التصرف فيها واستغلالها لحقق فائدة له ولغيره ، وهو في هذه المرحلة من مراحل الرشد يحتاج إلى مساعدة أسرته في اكتشاف مواهبه وتطويرها، وتشجيعه .
حتى يظهر مواهبه وﻻ يكبتها ، وعلى المجتمع التعامل معه بايجابية ومساعدته ،
وهنا تبرز مشكلات معقدة تتسبب بظهور صراعات بسبب الفقر والجهل وغياب التنمية وبدلا أن يكون الشباب عامل خير وتنمية وإنتاج يتحولون إلى عالة على المجتمع وعلى الأسرة. ، وبدلا من استغلال مواهبهم، يحسدون غيرهم ويقفون ضد الراشدين منهم الذين استغلوا مواهبهم فلا يعترفون لهم بذلك، يحاولون التقليل من جهود غيرهم بالدعوى الباطلة أن عمل غيرهم غير مجد
، أو أنهم شركاء لهم بذلك التفوق ، وبدلا. ان يلوم نفسه بعدم الاستفادة من قدراته يلوم الآخرين ، ولأنه على باطل سيستخدم وسائل الباطل التي هي الكذب والبغي والظلم ،
ولأن المجتمع يحتقرونه سيستخدم الكبر والقوة لفرض نفسه عليهم وبالتالي لن يهتدي الى سبيل الحق قال تعالى :
(( سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146) )) من سورة الأعراف.
وأكبر مثال على اتباعهم سبيل الغي على سبيل الرشد ما حكاه الله عن قوم لوط
وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) هود
ولأن السعي الحسن والحق سمو وارتفاع والفاشلون ساقطون سيلجأؤن للتعريف عن ذواتهم من خلال الأفعال المجرمة وﻻ ما نع لديهم أن يسلكوا سبيل ألغي ويحملون السلاح وينضمون بصف أمراء الحروب والعصابات ، والإرهاب .
فالإنسان عدو نفسه بالمقام الأول ، والأعداء ﻻيستطيعون ضرره والوصول إليه اﻻ من خلاله وانحرافه عن الحق ولقد كانت أول خطيئة رغبة أبونا أدم أن ينال أكثر مما يستحق وإيثاره لنفسه بالخلود والملك قال تعالى: (18) وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) من سورة الأعراف . فكان فدوة لاولاده بالتوبة والاستغفار. بعد أن يتبين خطأه .
أما الحادثة الثانية فلم تكن خطيئة فقط بل وجريمة كبرى ومن أعظم الجرائم .
حين طوعت لقابيل نفسه الشريرة قتل أخيه البار هابيل ، فلم يقتل هابيل فقط بل وقتل الحق ، وقتل الحياة قال تعالى : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) من سورة المائدة.

الإنسان يتميز عن غيره من المخلوقات بما وهبه الله من علم ومشاعر وأحاسيس فبعد تعرفه على ذاته يحتاج إلى التعرف على محيطه من خلال ثلاث مكونات :
1 - الإله وهو الخالق سبحانه وتعالى :
2 - الإنسان والذي هو واحد منهم :
3 - والكون بما فيه من مخلوقات غير الإنسان
وعلاقته بهذه المكونات الثلاث
ثم يوازن إمكانيته مع متطلبات وقته ومكانه
من خلال النظر إلى
الماضي