كيف تتخذ هيئة الأوراق المالية قراراتها؟

 

لم يعد هناك أدنى شك بأن المرجعية الحقيقية لقرارات وممارسات هيئة الأوراق المالية هي المصلحة الشخصية وليس حماية السوق والمستثمرين، وواقع السوق والحال الذي وصل إليها أكبر شاهد على ذلك.

 

أصدرت هيئة الأوراق المالية قرارا بتعليق اسهم شركة أموال إنفست عن التداول بتاريخ 11/5/2011 (كتاب رقم 11/1/1492)، يتساءل المساهمون ما هي المنفعة التي جنتها الشركة أو المساهمون من تعليق التداول بأسهم شركة أموال انفست؟ وكيف تم اتخاذ هذا القرار؟ وما هو اللغز في توقيع اتخاذه؟

 تعليق التداول بأسهم شركة أموال إنفست في البورصة كان استنادا إلى المادة (19) من قانون الأوراق المالية والتي تنص على: (إذا تبين للمجلس، ولاسباب مبررة، ان حماية المستثمرين تقتضي اتخاذ تدبير فوري فله، وللمدة التي يراها مناسبة، اتخاذ تدبير او اكثر من التدابير التالية: 1. وقف او تعليق اي نشاط يتعلق بالأوراق المالية او بورقة مالية معينة).


من حقنا كمساهمين في الشركة وقد أصابنا الضرر على مدى شهور عديدة تدهور فيها سعر السهم حتى وصل 17 قرش لم تقم خلالها الهيئة بأي إجراء لحماية حقوق المساهمين ولم تقدم أي إفصاح يبين أن هناك أسباب جوهرية لهبوط سعر السهم. فأين كانت هيئة الأوراق المالية كل ذلك الوقت؟

 

من حقنا كمساهمين في الشركة أن نعرف سبب التعليق، إن كان هناك (أسباب مبررة) – وفق نص المادة 19 من قانون الأوراق المالية، فلماذا لم يتم الافصاح عن هذه الأسباب المبررة للمساهمين حتى هذه اللحظة؟ أم أنها في قلب معالي بسام الساكت ولا يستطيع الافصاح عنها إلا أمام القضاء؟

 

ولن يعود السهم إلى التداول إلإ إذا زال السبب وفق المادة (13) من تعليمات إدراج الأوراق المالية، فمتى يعرف في الأردن متى يمكن زوال هذا السبب الكامن في قلب معالي بسام الساكت؟ تعليق السهم عن التدوال هو نوع من الحجز على أموال المساهمين. كيف للمساهم المتضرر معرفة زوال أسباب التعليق طالما الهيئة نفسها لا تلتزم بمبدأ الإفصاح والشفافية من خلال إخفاء معلومات تهم كل مساهم بالشركة؟ حيث أن المادة 13 من تعليمات ادراج الاوراق المالية تشير إلى أن إعادة اسهم الشركة الى التداول يكون بزوال السبب.


إذا كان سبب تعليق
اسهم الشركة عن التداول بنظر مجلس مفوضي هيئة الأوراق المالية هو الخسائر الفادحة، فقد تم الإعلان عن الخسائر الفادحة من قبل إدارة الشركة بتاريخ 14/2/2011 وتم نشر ذلك بموقع بورصة عمان بتاريخ 17/2/2011، وبالتالي لا يمكن أن تكون الخسائر الفادحة هي سبب تعليق السهم عن التداول وإلا كان من المفترض أن يتم الإجراء منذ شهر شباط 2011 وليس بشهر أيار 2011 ، وإذا كان السبب أن ما تم الإعلان عنه خلال شهر شباط 2011 هو البيانات الأولية وليست النهائية المدققة وأن تعليق السهم كان بعد الإفصاح عن القوائم المالية المدققة فنقول بأن الإفصاح عنها كان بتاريخ 31/3/2011 ولا يمكن الانتظار لمدة ستة أسابيع حتى يتم تعليق السهم بسببها، ولو فرضنا جدلاً بأن هذا هو سبب التعليق فهذا يستوجب تعليق أسهم عشرات الشركات المدرجة في بورصة عمان وهذا لم يحصل، إذن الخسائر الفادحة مستبعدة.

