مخاطر انضمام الاردن لمجلس التعاون الخليجي
مخاطر انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي
قام مجموعة من الأهل بالسفر إلى الديار المقدسة أواخر شهر أيار من العام الحالي ، لأداء مناسك العمرة وبعد عودتهم من السعودية ، قمت بزيارتهم للتهنئة بعودتهم سالمين من خطورة ومشقة السفر ، والمباركة بأداء مناسك العمرة وتمنياتي ودعائي لهم بأن تكون عمرتهم مقبولة عند الله عز وجل ، وفي سياق الحديث عن هذه الزيارة حدثنا الأقرباء عن قصة من قصص ألف ليلة وليلة حصلت معهم أثناء عودتهم وعند وصولهم الحدود الأردنية ، حيث تبين ان موظفي الجمرك كانوا ينتظرون الباص على أحر من الجمر ، وذلك بدا واضحا حين طلب موظفي الجمرك من الركاب أن يقوموا بتنزيل أمتعتهم من الباص ، وعندما انتهى الركاب من ذلك تبقى عدد من الحقائب والأكياس الكبيرة في الباص والتي أتضح فيما بعد أنها تعود لسائق الباص وعندما قام رجال الجمارك بفتحها تبين أنها تحتوي على ما يقارب ٢٥ كرتونة سجائر سعة ٢٠ كروز ، وكرتونتان من الأجهزة الخلوية الغالية الثمن ، و٢٥ جهاز play station من الماركات الغالية الثمن ، و٩٠٠ عباية ستاتية ، إضافة إلى ما يقارب ثلاثين قلن ديزل ،
هذا ما ذكر لي ولكني لن أخوض به أو بالمعاناة التي تعرض لها المعتمرين على النقطة الحدودية يالتفصيل ، حتى سمح للباص بالمغادرة بعد أن تم الحجز على المواد المهربة وعلى جوار سفر السائق الذي يظهر انه معتاد على التهريب وان له ملف حافل في هذا المجال .
هنا يبدأ التساؤل لو كان التهريب محصور في مادة المحروقات فقط ، نقول إن أي أردني يسافر في مركبته الخاصة في دول الخليج لا بد له أن يفكر في ملء خزان وقود سيارته حتى آخر قطره قبل دخوله الحدود الأردنية ، بحكم ان الأردن بلد مستورد للنفط وبحكم الفارق الكبير في أسعار المشتقات النفطية بين الأردن ودول الخليج ، والتي تبيع المشتقات النفطية لمواطنيها بأسعار زهيدة جدا ، أما أن يقوم كل من يأتي من أبناء الأردن من دول الخليج العربي سواء كان عاملا مغتربا أو حاجا أو معتمرا بإدخال ما هب ودب من المواد سواء كانت تلك المواد مواد تموينية أو ملابس صناعة محلية أو حتى مستورده أو سجائر أو عصائر أو منتجات صناعية غذائية خفيفة من البسكويت والشوكلاته أو الشبس أو غيرها من المنتجات الكثيرة ، فان ذلك يدل على أن تكلفة شراء هذه المواد من دول الخليج اقل بكثير من تكلفة شرائها من داخل الأردن ، خاصة بعد النقلة النوعية والتطور الذي حصل في دول الخليج وعلى رأسها السعودية بحكم حجم الطلب والاستهلاك ، وبالتالي فان الأردن لن يكون منافسا قويا لدول الخليج في هذه المنتجات في حال انضمامه لمجلس التعاون الخليجي ، لذا سيرتب ذلك عجز في ميزان الواردات والصادرات لصالح دول الخليج ، وبالتأكيد سيؤدي ذلك إلى تعثر وانتكاس كل الصناعات الأردنية ، وربما هروب جزء من راس المال العامل في الأردن للخارج للبحث عن استثمارات اخرى بديلة ، مع استثناء تصديرالمنتجات الزراعية التي ستكون لصالح الأردن بالتأكيد ، ولكن حتى هذا الجانب لوحده لن يكون قادرا على تعديل كفة ميزان الصادرات والواردات لصالح الأردن ، لاعتماد دول الخليج على مصادر مختلفة في تغطية حاجاتها من المنتجات الزراعية منها تركيا ولبنان وسورية ومصر، وهذه دول متقدمة في هذا المجال ،
ورغم انني لست متخصصا في الجانب الاقتصادي ، وجل خبرتي بعد إكمال الدراسة الجامعية تركزت في مجال التدقيق والرقابة المالية والإدارية إلا أنني اعتقد جازما بأن الانضمام لمجلس التعاون الخليجي لن يكون في صالح الأردن ، وسيلحق بالاقتصاد الأردني ضررا فادحا يعيد الأردن للوراء عدد من السنين ، ما لم تكن الأمور محسوبة بشكل دقيق وبرؤية ثاقبة تضمن حماية البنية الاقتصادية وحماية رؤوس الأموال العاملة في الأردن .
إن الفارق في تكلفة إنتاج كثير من السلع الأردنية يعود إلى الرسوم الجمركية المختلفة ، التي تتقاضاها الحكومة الأردنية على المواد الخام المستوردة وعلى كل مدخلات الإنتاج التي لا تتوفر داخل الأردن ، وبالتالي إذا أرادت الحكومة الأردنية أن تمكن الصناعات الأردنية من المنافسة في السوق الخليجي ، لا بد لها أن تلغي أو تقلل كثير من الرسوم الجمركية حتى تنخفض أسعار بيع المنتجات نتيجة لانخفاض تكاليف إنتاجها ،
لما سبق يتضح ان دخول الأردن في مجلس التعاون سيهدد البنية الاقتصادية والصناعات الأردنية ما لم يقدم للأردن ما يلي :-
1- تعويض دائم للحكومة الأردنية عن النقص في الإيرادات بسبب اضطرار الحكومة الأردنية لتخفيض كثير من الرسوم الجمركية على مدخلات الإنتاج .
2- بيع النفط للأردن بسعر تفضيلي للمساعدة في تخفيض تكاليف إنتاج الصناعات الأردنية المختلفة كون ارتفاع أسعار النفط عالميا سبب رئيسي في ارتفاع تكاليف الإنتاج في الأردن إضافة إلى الأسباب الأخرى .
3- فتح باب التوظيف للأردنيين من أصحاب الخبرات المختلفة سواء من المتقاعدين العسكريين أو الفنيين المهرة أو غيرهم من حملة الشهادات الجامعية العليا والاستفادة من خبرات الأردنيين المتنوعة.
4- زيادة حصة الأردن من المنتجات الزراعية التي تصدر لدول الخليج .