الجانب الآخر لأحداث الكرك




كانت ولا زالت (إلى حد ما ) ضوابط تحكم المجتمع الأردني وتحصّنه من الانحراف والتطرف … بعيداً عن مؤسسات تنفيذ القانون . كانت القبيلة أو العائلة تؤدب المنحرف الذي يجلب السمعة السيئة لها ويورّطها في عداوات مع الآخرين . حتى العطَّال البطّال يأخذ عقابه معنوياً وجسدياً … تتصاعد العقوبة حتى تصل شدّتها لمن يؤذي الآخرين بالسرقة أو القتل أو انتهاك أعراض الناس . يبقى العار ملازماً لعائلة المتطرف المنحرف حتى لو ذاب في زخم المدن الكبرى . فما بالك بالمدن والقرى التي يعرف أهلها بعضهم بعضاً بحكم تيار الحياة اليومي … هذا ابن فلان … هذا من آل فلان … الخ … تتحوّل السخريّة الزاجرة من … هذي أخت الهامل الحرامي … إلى … هذي أم الإرهابي اللي قتل ولآد الناس .
على الجانب الاخر من الكارثة … يرفع الجميع رؤوسهم عاليا وهم يسمعون … هذي ام الشهيد … هذي اخت الشهيد … هذا ابو الشهيد … وصف رافق تداعيات العملية الإرهابيّة بين القطرانة والكرك وقريفلا … لم تجد عائلات الإرهابيين عذراً أمام مجتمعها الأردني إلا التبرؤ منهم ومن أفعالهم مقرونة بالدعاء عليهم . ورفض استلام جثثهم ليدفنوا من قبل البلديات دون جنازات أو عزاء … لعمري لو علم والد أو والدة أحدهم بنيّة ابنه الإرهابي وما يخطط له . لسلّموه إلى الأجهزة الأمنية قبل أن يكمل خطته البشعة . او يعيقوا اطرافه عن الحركة . فقعيد البيت خير لهم من المجرم الطليق … أما الإرهابي نفسه فلم يتسع دماغه المعبأ بروح الإجرام إلى ما سيحدث لعائلته من أب وأم وإخوان وأخوات وأبناء . سواء من التحقيقات الأمنية أو من المجتمع الذي يعيشون فيه . وهو لم يقرأ في القرآن الكريم عن الإحسان إلى الوالدين . ناهيك عن قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.
الذين أدموا خاصرة الوطن بشهدائه وزرعوا أحزاناً في بيوت الأردنيين . تركوا لمن في قلوبهم مرض مثل مرضهم . مثالاً على تكاتف الأردنيين مع وطنهم ومؤسسة عرشه التي صمدت بالأردن في وجه العواصف والأعاصير اكثر من ستة عقود من الزمن … ضرب الارهاب خلالها هنا وهناك .. ثم تعافينا وعاد الأمن الى الوطن .. بحيث يخرج أبنائه وبناته إلى مدارسهم وجامعاتهم وأعمالهم كل يوم … يعودون إلى بيوتهم آمنين ليلهم ونهارهم … نقول الذين في قلوبهم مرض لأن بعض شبابنا عرضة لغسيل الدماغ من قبل عصابات متطرفة تدفع بعضهم إلى طريق التطرّف … لا يهم هذه العصابات المجرمة ما يحدث لوالدة وأب وشقيقة وابن الإرهابي … يهمّها أن يقتل فقط . بعد أن أوهمته أنه سيدخل الجنّة وينتقي من الحور العين فيها … لم تذكر له أن الجنة تحت أقدام الأمهات . وأن خير المسلمين خيرهم لأهله . وأن تنغيص حياة الوالدين وتعذيبهم يقود إلى جهنم وليس إلى جنّة حسن كامل الصباح الذي وعد الحشاشين بها وهو يخدّرهم قبل أن يرسلهم لقتل المسلمين … اذا كان هناك من يحمل فايروس الطاعون نائما في دمه . فليفكر الف مرة بالدمار الذي سيلحق بعائلته . قبل ان يوسوس له الشيطان من بعيد او قريب … اما الوطن فكل ابنائه مشروع شهداء … ابتداء من الملك المؤسس وحتى شهداء الكرك …