لستَ مثله فارحل

اخبار البلد_عندما كنت استمع لخطاب نتنياهو أمام مجلسي الكونجرس والنواب ،وأرى إصراره على إهانة الامة الاسلامية عامة والعربية خاصة ، وارى إصراره على إبطال  كل ما يتنادى به ألموهومون بالسلام مع اسرائيل ،وأرى تبجحه بوصف فلسطين المسلوبة بأنها أرض إسرائيل ، وأن المستوطنات هي ضواحي لتلك الدولة المغتصبة ،وإصراره على عدم العودة إلى ما قبل حدود 67،وأرى دعواه بأن مليونا ونصف من العرب  يعيشون في حرية وديموقراطية لا مثيل لها في أحضان دولة اسرائيل ،وكأنه يرمي في وجه أمريكا كل ما تحدثت به عن رعايتها للسلام الموهوم  ثم اسمع حديثة عن الصحافة الحرة والتقدم الذي تنعم به اسرائيل ،بينما العرب يكيدون لها ويتربصون بها الدوائر  

ثم أرى الامريكان من المجلسين يقفون بعد كل فقرة من غثاءة ويصفقون ،ليظهروا الولاء للصهيونية في أوضح صورها ، وليلطموا العرب والمسلمين لطمة لا أظنهم يصحون بها من غفوتهم وضلالهم ، وليؤكدوا أنهم ماضون مع اسرائيل في كل ما تدعيه ،ولو جئناهم بملء الارض من صور القتلى في غزة والضفة الغربية ،وأريناهم آلآف البيوت المهدمة على رؤوس النساء والاطفال ،وأريناهم من يجلس على أنقاضها من بعد أن مُحِيَ من الوجود كل ما يربطه بالحياة بعد أن قتلت أسرته وأقاربه  ،ولو نقلنا لهم نقلا حيا وميض الفسفور الابيض في الليالي الظلماء وأقنعناهم أنه ليس ألعابا نارية  وأنه من ذات النوع الذي أمطرت به أمريكا به الفلوجة  قبل أن تلقيه إسرائيل وبالا على رؤوس العزل المستضعفين في غزة ، ولو أريناهم أجساد الاطفال المخرقة من رصاص اليهود الذين يدهمون البيوت بحثا عن المقاتلين فيستحون أن يعودوا وبنادقهم مذخرة فيفرغون رصاصها في أجساد أولئك الأطفال الذين تنقل الفضائيات صورهم ودموع آبائهم فيراها البصير ويسمع بها الاعمى

فتخيلت عندئذٍ حاكما عربيا قد حظي بفرصة ليقف كوقفة نتنياهو في الكونجرس الامريكي فماذا يا ترى عساه يقول لتصفق له أمريكا وبماذا سيفتخر بين يدي أعداء الأمة ، لا شك طبعا بأنه سيفتخر أول ما يفتخر، بسرعة مكافحته للإرهاب وبأنه كان أسرع من طارد المتطرفين الذين يبغضون أمريكا ،وبأنه ينشد السلام ويحب جميع الناس ويقبل كل الملل ، وبأنه يريد أن يتعايش الفلسطينيون واليهود الأبرياء جنبا الى جنب كجيران واخوة ، وأنه لابد من نفخ  عجلة السلام ودحلها   حتى لا تغرق المنطقة في مستنقع من الدماء ، وأنه حتى يكون في غاية الأدب عليه أن يحض  الطرفان  يعني الفلسطينيين واليهود طبعا للاحتكام لصوت العقل وترك العنف والعنف المقابل ، وأنه قد أفنى عمره في سبيل ذلك ، وأن ترك عملية السلام في حالة ركود سوف يعطي مسوغا للحركات المتطرفة كي تعمل على إفشال عملية السلام حتى تخلو لها الأجواء  فتنفذ مخططاتها الهادفة  لإقامة دولة إسلامية تعود بالامة أشواطا الى الوراء حيث العزة والسؤدد والشدة في وجه أعداء الأمة ،مما سيعتبر تخلفا عن ركب الحضارة الانسانية التي وصلت بمشقة وبعد طول عناء  الى الاباحية وزواج المثليين وأعطت المرأة حريتها بعد أن كانت مقيدة بالحياء والعفاف والستر،وجعلتها سلعة تـُنْفِقُ من خلالها كل السلع الاستهلاكية التي تنهض بالاقتصاد الوطني وتربطه بالاقتصاد العالمي  وتجعل من السياحة رافدا يجلب كل عواهر الغرب وشذاذه ليوغلوا  في التعرف على ثقافتنا الجديدة   ،

