تعقيد إجراءات ‘‘الترخيص والبناء‘‘ تسهم في تراجع التداول العقاري

اخبار البلد-


 أكد مستثمرون في قطاع العقار أن بعض الإجراءات والأنظمة الحكومية أسهمت في تراجع التداول العقاري خلال العام الماضي.
وبين مستثمرون أن هنالك شروطا واردة في مشروع نظام الأبنية الجديد تلزم المستثمر بتوفير مساحة اصطفاف لسيارتين عن كل شقة تزيد مساحتها على 150 مترا مربعا في الإسكانات الجديدة ولا يجوز أن يقل طول موقف السيارة عن 5.50 متر وبعرض 2.5 متر وهو الأمر الذي يلزم بتخفيض عدد الشقق في المبنى الواحد.
وأشار هؤلاء إلى أن هذا الاجراء يجبر المستثمر على بناء مساحات كبيرة بأسعار لا تتناسب مع القدرة الشرائية لغالبية المواطنين.
وبينوا في حديث لـ "الغد" أن مئات الملايين من رؤوس أموال المستثمرين في قطاع العقار تم تجميدها في الشقق ذات المساحة الكبيرة.
بدوره؛ قال نائب مدير المدينة لشؤون التخطيط في أمانة عمان م.عماد الحياري إن" نظام الأبنية والقانون يسمح لنا كلجان تحديد عدد الشقق والأدوار والارتدادات للمبنى السكني وكلها يحدد ضمن معايير مساحة الأرض وانحدار الشارع وطبيعة المباني المجاورة".
وأكد الحياري أن القرارات التي تتخذها اللجان في أمانة عمان تصب في مصلحة شكل المدينة والمرور وتأخذ بعين الاعتبار الكثافة السكانية في الأحياء.
إلى ذلك؛ لفت المستثمرون في القطاع إلى سبب آخر أدى إلى تراجع التداول وهو تفضيل البنوك المحلية استثمار سيولتهم في السندات والأذونات الحكومية على حساب منح القروض السكنية نتيجة قلة المخاطرة في الأولى، ما أدى إلى تراجع الإقبال على شراء العقارات.
وتراجع التداول العقاري في المملكة في العام 2016 بنسبة 7 % إلى 7 مليارات و57 مليون دينار مقارنة مع 7 مليارات و607 ملايين دينار لعام 2015 الذي تراجع فيه التداول العقاري أيضا بنسبة 2 %.
وقال رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان م.زهير العمري إن "التراجع في تداول العقار العام الماضي كان متوقعا وغير مفاجئ كونه كان ملموسا منذ الأشهر الأولى في العام".
وبين العمري أن عدم وجود تنوع في مساحات الشقق المعروضة وتركزها في المساحات الكبيرة التي تبلغ 180 مترا مربعا فما فوق وذات الأسعار العالية والتي لا تتناسب مع مقدرة المواطنين الشرائية أدى إلى انخفاض الإقبال في القطاع".
وأوضح أن سبب عدم التنوع في مساحات الشقق ليس من المستثمرين وإنما نتيجة اجراءات حكومية تجبر المستثمر على بناء مساحات كبيرة.
وقال "يجب على الحكومة أن تأخذ بعين الاعتبار مصلحة المواطن وقدرته الشرائية وليس شكل المدينة."
وأشار العمري إلى أن الغالبية العظمى من المواطنين هم من الطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود والمتدني؛ و"للأسف لا تتوفر لهم الشقق بمساحات تتناسب أسعارها مع دخولهم".
ولفت إلى أن رؤوس أموال المستثمرين تجمد في "الحجر" في شقق ذات مساحات كبيرة غير قادرين على بيعها وبالتالي شح السيولة المتوفرة لبدء مشاريع أخرى وتحريك العجلة الاقتصادية.
