آل الأحمر ينتصرون للجمهورية الثانية
لم يأخذ آل الأحمر المشيخة منحة من الرئيس علي عبدالله صالح. ولم يكن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر زعيما قبليا حوّل الدولة إلى مضارب. على العكس شكّل، وأنجاله من بعده أنموذجا عمليا لتطور القوى التقليدية لصالح الحديثة. ولو كان صالح وفيا لقبيلة حاشد التي أوصلته إلى الزعامة، لقبل بما قبلت به من نقلة باتجاه الدولة الحديثة استجابة لثورة شباب اليمن.
صالح على رأي باحث يمني، جسد "العائلية"، وهي أرقى مراحل "العشائرية"، جريا على مقولة الإمبريالية أرقى مراحل الرأسمالية. لم تعد المصالح موزعة على قبيلة مليونية، بل على عائلة من الأب والابن ومن التصق بهم من الدرجة الأولى. ولذا اصطدم بقبيلته حاشد وبيت المشيخة فيها قبل أن يصطدم بشباب اليمن والقوى الحزبية الحديثة.
على خطى الأولى يمضي آل الأحمر، يترسمون نهج أبيهم الشيخ الثائر، فقد ضحى في سبيل الجمهورية الأولى بوالده وشقيقه حميد اللذين أعدمهما الإمام. وكان أبو الأحرار الشاعر الشهيد محمد محمود الزبيري يقول إنه يفزع عندما يتخيل غياب الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، فهو يمثل القوة المادية والأخلاقية القادرة على حماية الجمهورية في حينها.
عندما يقف أبناء الشيخ مع ثورة الشباب، يضحون بمصالحهم الشخصية والقبلية الضيقة، لكنهم يكسبون يمن الغد. من المريح لهم أن يبقوا في حلف الرئيس الذي يستعد لشراء ولائهم بالملايين، تماما كما كان بإمكان والدهم وجدّهم أن يحافظا على مصالحهما مع الإمام من قبل، ولكنهما اختارا الصعب، في شجاعة لا تستغرب منهم.
حتى بعد ارتكاب "العيب الأسود" من خلال قصف بيت الشيخ بوجود الوسطاء، أصر شيوخ القبائل على سلمية الثورة. ومقابل صبرهم ورشدهم وتضحيتهم يتمادى صالح في غيه، ويحاول جر البلاد لحرب أهلية.
لن ينجح مسعى صالح، فهو معزول في عشيرته حاشد، وحتى في أسرته عندما انشق زوج ابنته عنه، وفي إقليمه، وفي العالم. وسيقدم اليمن أنموذجا للعالم العربي كيف تكون القوة التقليدية في خدمة التقدم. ويمكن هنا المقارنة بين دور شيوخ قبائل اليمن في الثورة، والدور السلبي لشيوخ الطوائف في لبنان والعراق الذين يقفون سدا منيعا في وجه أي محاولة للتقدم باتجاه الدولة المدنية.
اليمن على أبواب الجمهورية الثانية. وصالح لم يحفظ لنفسه باب خروج كريم، والله يستر من حماقاته في وبعد الساعة الأخيرة.