الخطوة المقبلة: تحريك المحكمة الجنائية الدولية


حين قلنا: إن امتناع الولايات المتحدة عن التصويت في مجلس الامن، وان تمرير مشروع قرار وقف الاستيطان الاسرائيلي ليست سياسة، حاولنا استعراض اكثر من حالة اخذت فيها واشنطن موقف الامتناع عن التصويت، كقانون ضم القدس المحتلة، وتسمية القدس العاصمة الأبدية لدولة اسرائيل، وقرار عدم مشروعية المستوطنات. ولم يترك هذا الامتناع اي اثر على السياسات التوسعية الاسرائيلية او على التأييد الاميركي الدائم لاسرائيل، او حتى على جهود السلام الذي اشغلت واشنطن واشغلتنا معها منذ عام 1967، والى الاعوام التي تبعت اتفاقات اوسلو، والحلول المتقابلة لاسرائيل ومنظمة التحرير.


هذا التفسير للواقع العملياتي في الجهد الاميركي، لا يعني بقاء الجانب الفلسطيني او العربي عند حدود الرضى بالامتناع الاميركي عن استعمال الفيتو، لردع اي خرق اسرائيلي للقانون الدولي، او لاتفاقيات جنيف الرابعة. فنحن الآن مهيأون للمرحلة القادمة بالطلب من مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية بدء التحقيق مع رئيس الوزراء الاسرائيلي على قرارات مصادرة اراضي الفلسطينيين واقامة المستوطنات عليها، والجرائم التي مارسها قادة الجيش الاسرائيلي في الحرب على قطاع غزة عام 2006.

مطلوب من مدعي عام المحكمة السيدة بن سورة البدء بالتحقيق، واستدعاء قادة اسرائيل، وقادة المستوطنين وقادة الجيش بمذكرات احضار. وهذه مرحلة تعطي لأي مواطن في اي بلد اقامة الدعوة على اي مسؤول اسرائيلي يمر في ذلك البلد، وطلب توقيفه واستجوابه بحيث تصبح اسرائيل معزولة كلياً عن المجتمع الدولي، شعبا، وحكومة وافرادا.

نحن نخاف من واشنطن ، ولا نريد ان نفتح قصصا جرت اخر اسبوع من هذا العام، والمطلوب ان نفهم السياسة الاميركية ولا نخافها. فنحن بانتظار تقرير يرفع وزير الخارجية كاري نشره، او اعلانه في مؤتمر صحفي عن الاسباب التي اوقفته عن متابعة «جهود السلام» وهي كلها تدين سياسات نتنياهو. وقد كان سيعلنه لدى التصويت على مشروع القرار الأخير كمبرر للامتناع الاميركي على التصويت وفتح الباب على مصراعيه لدول العالم للتصويت حسب قناعاتها وكان تصويت بالاجماع.

إن حالة الجنون التي تلبست نتنياهو خلال هذا الاسبوع واستدعائه لسفراء الدول التي صوتت مع القرار في مجلس الامن كانت مدعاة للضحك حتى في داخل اسرائيل، وداخل الائتلاف الحاكم، فاكثر السفراء لم يستجب للدعوة، لانه يوم عطلة، وقد كان السفير الاميركي اول المستجيبين، وكان رده على «التوبيخ» في مستوى كلمة المندوب الاميركي في مجلس الامن.

أما طلبه من وزير الخارجية تقييم وضع الامم المتحدة والدول التي صوتت ضد اسرائيل، فكان هو الاخر مدعاة لضحك حتى لكتل برلمانية صهيونية، ذلك انه هو وزير الخارجية، وذلك ان اسرائيل لا تستطيع سياسيا او اخلاقيا محاكمة العالم والامم المتحدة.