 

إذا كان سبب تعليق اسهم الشركة عن التداول هو التجاوزات والمخالفات وسوء الإدارة في الشركة، فإن كانت هناك تجاوزات ومخالفات وأخطاء من قبل إدارة الشركة سواء بما يتعلق بالتداولات المشبوهة أو بقوائمها المالية فهذا لا يمكن أن يكون سبباً مبرراً لتعليق السهم عن التداول، لأنه من المفترض بهيئة الأوراق المالية إذا كانت حقا تريد حماية حقوق المساهمين أن تتخذ إجراءات تمنع إدارة الشركة من تضييع المزيد من حقوق المساهمين وذلك بالمحافظة على ما تبقى من موجودات للشركة وليس تعليق السهم عن التداول، فمثلا: قامت إدارة الشركة (بعد قرار ايقاف أسهم الشركة عن التداول) ببيع أسهم من محفظتها المالية وبخسارة كبيرة جداً ومنها أسهم المجموعة العربية الأردنية للتأمين (ARGR) :


بتاريخ 12/5/2011 باعت الشركة 26055 سهم
بتاريخ 15/5/2011 باعت الشركة 12000 سهم
بتاريخ 17/5/2011 باعت الشركة 1500 سهم
بتاريخ 24/5/2011 باعت الشركة 18601 سهم
بتاريخ 26/5/2011 باعت الشركة 33000 سهم

 

إذن تعليق السهم عن التداول لم يكن الاجراء المناسب ولا إجراء كافي يحافظ على حقوق المساهمين ويحميهم وبالتالي لم يتحقق الهدف من تعليق السهم عن التداول، ولذلك التجاوزات والمخالفات والأخطاء الإدارية لا زالت موجودة.

 

إذا كان سبب تعليق اسهم الشركة عن التداول هو وجود لجنة التدقيق الخارجي، فما هي العلاقة بين تعليق السهم عن التداول وبين عمل أي لجنة تدقيق خارجية، وبالتالي هذا السبب مستبعد. وإذا فرضنا جدلاً بأن مؤشرات التدقيق الأولية تشير إلى وجود مخالفات وتجاوزات جسيمة وهي السبب في تعليق السهم عن التداول، فمن حقنا كمساهمين أن نسأل عن إجراءات الهيئة التي تمت اتخاذها بحق من ارتكب هذه المخالفات والتجاوزات.


إذا كان سبب تعليق
اسهم الشركة عن التداول هو إفصاحات الشركة الكاذبة، فإذا كان سبب تعليق السهم عن التداول هو الإفصاح بمصدقة كاذبة ومضللة كما حصل بتاريخ 10/5/2011، فهذا مرفوض تماماً لأنه من المفترض إيقاع العقوبة على مرتكب هذا الفعل شخصياً وليس فقط بتعليق أسهم الشركة عن التداول.


إذا كان سبب تعليق
اسهم الشركة عن التداول هو هبوط السعر السوقي للسهم، فإذا كانت هيئة الأوراق المالية تقصد من وراء تعليق السهم عن التداول حماية للمساهمين ومدخراتهم خوفاً من هبوط السعر السوقي للسهم، سيكون هذا الأمر بمثابة فتح أبواب كثيرة جداً لن تستطيع الهيئة بكامل كادرها إغلاقها، خاصة أن السهم كان بحالة ارتفاع وليس هبوط عند تعليقه عن التداول. وحتى وإن كان على هبوط فلماذا لم تعلق الهيئة السهم عن التداول من تاريخ 3/8/2008 عندما وصل سعره 3.45 دينار ليهبط السهم بعد ذلك هبوطاً حراً مستمراً حتى وصل الى 17 قرش؟ هل هذا يعني أن الهيئة لم تكن تقوم بواجبها في حماية المساهمين خلال الفترة السابقة والآن فقط بدأت بحماية المساهمين فقط من خلال تعليق السهم عن التداول؟

