حاكموا أنفسكم
ما حدث في كرك التاريخ لا يقل بشاعة عما جرى في دير ياسين بل يفوفها ألما و حزنا على واقع رسمي مخزي ، في دير ياسين لم تكن في فلسطين دولة و مؤسسات بالمعنى الفعلي بل كانت عصابات صهيونية تعيث بفلسطين فسادا بمباركة حكومة الانتداب و خنوع العرب الرسميين .
في دير ياسين كان المهاجمون القتلة بالمئات من الصهاينة استباحوا قرية أهلها عزّل ، في فلسطين آنذاك لم يكن مجلس نواب يشرع و يراقب و يوافق على تعديلات دستورية أقلها إعفاء البعض من المسائلة . في فلسطين آنذاك لم تكن هناك حكومة تدفع أهل فلسطين للإحتقان أو للإرتماء بأحضان التطرف و الإرهاب و الفكر التكفيري .
و عودة للموضوع لا أدري ماذا ينتظر كثير من المسؤولين في بلادنا ؟ هل ينتظروا من القيادة أن تنعم عليهم بالأوسمة و تغدق عليهم بالألقاب ؟ أم ينتظروا من القيادة ذاتها أن تحاكمهم و تحملهم مسؤولية ما وقع في الكرك و البقعة و الرقبان و إربد و في القطرانة ؟ أولئك المسؤولين الذين لم يعودوا محصنين من المسؤولية و المسائلة بعد أن انكشفوا على حقيقتهم أنهم مجرد استعراضيين بهلوانات في الإعلام و في التزلق و الجعجعة .
بعض القيادات في الأجهزة الأمنية كانت تشغل نفسها و أجهزتها الليالي الطويلة بمراقبة عدد من المواطنين سيخرجون في مسيرة أمام جامع الحسيني تقلق مناصبهم أو بنشر عناصرهم في المساجد يوم الجمعة لمراقبة خطيب مسجد قد يحرض المصلين على فساد بعض المسؤولين . أو بملاحقة مواطن اختفى من وجه مسؤولي التنفيذ القضائي لأنه مطلوب لدائرة الإجراء من أجل دين لم يقدر على سداده ، و هكذا لا أدري لما السكوت عن أولئك هل هو جبن أو مراءاه للمسؤولين .
و خلاصة القول لا بد من محاكمة المسؤولين الذين لا تنفعهم حسن النية و سوئها ، القيادات للأجهزة الأمنية و القيادات الحكومية جميعها مسؤولة بالتكافل و التضامن لما حصل لأن الوطن لم يعد بقرة حلوب لهم . فالوطن هو الذي لا يحق لغير المنتمين له أن ينعم بأمنه و استقراره ، إنه فقط وطن الشرفاء وطن أبناء الشهداء و أحفاد النشامى الذين عرفوا الإنتماء و التضحية من أجل الوطن و المواطن .
حمى الله الأردن أرضا و شعبا و إن غدا لناظره قريب .