الراهب المقاتل … وداعاً



في أول يوم من هذا العام 2017 توفي المطران العربي هيلارين كبوشي بعد أن عمر ما ينوف على 94 عاما … من بين كل رجال الدين في العالم يقاس عمر الراهب الحلبي بسنوات نضاله الفلسطيني خلال العقد الأول من احتلال باقي فلسطين عام 1967 … اعتاد أغلب رهبان الكنيسة الكاثوليكية وغيرها من الكنائس على مقاومة الاحتلال بصمت … أحياناً يؤمنون ملجأ للمقاومة يوماً أو بعض يوم كما حدث في الكنائس الأوروبيّة خلال الحرب العالمية الثانية … ولكن هيلارين كبوشي ( وهذا اسم الرهبنة الذي رسم به ) انبرى من بين كل رهبان العالم رمحاً من رماح المقاومة الفلسطينية بعد حوالي ستة أعوام من احتلال الضفة الغربية والقدس … استغل سيارة الكنيسة المعفاة من التفتيش على معابر الضفة الغربية لنقل كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات . وقد كانت رصيداً مهماً للمقاومة الفلسطينية أوجعت بها خاصرة إسرائيل المحتلة .
ولأن الخائن يهوذا الإسخريوطي حاضر دائما في كل حركة دينية أو وطنية . منذ العشاء الأخير لرسول المحبة والسلام عيسى ابن مريم وحوارييه . فقد زرع يعقوب بيري من جهاز الشين بيت الإسرائيلي معلماً متقاعداً من القدس للتجسس على المقاومة الفلسطينية . دبر له بطولة زائفة تحكي عن حرقه لأحد مصانع الكرتون … لم يدقق أبو فراس الطريفي في هوية الجاسوس فكلفه بمراقبة تعبئة سيارة المطران بالأسلحة في دمشق . ليقوم بتفكيكها في القدس ونقل حمولتها إلى المقاومة … عمل الجاسوس بإخلاص ولكن لصالح الذين احتلوا وطنه … سقط الفارس الكبير عن جواده وخضع لتحقيقات الشين بيت التي انتهت بسجنه اثني عشر عاماً في السجن . قضى منها أربعة أعوام … تدخل الفاتيكان للإفراج عنه شريطة إقامته في روما .
لعل بطولة المطران كبوشي في ذلك الحين . أوحت إلى رأس الكنيسة المرقصية المصرية البابا شنوده برفض عرض الرئيس المصري أنورالسادات لإرسال أول طائرة مصرية محملة بالأقباط يحجون إلى القدس . بعد ما تحرّج السادات من إلحاح إسرائيل على التطبيع بعد معاهدة السلام … كانت إجابة الصحفي والشاعر نظير جيد ( شنودة ) … لن يكون الأقباط خونة الأمة العربية ولن يدخل قبطي إلى إسرائيل … وزاد على هذا بالأمر إلى الأقباط من كبار رجالات الحكومة أن يختفوا من مراسم استقبال المسؤولين الإسرائيليين لمصر .
لم يتوقف الراهب المقاتل هيلارين كبوشي عن المقاومة حتى وهو في منفاه في روما … انضم إلى سفينة الإغاثة أسطول الحرية عام 2009 المحملة بالأمتعة والأغذية لأهالي غزة المحاصرين من قبل أحفاد قاتلي المسيح ابن مريم عليه السلام … بوفاة المطران كبوشي تطوى صفحة تضم قائمة من المقاتلين العظام الذين آثروا المقاومة العربية المقاومة العربية الفلسطينية للاحتلال الصهيوني بعقولهم ودمائهم … عاش الراهب المقاتل حتى زمن تمزيق وطنه سوريا على يد الآلاف من المحتلين والمقاومين المزوّرين بحيث اختلط الحابل بالنابل ولم نعد نعرف نحن والمطران العدو من الصديق!