عندما يتحدث الإمام

أخبار البلدجمال الشواهين

ليس معتادا ولا مسبوقا أن ينبري خطيب مسجد الى ما ذهب إليه أحمد هليل، فما البال وهو يمثل رمزية عنوانها الأساسي أنه إمام الحضرة الهاشمية وقاضي القضاة. وخطبة هليل الأخيرة لا تقبل اللبس لجهة أنها موجهة لدول الخليج ولم تخلُ من تحذير حكامها وهذا غير مسبوق أيضا من رسميين أردنيين، والتدقيق بما جاء فيها يظهر أكثر ما يكون طلب العون والدعم، فأي نوع من الدعم الذي قصده الإمام وفيما إذا هو الحاجة الى المال فقط أم أنه قصد أمورا أخرى.
 ثم لو أن الحاجة مالية فبأي اتجاه يريد صرفها، وهل يمكن فعلا حل مشكلة الدولة الاقتصادية عبر مساعدات مالية، ولو صدقنا الأمر فما علاقة التحذير بأن الدوائر ستدور على الجميع إن لم يتم الدعم، وما هي الدوائر التي يقصدها ويمكن أن تمنعها الأموال.
 التمعن قليلا بفحوى الخطبة يفضي الى أن الرجل لا يمكن أن يكون مبادرا أو مجتهدا، وإنه أراد طلب العون المالي وإنما أوحي إليه ليقول ما قال وهو المعروف عنه الأكثر ولاء وانضباطا في مجمل مسيرته، وما أورده رسالة سياسية واضحة، وهي إذ تأتي على لسان الإمام فإن في الخفاء ما يدور وقد أشار الى ما يتعرض له أهل السنة في العراق وقد تنتقل العدوى هنا وللخليج أيضا. وهو إذ يحذر من الفتنة والخروج الى الشارع إنما الأمر إشارة الى استغلال ذلك لانطلاق مشروع إعادة بناء هوية الدولة وحدودها أيضا.
 تزامنت الخطبة مع تنصيب ترامب، ومع قرب حوار أطراف الأزمة السورية، وفي الوقت الذي يبحث فيه نقل سفارة أمريكا الى القدس والتأكيد بجرأة غير معتادة من موقع رسمي أن اليهود المستفيد الأول من كل ما يجري، فضلا عن تصريح بشار الأسد أن درعا مشكلة أردنية، مقابله تصريح الملك أمام مسؤولين أن السيطرة متوفرة على الحدود الشمالية.
 يظل السؤال حائرا حول نوع الدعم الذي طلبه هليل من حكام دول الخليج والأكيد أنه ليس أموالا وحسب، كما أنه ليس بالضرورة سلاحا، والأكثر قربا للعقل هو أن تستخدم وزنها وعلاقاتها الدولية لعدم المساس بالأردن كما هو عليه الآن في أي مشروع يستعد له ترامب وبوتين والدوائر الصهيونية لحل القضية الفلسطينية وإنهاء الأزمة السورية الى جانب العراقية.