ملحوظات الى مدير الامن العام الجديد

أخبار البلد - فايز شبيكات الدعجه

يا الهي كم شعرت بالطمأنينة والأمان وغشيتني السكينة وأنا اقرأ مقدمة ما نشرته الأسبوع الماضي مديرية الأمن وهي تزف إلينا خبر قيام الدوريات العاملة بالميدان في الكرك بضبط كافة مداخل ومخارج ألمحافظه ، وتمكنوا من ضبط الحمولات قبل وصولها إلى مقاصدها، وقلت في نفسي ها قد عدنا إلى العمل الشرطي الأصيل ، لا بد أنها حمولات أسلحة ومتفجرات تخص الإرهاب ، او لعلها حشيش ومخدرات او ممنوعات ، ولربما - في ابسط الأحوال- مسروقات.

لكن سرعان ما تبددت فرحتي وانقلبت إلى غم ، وهز بدني تيار من الهم والحزن عندما تفاجأت أن ذلك الاستنفار الأمني الكبير، وضبط مداخل ومخارج المحافظة في غمرة أحدات القلعة وقريفلا ، لم يكن إلا لملاحقة ومتابعة حمولة من الأسمدة العضوية غير المعالجة كانت في طريقها إلى المزارع في الأغوار الجنوبية لاستخدامها بدلا من الأسمدة العضوية المعالجة .وكان الهدف من تنفيذ هذه العملية الميدانية العظمى هو حماية أنوف مواطني الأغوار من روائحها الكريهة ،وإنقاذهم من مضايقات الذباب.
إلى هذه الدرجة ميعوا الأمن العام ، وفتحوا ثغرات ومعابر لدخول التطرف والإرهاب.تنفيذا لنظرية الأمن الشامل المشبوهة ، وما انبثق عنها من مفهوم الأمن الناعم الذي افقد أجهزة الأمن هيبتها ووصلت الى حدود متناهية من الهزال والضعف فانتشرت الجريمة وتفشت المخدرات .

على مدير الأمن العام إذا ما أراد ان يكتب له النجاح في تنفيذ مضامين الرسالة الملكية، ويكون بحجم ثقة جلالة القائد الأعلى ان يوقف ظاهرة المبالغة بالحديث عن الانجازات الأمنية، والكف عن عادة التلاعب بالأرقام والإحصائيات الجرميّة ، ثم يبدأ حالا وبلا إبطاء بتقليم جهاز الأمن العام وتنقيته من الشوائب والزوائد الوظيفية والملوثات الأمنية ، والمباشرة بإلغاء الإدارات والوظائف الغريبة التي لا تمت الى الأمن والعمل الشرطي بصلة.

وظائف ثقيله ومخجلة بذات الوقت ، شتتت جهاز الأمن العام وقطعت أوصاله وشلّت قدرته في ألمحافظه على الأمن والنظام وملاحقة الجرائم واكتشافها وتقديم مرتكبيها الى العدالة .

أسطول من ضباط الصف يعملون سواقين لدى الوزراء او بالأحرى خدم في منازلهم ، والمئات حلوا محل موظفي وزارة الداخلية في مبنى الوزارة لإصدار موافقات الإقامة للأجانب، إدارة لحماية ألأسرة ، وأخرى لحماية البيئة ، واتجار بالبشر، ووحدة لشؤون خادمات المنازل ، وشرطة مجتمعية ، بل لقد شاهدت احد الضباط يعمل على استلام البريد رئاسة الوزراء. هذا في الوقت الذي سرت به ذات مرة من اربد إلى عمان ولم أشاهد الا دورية واحده داخل السيارة قرب جامعة فيلادلفيا ، ومرة أخرى من الأزرق إلى أول سحاب وكانت تتواجد دورية واحدة فقط .

ليعلم عطوفة الباشا أولا أن الأمن العام يتلاشى بعد انتهاء الدوام الرسمي كل يوم ، وفي نهاية الأسبوع والأعطال الرسمية ، ولا يبقى إلا القليل من المناوبين ، وليعلم ثانيا ان نسبة العاملين في مكافحة الجريمة قد لا تتجاوز 10% من أعداد منتسبي الجهاز، وان نسبة التغطية في الوحدات الميدانية الجنائية لا تتجاوز في أحسن الأحوال النصف بينما تكتمل النسبة او تكاد في الوحدات الاداريه وخاصة في مبنى المديرية او التابعة لها ، ولهذا كان منع الجريمة ثانيا . مع ان منع الجريمة أولا وليس لتحقيقه سوى وسيلتين ، الدوريات والعمل ألاستخباري الجنائي والوقائي ثم تعزيز وتقوية إمكانيات ملاحقة الجريمة وضبطها بعد وقوعها.