وطالب العمري الحكومة بوقف تلك الإجراءات إلى جانب ضرورة شمول الشقق الكبيرة بالاعفاءات العقارية بحيث أن الإعفاءات تشمل جميع المساحات.
يشار إلى أن الحكومة مددت قرار اعفاء المشتري من رسوم نقل الملكية لأول 150 متراً من السكن الذي لا يزيد مساحته عن 180 متراً مربعاً ويتم دفع الرسوم عن الثلاثين متراً مربعاً.
وأوضح العمري أن قطاع الاسكان يساهم في تشغيل اكثر من اربعين قطاعا اقتصاديا ويتعامل مع اكثر من مئة سلعة، وكل دورة لدينار واحد في سوق الاسكان تعود بأكثر من 30 % من قيمته للخزينة كرسوم وضرائب، مشيرا إلى أن التعقيدات والصعوبات التي تواجه شركات الاسكان ستؤدي الى انسحاب مئات الشركات الاسكانية من السوق، لعدم الجدوى من الاستثمار في هذا القطاع.
ولفت إلى أن ارتفاع أسعار فائدة القروض السكنية إلى جانب توجه سيولة البنوك إلى السندات الحكومية أدى إلى تراجع الطلب على قطاع العقار.
بدوره؛ اتفق المستثمر في قطاع الإسكان كمال العواملة مع العمري مؤكدا أن الاجراءات الحكومية التي تتدخل في تحديد مساحات الشقق وعددها أثرت سلبا بشكل كبير على القطاع.
ولفت العواملة إلى أن التراجع في حجم التداول في الشقق السكنية قد يصل إلى 20 % في العام الماضي ولكن الارتفاع في تداول الأراضي خفف من نسبة التراجع في تداول العقار بشكل عام وظهر أنه 7 %.
وتطرق إلى الأهمية الكبيرة لقطاع العقار في الاقتصاد ومساهمته في النمو الاقتصادي وتحريكه للعديد من القطاعات الأخرى، مطالبا الحكومة بإعادة النظر في تلك الإجراءات.
وأكد العواملة على البيروقراطية الحكومية والتي تؤخر معاملات المستثمرين وتعيق بعضها.
بدوره؛ اتفق مستثمر آخر في قطاع الإسكان نبيل اشتي مع سابقيه؛ مؤكدا أن أسباب التراجع في تداول العقار هي أسباب داخلية أهمها عدم الاستقرار في التشريعات الحكومية وتعطيل الإجراءات لعدد من المشاريع.
ولفت اشتي إلى أن الحكومة تطبق تعليمات ضمن نظام الأبنية الجديد قبل إقراره.
واتفق مع العواملة حول البيروقراطية الحكومية والتي أخرت وعطلت الكثير من المشاريع السكانية.
وبين اشتي أن العديد من شركات الإسكان لم تعد قادرة على عمل مخططات نهائية للإسكان نتيجة تخوفهم من التخبط في الأنظمة.
الأمر الذي رد عليه الحياري أنه النظام والقانون يسمح للحكومة أن تطبق تعليمات جديدة قبل اقرارها فيها مصلحة عامة.
وبين الحياري أن التأخير الذي يحصل في بعض المعاملات يكون سببه عدم استكمال المستثمر لكافة الشروط والمطلوبة.
وقال "أنصح المستثمرين بعدم شراء قطع الأراضي لغايات البناء قبل الحصول على الموافقات المطلوبة من الأمانة."
وأكد الحياري أن نظام الأبنية الجديد يتم دراسته من الجهات المعنية وتؤخذ ملاحظاتهم واقتراحاتهم بعين الاعتبار ومن المتوقع أن يتم اقراره بصيغته النهائية العام الحالي.
وأصدرت أمانة عمان أخيرا مشروع تعليمات لنظام الأبنية، لا تسمح التعديلات بترخيص أي بناء، إلا حسب شروط ومعايير جديدة بهدف تحسين العمران في العاصمة.