لا اهتمام نيابيا بـ"الموازنة"



قبل الانتخابات النيابية، أشبعنا المرشحون وعودا بالاهتمام بقضايا الوطن والشعب وحماية مصالح المواطنين، والتصدي للسياسات الحكومية التي تؤثر على معيشة الناس وحياتهم. ولكن، للأسف، فإن هؤلاء أنفسهم، وبعد انتخابهم، ينسون، أو يتناسون، ما وعدوا الناس به، فلا يعكسون هذه الوعود، عملا جديا واضحا لتحقيق وتنفيذ مطالب المواطنين.
وبالرغم من أن الكثير من النواب خلال الجلسات والنقاشات مثل جلسات المناقشة الحالية للموازنة، يستعرضون مطالب مناطقهم الانتخابية، لكنهم، في حقيقة الأمر، لا يعملون من أجل أبناء هذه المناطق، ولا يهتمون بها، وهم حين يستعرضون هذه المطالب والاحتياجات، يرفعون العتب عنهم. فهم يعرفون أن الكثير من هذه المطالب لن تتحقق، ولا تفكر الحكومة، حتى ولو وعدت بتحقيقها، بتنفيذها على أرض الواقع. ولأن الأمر رفع عتب، شاهدنا في النقاشات النيابية الحالية، عدم اهتمام من قبل نواب، بتقديم طروحات وبدائل حقيقية عن التوجهات الحكومية التي ستمس سلبا الفقراء وذوي الدخل المحدود. فباستثناء بعض النواب، فإن غالبية المتحدثين، لم يقدموا شيئا مفيدا لمواجهة الواقع المرير، والتوجهات الحكومية لرفع الأسعار والضرائب.
وظهر عدم اهتمام النواب بما يدور من نقاشات للموازنة التي تحمل في طياتها توجهات حكومية خطرة على الصعيد الاقتصادي والمعيشي للناس، أن جلسة أمس الصباحية فقدت نصابها القانوني، بعد أقل من ساعة على بدايتها. وليس هذا فقط، فقد، ظهر واضحا، عدم رغبة النواب بالحديث في الجلسة الصباحية، بالرغم من مناشدات رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة لهم للإدلاء بآرائهم. وأثارت هذه الحالة استغراب الطراونة الذي أعرب عن امتعاضه لعدم قيام كتل نيابية ونواب بمناقشة قضايا مفصلية في الموازنة. وكانت بعض الردود النيابية على ملاحظات الطراونة غريبة، إذ إن هناك من تذرّع بعدم الاستعداد، وأنه بحاجة للوقت من أجل ذلك، مع أن الموازنة معروضة منذ وقت طويل نسبيا، وتمت مناقشتها باللجنة المالية النيابية عدة أيام.
للأسف، فإن المناقشات الحالية، تظهر أن نوابا كثرا غير معنيين بقضايا تؤثر على غالبية المواطنين، وهمهم الوحيد مصالحهم، فلم يستعدوا لمواجهة التوجهات الحكومية، بتقديم طروحات واقتراحات وبرامج بديلة. ومرة أخرى، باستثناء بعض النواب الذين قدموا طروحات إيجابية، فإن الغالبية غير معنية، ولن تؤثر لا اليوم ولا بعده على القرارات الحكومية. وكان الله بعون الناس على مثل هذا المجلس.