 

نحن ندرك أن هناك مخالفات مالية وإدارية كبرى في الشركة، فإذا كان هدف هيئة الأوراق المالية هو حماية حقوق المساهمين كما تشير المادة 19 من قانون الأوراق المالية، فإن قرار إيقاف السهم عن التداول لم يحقق هذه الغاية وكان الأولى أن يتم التحفظ على موجودات الشركة وعلى الأسهم التي في محفظة الشركة والتي لا تزال إدارة الشركة تبيعها بخسائر فادحة. فلو رافق قرار إيقاف السهم عن التداول أي اجراء آخر يحفظ موجودات الشركة لكان ذلك قرارا مقبولا.

 

لأن الجهات الرقابية لم تقم بأي إجراء لحماية حقوقهم وكل ما حدث هو إيقاف أسهم الشركة عن التداول فقط وهذا لم يحقق الغاية المطلوبة، فقد فهم المساهمون أن قرار ايقاف أسهم الشركة عن التداول جاء عقوبة لهم لأنهم لم يصادقوا على القوائم المالية ولم يتم ابراء ذمة مجلس إدارة الشركة في اجتماع الهيئة العامة. فقد طلب أحد أعضاء مجلس إدارة الشركة من ستة أعضاء من اللجنة التنسيقية للمساهمين أن لم يغيروا تصويتهم في اجتماع الهيئة العامة من (عدم الموافقة) إلى (موافقة) وإلا سيتم ايقاف السهم عن التداول وهذا ما حدث خلال اقل من (48) ساعة، بالإضافة إلى أنه في اجتماع أحد أعضاء مجلس إدارة الشركة مع ستة من أعضاء اللجنة التنسيقية للمساهمين قال أنه إذا استمر سعر السهم بالارتفاع ووصل الأربعينيات، فلن يكون لصالحهم تملك السهم عند ذلك السعر. فعدم وجود وضوح وشفافية في اتخاذ القرارات لدى الجهات الرقابية أدى عدم ثقتهم بها وإلى تزايد غضب المساهمين.

 

نعتقد بأن قرار ايقاف اسهم الشركة عن التداول لم يحقق الغاية التي أعلن عنها وهي حماية حقوق المستثمرين، بل على العكس فقد ألحق بهم أضرارا عديدة، وذلك للأسباب التالية:

·        إذا كان الهدف هو حماية حقوق المساهمين فحماية الحقوق يكون بالمحافظة على أصول وموجودات الشركة وليس فقط بإيقاف أسهم الشركة عن التداول.

·        قرار الإيقاف يخالف نص القانون الذي استند إليه، حيث تنص المادة على وجود "أسباب مبررة" لإيقاف السهم عن التداول، والقرار لم يفصح عن أي سبب سواء مبرر أو غير مبرر.

·        قرار ايقاف اسهم الشركة عن التداول يخالف نص القانون الذي استند إليه، حيث ينص القانون على أن حماية المستثمرين تقتضي اتخاذ تدبير فوري، وأشارت المادة إلى جملة من التدابير لم يتخذ أي منها سوى وقف السهم عن التداول علما بأنه كان من الأولى تعليق أعمال إدارة الشركة بدلا من تعليق اسهم الشركة عن التداول، لأنه إن كان هناك (أمور ضبابية) كما أشارت الهيئة فهي ناتجة عن أنشطة إدارة الشركة وليس من المساهمين.

·        إن كان هناك سوء إدارة في الشركة فهذا يتطلب التحفظ على الأسهم الموجودة في محفظة الشركة وأسهم أصحاب العلاقة الذين لهم علاقة بالمخالفات وليس فقط بوقف أسهم الشركة عن التداول.

ليس هناك أدنى شك بأن هيئة الأوراق المالية بعدم قيامها بحماية السوق وحماية المستثمرين بإجراءاتها التعسفية والاستهتار بالقوانين والتعليمات؛ بأن الضرر من وجودها اليوم أصبح أكبر من نفعها، إن كان من وجودها أدنى منفعة!