زيارة واشنطن وجولة عواصم القرار

تكتسب زيارة الملك الى واشنطن ولقاؤه مع الرئيس الامريكي ترامب اهمية قصوى استنادا الى تراتبية اللقاء كونه الاول مع زعيم من الشرق الاوسط ، وتحديدا اسبقية لقاء جلالته على لقاء رئيس وزراء الكيان الصهيوني مع الرئيس الاميركي الجديد . وقد فتحت صحيفة نيويورك تايمز هذا الباب رغم انحيازها الى الكيان الصهيوني تاريخيا.
الزيارة في توقيتها الراهن واجندتها المعلنة نجاح للديبلوماسية الاردنية دون شك فانها وبرنامجها الكثيف وما قبلها من زيارة الى موسكو ولندن قريبة الاهمية في الدلالة ويجب قراءتها بأبعادها الثلاثية، فقد كانت ضمن جولة ملكية الى عواصم القرار والنفوذ العالمي.
في الضلع الروسي من الجولة الملكية كانت البوادر تدعو الى التفاؤل بان هناك مقترحات واضحة لتفكيك الازمة السورية وتخفيض اضرارها على الجوار السوري ويبدو ان روسيا استجابت اخيرا لفكرة المناطق الامنة على الجانبين الاردني والتركي ويبقى الفضاء مفتوحا لباقي التوافقات الداخلية التي تصطدم بعقبة الدستور السوري الجديد الذي يسمح بقبول قسمة الكعكة السورية على ثلاثة بينما الواقع "الجيوسياسي” يؤكد ان سوريا لا تقبل القسمة الا على الجمهورية العربية السورية، كما يقول النظام السوري وحليفه الايراني الذي لا يتماهى مع المقترحات الروسية كما يبدو من القراءة السطحية.
عاصمة الضباب المحطة الملكية الثانية يبدو انها جاهزة لاي توافق بين موسكو وواشنطن، فهي ضلع مهم في المعادلة لكنها ليست رئيسة الا بمقدار تأثيرها على صانع القرار الامريكي اولا، وموانتها الاوروبية ثانيا.
زيارة واشنطن هي الضلع الثاني في الجولة الملكية وهي التي تحسم انتاج الحل او الاقتراب منه على المقلب السوري وقد اسهمت الرؤية الملكية في توسيع دائرة الحلول وتنويع الخيارات المطروحة وهذا ما كانت تفتقده الادارة الامريكية او ترفض الاستماع اليه في زمن الرئيس اوباما، الذي سعى الى مقايضة طهران بالاتفاق النووي على حساب النفوذ في المقلب السوري فخسر الرهانين معا خاصة مع الاستدارة التركية باتجاه موسكو ومشاريعها السياسية.
الدلالة التي تحتاج الى وقفة تفاؤل في الجولة الملكية وضلعها الامريكي هي المسألة الفلسطينية التي طواها الغياب في الربيع العربي ونجحت الحكومة اليمينية الصهيونية في استثمار هذا الغياب حد السعار الاستيطاني وانتظار انتقال كل السفارات الى القدس وليس السفارة الامريكية وحدها.
لقد تفهمت الادارة الاميركية رؤية الملك بضرورة الربط بين الحرب على الارهاب والقضية الفلسطينية، وان اجراءات الحكومة اليمينية الاستيطانية تدعم التطرف وتغذيه ، واذا ما نقلت الادارة الامريكية سفارتها الى القدس فان التطرف سيتحول الى ارهاب شامل مخلوط بحرج كامل للدول العربية والاسلامية المشاركة في الحرب على الارهاب واولها الاردن وقيادته الهاشمية التي اودع الفلسطينيون مقدساتهم امانة في عهدتهم . وقد نجح الملك في ايصال الرسالة بدليل التصريحات السريعة الصادرة عن اطقم في الادارة الامريكية هاجمت الاستيطان وعقلنت موضوع نقل السفارة حد ادخاله في ثلاجة القرارات المجمدة.
نتائج زيارة الملك الى واشنطن والتي تعتبر اختراقا للاسوار التي اقامها ترامب حول سياسته حيال المنطقة بتصريحاته المتعلقة بنقل السفارة الاميركية الى القدس المحتلة، ستكون واضحة بعد زيارة رئيس حكومة الكيان الصهيوني ومدى الضغط الامريكي على الحكومة اليمينية لوقف الاستيطان والشروع في تحريك المسارات السياسية، فقد عودتنا الادارات الامريكية الحديث بلغتين ولذلك ننتظر النتائج لزيارة لها اهميتها الخاصة ودلالتها الهامة لدور الاردن ووزنه النوعي في السياسة الدولية.