.. وذبحتونا

هناك خطأ يكاد يكون عاما في فهم مبرر او هدف المُشرّع من ضريبة المبيعات. وخطأ حكومي اكبر في التعامل معها.

- فهي ليست ضريبة مضافة، فالمواطن المستهلك لم يزد دخله سنويا بمعدل 16% ليدفع عنها، وانما الذي يزيد دخله هو: البنك وشركات الصناعة ومراكز التجارة.. والمستثمر المزارع الذي تقدم له الدولة المشروعات المائية، والطريق والمستشفى .. ومع ذلك فسكان الاغوار هم افقر الناس، لانهم ليسوا المنتجين المزارعين الحقيقيين.

إن على الذي زاد دخله فعلا دفع ضريبة الاستهلاك وهذا يهرب من الضريبة بتحميلها للمواطن المستهلك. وتتركه الحكومة ليهرب كليا منها.

لقد ضغطت شركات الفنادق في عمان والعقبة على الدولة باسم تشجيع السياحة، فخفضت ضريبة المبيعات عنها، مع ان الجميع يعرف ان القليل الذي تحصّل يدفعه السائح وهي لا تدفع شيئا. والفنادق مدينة ماديا مثلا لا سياح ينامون فيها، لذلك يدفعها مالكو الفنادق واهل البلد.

والخطأ العام الموجع هو الفهم الأسوأ لاشتراك صاحب العمل في دفع جزء من اشتراك عماله وموظفيه في الضمان الاجتماعي، ويشارك في التذمر بان ذلك «جباية» فاذا كانت مدرسة خاصة فانها تمتنع عن دفع راتب المعلم. خلال شهري العطلة الصيفية، مع انها تأخذ على الطفل الذي لم يبلغ الصف الاول الابتدائي رسوما تبلغ خمسة آلاف دينار.. وهي اكثر من رسوم اي جامعة حكومية.. فهل هذه المدارس تدفع فعلا حصتها من ضمان معلميها، وهذا قانون له صفة التميز؟!.

لو ان الفهم العام يفسر سبب دفع مساهمة صاحب العمل جاء بديلا لقانون تعويضات نهاية الخدمة: راتب شهر كل عام، اي انه استبدل قانوناً بقانون، وحمل العامل والموظف حصة اعتبرها المُشرّع نوعا من التوفير، فصاحب العمل يدفع للعامل والموظف لا شيء. ودليل النهب ان القانون سمح لاصحاب الشركات الافراد الاشتراك في الضمان، فاشترك براتب قدره خمسة عشر ألفاً في الشهر.. ونحسب القانون اخذ من الضمان تقاعد على هذا المبلغ المهول حتى انتبهت ادارة الضمان الدولة لا تضع يدها في جيب المواطن هكذا، وليست وظيفتها الجباية، فالدولة تنفق على التعليم المدرسي مع ان القانون يقف عند المرحلة المتوسطة الزاميا، والمرحلة الاخيرة مجانية، كدعم الخبز والكهرباء والماء وطبابة المجان للاطفال دون الخامسة والكبار بعد الستين، وعلينا ان نتذكر ان التعليم الجامعي يكاد يكون مجانيا للمتفوقين وللمستفيدين من المكرمات ويكفي انه يقدم لجمعية «ذبحتونا» فرصة تصوير الجامعات الرسمية بانها مسالخ، واهل الجمعية يدفعون على اطفالهم قبل الابتدائي آلاف الدنانير، وها هي الدولة تتورط اكثر بالتأمين الصحي الشامل المجاني، مع ان أوروبا واميركا لا شيء صحي مجاني اذا لم تدفع. وتتورط في اطعام اكثر من ثلاثة ملايين ونصف انسان خبزا مدعوما، وماء مدعوما، وكهرباء مدعومة.