تخفيضات النفقات الجارية ممكنة..



تم تشكيل لجنة حكومية رفيعة المستوى لبحث افضل الطرق لتخفيض النفقات العامة لاسيما الجارية منها، والاسراع في الدمج و/او الغاء وحدات مستقلة لتخفيض حجم الموازنة والمؤسسات المستقلة الذي ناهز 10.5 مليار دينار، وهذه اللجنة شكلت تنفيذا لتوجيهات ملكية تلافيا لرفع الاسعار والضرائب على محدودي الدخل والطبقة الوسطى، وفي نفس الوقت البحث في انسب الحلول لتحريك المياه الراكدة وتنشيط الاقتصاد الوطني الذي يعاني تباطؤا منذ تسع سنوات، وهنا من حق المواطنين ان يسألوا الحكومة لماذا لم تقم بذلك قبل الجدل التي اثارته مؤخرا بطرحها رفع اسعار اسطوانة الغاز والمحروقات ومجموع من القرارات الضريبية التي ترهق المواطنين لاسيما محدودي ومتوسطي الدخل والمستثمرين، والاضرار بتنافسية الاقتصاد الاردني.
يبدو ان الحكومات تنظر باتجاه وجلالة الملك ينظر باتجاه اخر وينحاز للمواطنين، ويتدخل عندما تقترب الامور حد الصدام بين الحكومات والمواطنين، هذا السؤال يطرح على الدوام، الا ان الحكومات الواحدة تلو الاخرى لديها مفاهيم غريبة وعجيبة عن واقعنا وتطلعاتنا، وعلى سبيل المثال اسطوانة الغاز سعتها 12كغم تبلغ كلفتها الحقيقية 6 دنانير فقط، عندما يبلغ سعر برميل النفط 60 دولارا لاسيما وان الغاز المنزلي ( LPG ) احد مخرجات التكرير البترولي، وان ناتج البرميل الواحد 7% من البرميل الواحد حسب كودات مصفاة البترول اي قرابة 10كغم، اي لا يوجد دعم للاسطوانة وهناك ربح معتبر.
ان خفض النفقات الادارية والعمومية العامة الحكومية بدون التأثير على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين تعفي الحكومة من اية زيادات على السلع الاساسية او فرض ضرائب اضافية، وفي حال النجاح بالتخلص من عدد من المؤسسات المستقلة وتفريخاتها ستوفر الحكومة ضعفي المبلغ، عندها تنصرف الحكومة للبحث عن افضل القرارات والاجراءات لتنشيط الاقتصاد والحركة التجارية، فالاهتمام بالاقتصاد الحقيقي ومشاريع البنية التحتية يفترض لهما الاولوية حيث توفر المزيد من فرص العمل وتحسين البيئة الاستثمارية في البلاد.
ان ادارة الدين العام تستوجب اجراء دراسة معمقة للدين العام ومصادره وكلف الاموال ( الفوائد على القروض) والتوجه نحو احلال الديون المنخفضة الفائدة بدل الديون المرتفعة الكلفة محليا و/ او خارجيا وفي ذلك تخفيض النفقات الجارية حيث تمتص الفوائد على القروض قرابة 16% من حجم الموازنة، والصعب من ذلك ان مسلسل الاقتراض مستمر، ويفترض ان لا يتم اي اقتراض بكلف عالية، والبحث عن قروض ميسرة ( منخفضة الكلفة) مع فترات سماح لفترات اطول...نحن بحاجة لفكر اقتصادي مالي تنموي الطابع يتعامل مع واقعنا وتطلعاتنا المستقبلية..فالديون والعجوز المالية ليست قدرا لا مناص منه.