وسيشرح لهم الإسلام ولا شك ، ويبين لهم بأنه  يدعو الى السماحة والأخوة وقبول الآخر مهما أساء هذا الآخر أو تعدى أو انتهك الحرمات ونهب الخيرات وأسال الدماء، وأنه أي الاسلام ينبذ العنف بجميع أشكاله ويدعو الناس اليه بالحكمة والموعظة الحسنة في كل أحواله ، وأن الذين ينادون بجهاد الأعداء وإعداد العدة لإرهاب المعتدين ،كل أولئك واهمون ولا يعرفون الاسلام الحقيقي الذي يعرفه هو وتعرفه أوقافه والعلماء المعتدلون الذين يفهمون وجهة نظره ويجدونه حاكما  شرعيا لم تلد النساء له نظيرا  ويجعلونه  راعي الاسلام وحارس العقيدة  ،  ثم ولاشك سيعرج على قرارات القمم العربية التي كانت تنادي دوما بملاحقة الإرهابيين وتطرح المبادرات من أجل الإسراع بعملية السلام المتعسرة بسبب تعنت الفلسطينيين وعدم قبولهم بحلول وسط ،

 

ولابد طبعا وفي مقام كهذا سيتكلم عن إنجازات الأمة في عصره وعصر إخوانه  ، ففي لبنان تم تحطيم الرقم القياسي عندما صنعوا هناك أكبر صحن من الحُمُّصْ وأتبعوه بصحن من التَّبولة ، وإنه من عظم حجمه  لتنوء به العُصْبَة ُأولي القوة ، وكيف أنهم في  الخليج قد تمت كرامتهم عندما حطموا الرقم القياسي وسكبوا أكبر قدر من الكبسة في أكبر  صحن من النحاس المصفح ، وكيف أنهم في سوريا قد حطموا عظام الارقام القياسية جميعا عندما صنعوا أطول طبق من البقلاوة ،

وليعلموا أن هذه الامة لا يردها جرح عن الأخذ بثأرها ،وأنها تتأقلم مع كل الإهانات فقد تم صنع أكبر طبق من المسخن في فلسطين الجريحة ، ليعلموا أن حصار غزة وتجويعها لن يثني السلطة الفلسطينية عن مواصلة جهودها لتطوير المسخن والنهوض به حتى يعلو على البيتزا وكل ما يتبعها من صلصات  ،وأن ما يخفونه في المفتول أشد وأدهى

 ثم لابد له من بعد ذلك ،أن يستعرض خدماته في تصدير المواد الخام التي تنتجها بلاده وكيف أنه قد خصَّ أمريكا بأفضل الأسعار وانه لن يتوقف بأي حال عن تزويدها بما يلزمها .

 ولكن هل سيحظى حاكم عربي بفرصة كالتي حظي بها نتنياهو ، وهل سيصفق له الامريكان وقوفا أربعين مرة ،وهل سيستقبلونه بالتصفيق ويودعونه بالتصفيق ، وهل سيحبونه ويؤيدونه ويؤازرونه لو صحا شعبه المطحون من غفوته  وقاموا عليه ليخلعوه ومالت كفة الشعب على كفته ، فهل من الممكن ألا يقوم الرئيس الأمريكي ووزيرة خارجيته ليقولوا له كما يقول شعبه           ..... إرحل  ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