المتقاعدون العسكريون العداله الغائبه
نعم العداله غائبه او على الاغلب مغيبه في ما يختص بفئة المتقاعدين العسكريين تلك الفئه التي افنت زهرة شبابها وضحت بالغالي والنفيس وتحملت مشاق العمل وصعوباته وبرد الشتاء وحر الصيف والبعد عن الاهل والعائله لايام وهي ترابط على حدود الوطن تحفظ امنه واستقراره وتدافع عن ازدهاره واستقلاله والنتيجه للاسف وضعهم على رف النسيان واهمالهم بطريقه عجيبه الا من رحم ربي من له سندا وظهرا او علاقة بمسؤول ليعطى منصبا حكوميا اما محافظ او مستشارا في دائرة حكوميه.
المشكله في الامر ان المتقاعد العسكري وخاصة من وصل منهم الى رتب عليا عقيد وعميد ولواء يكون ذلك الشخص قد استهلك تماما اثناء الخدمه العسكرية من التعب والمسؤوليه والسهر الطويل احيانا وبالتالي لن يكون قادرا على العمل في القطاع الخاص او حتى انشاء عمل خاص به حيث يبدأ المرحلة ما قبل النهائي في حياته وهي المراجعه للمستشفيات للعلاج بسبب وضعه الصحي فكثيرا منهم يعانون من ارتفاع ضغط الدم والسكري والام الظهر وغيرها من الامراض الناتجه عن العمل العسكري لست ابالغ بهذا ولكنه واقع موجود ومحسوس .
حتى لو اراد المتقاعد العسكري العمل في القطاع الخاص وهو مضطرا لذلك بسبب تدني الرواتب التقاعديه وزيادة في مسؤوليات البيت ومصروف الاولاد وتكاليف المعيشه العاليه وانا هنا اتحدث عن الرتب الكبيره
فهو يواجه موقفا معقدا ومن الصعب التأقلم معه بسبب طبيعته العسكرية وخاصة من امضى مدة تزيد على خمس وعشرون عاما في الخدمه ووصل الى اعلى الرتب واعلى المناصب القيادية فهذا الموقف الصعب يتمثل بعدة نقاط اهمها عدم قدرته على التأقلم بظروف العمل الجديده لاختلاف نظام العمل واساليبه بين الحياه المدنيه الغير منضبطه في كثير من الاحيان والحياه العسكريه الصارمه وايضا سيجد نفسه بين زملاء عمل جدد وكثيرا منهم اجيال اولاده باختلاف العقليه والتفكير وايضا ولو افترضنا جدلا ان هذا المتقاعد رضي بكل هذه التناقضات ووافق على الوظيفه فهل مجتمعنا الاردني سيوافق على ذلك وخاصة الاهل والاقرباء والمجتمع المحيط به الذي لن يتركه دون ان يسمعه بكل لحظه التعليقات الجارحه والمؤذيه ومنهم من يقول ذلك على سبيل الفكاهه ومنهم على سبيل التشفي به وبحاله فاذن فهو امام وضع سيء جدا لا يحسد عليه وهو ايضا امام قرار صعب في حياته اما ان يستمر في عمله دون الالتفاف الى كلام الناس للنهوض بمسؤوليات بيته او ان يترك العمل تحت ضغط المجتمع ليواجه حياة صعبه جدا ويضطر بعدها الى اللجؤ الى البنوك للاقتراض والدين ويبقى على هذا الوضع حتى يلاقي وجه ربه .
وبسبب هذا الوضع الصعب والحال المزريه للمتقاعدين العسكريين وخاصة من احيل الى التقاعد قبل شهر حزيران 2010 خرج هؤلاء عن صمتهم وبدأو حراكا اجتماعيا كبيرا للمطالبه بالعداله الغائبه والمغيبه ومساواتهم مع زملائهم الذين تقاعدوا بعد ذلك التاريخ حيث ان الرواتب التقاعديه قد زادت الى الضعف وخاصة الرتب الكبيره عقيد وعميد ولواء وايضا الرتب الصغيره فقد خرج هؤلاء عن المألوف فيما يتعلق بالمتقاعدين العسكريين المعروف عنهم الانضباطيه واخذوا بانشاء تكتلات وتجمعات والقيام بالاعتصامات والاضرابات ليس حبا بذلك ولكنها الوسيله الوحيده لايصال صوتهم الضعيف والغير مسموع الى اصحاب القرار لانه وببساطه الحكومات لدينا في الاردن لم تعد تسمع الا لمن علت اصواتهم وزاد شغبهم .
هل من المعقول يا دولة الرئيس وانت جندي سابق ان نشاهد هذه الفوارق الشاسعه بالرواتب التقاعديه بين الضباط وخاصة من هم من نفس الدوره ونفس سنوات الخدمه هذا ليس معقولا ابدا وسؤالي هل نحن نعيش في دولتين او تحت ظل حكومتين او انظمه مختلفه اما نحن في دوله واحده وحكومه واحده ونظام واحد فهل من المعقول كل هذا الاختلاف والفوارق الشاسعه نعم وضع يدعو للغرابه والاندهاش وسؤالي ايضا لتلك اللجنه التي اجتمعت وقررت هذا النظام الم تفكر ولو للحظه بزملائهم الذين تقاعدوا الم تلاحظ هذا الفارق الشاسع بين الرواتب الم يخطر في بال اعضائها الذين من المؤكد انهم قد فكروا بانفسهم فقط و بوضعهم ان قرارهم هذا قد وضع المتقاعدين العسكريين السابقين في وضع سيء وولد لديهم الاحباط والقهر .
ومع هذا كله يبدو ان الحكومات وكما يقولون اذن من طين واذن من عجين وكأن شيء لم يحدث وكأن هذه الفئه من المجتمع الاردني التي افنت حياتها وزهرة شبابها في خدمة الوطن والذين كانوا الامناء والذين لم تتلطخ ايديهم بفساد ونهب المال العام غير موجوده في المجتمع ومنسيه او وضعت على الرف النسيان .
كانوا جميعهم بانتظار القرار الحكومي باعادة هيكلة القطاع العام حيث كانت وعود رئيس الحكومه ان رواتب المتقاعدين العسكريين سوف تندرج تحت هذه الهيكله ولكن يبدو ان كل ذلك لا يتعدى ابر تخدير طويلة الامد او كما يقولون ضحك على اللحى حيث كانت المفاجأه المدويه ان الهيكله فقط تشمل الوظائف المدنيه فقط ولا تشمل المتقاعدين العسكريين فكانت هذه المفاجأه اشد قسوة وظلما من قرار تلك اللجنه المشؤومه.
الكل يتسائل اين العداله هل هي غائبه ام مغيبه بفعل فاعل وبقرار رسمي وهل سيبقى الحال على ما هو عليه دون تغيير او تعديل وهل ستبقى فئة المتقاعدين العسكريين في خانة النسيان وفي حالة ذل ومهانه والعوز الشديد وعدم القدره على الوفاء باحتياجات الاسره والمضحك المبكي انهم يقولون ان لديكم مؤسسة المتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامي لترعى شؤونكم وتوفر لكم حياة كريمه وفي واقع الامر انها لا تفعل شيء سوى خدمة مسؤوليها وليس لها تأثير على حياة المتقاعدين .
وفي النهاية ليس امام المتقاعدين سبيلا الا وضع معاناتهم وقهرهم واحباطهم امام جلالة الملك فهو الانسان الوحيد في الاردن القادر على اتخاذ القرار المناسب لتحسين ظروف اخوانه رفاق السلاح وانتشالهم من وضعهم السيء لتأمين حياة كريمه لهم ولاسرهم .