الشعب يريد أمورا سهلة التحقيق؟

اخبار البلد_ شعبنا الأردني الأصيل طالب ويطالب دائما أو في الغالب بأمور غير خارقة ولا تعجز أحد، بل إن جلها في الأصل كان من المفروض أن يكون مطبقا دونما طلب من أحد، ولكن بسبب إنحراف الكثير ممن تسلموا زمام المسؤولية والتحكم برقاب العباد واعوجاجهم عن الطريق وسلكوهم دروب المنفعة وتغليب المصلحة الشخصية على العامة، والإنحراف عن السلوك المهني السوي القويم وعدم حفظ ومراعاة أمانة المسؤولية والواجب وتقدير عظمها وأنه مسؤول أمام العلي القدير عنها يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا منصب ولا كراسي، ولأن تراكم الأخطاء وتتابعها المقصودة في الغالب أو غير المقصودة جعلت المواطن وبعد التزامه مجبرا أو طائعا الصمت لسنوات طوال يتكلم ويرفع صوته بعد أن نفذ صبره ولم يعد يتحمل الظلم والفساد والمحسوبية والتمييز بين أبناء الشعب بتوريث المناصب بحسب جينات الأب والجد وليس على أساس المهنية والتفوق والإبداع، أنا لا أتحدث عن الإعتصامات أو أنها دائما على حق أو عكس ذلك أو عن المعارضة المطلقة السلبية لأي قرار من باب لفت الأنظار وكسب شعبية زائفه، أنا أود التنبيه فقط إلى المستوى العالي من الثقافة والوعي والإطلاع والمتابعة والنقد البناء الذي وصل إليه المواطن الأردني.

      المواطن العادي أصبح مثقفا ويفهم بالسياسة وحتى بالإقتصاد ولا يمكن اللعب بعقله أو تمرير مبررات سخيفة ليصدق أمرا كان يصدقه فيما مضى أو يلتزم الصمت حياله، اختلفت الآراء ولم يعد الآباء يخوفون أبناءهم بأنهم سيحرمون من الوظائف في القطاع العام وتسلم المناصب إن هم عارضوا أو خالفوا وجهات النظر السياسية الرسمية، وصار ملاحظا تطور الأسلوب وإرتقائه في الطلب والتعبير عن الظلم، وبدأت الأقلام الحرة النزيهة ترفع سقف من تحاوره حتى وصل البعض إلى مخاطبة ملك البلاد عن طريق مقالاتهم أو مواقعهم الإلكترونية، فعلى أي مسؤول في بلدنا الأصيل الطيب أن يراعي هذه الأمور عند تعامله مع المواطنين وأن لا يحاول أو يجرب التلاعب بالألفاظ أو تنميق الكلمات ليزين وجه قرار مشوه؛ لأنه لن يقنع أحدا أبدا بعد اليوم.

      الشعب يريد ويطالب كما قلت بأمور سهلة وأساسية وضرورية في آن معا، فمحاربة الفساد بكل أشكاله وألوانه وتبعاته ضرورة وطنية ملحة وقصوى، ومحاربة الفقر والبطالة هم وطني يشغل الجميع ووضع الرجل المناسب بالمكان المناسب هو بداية طريق التقدم والنجاح والرقي والإزدهار والنمو السليم للدول التي تسعى للإرتقاء والتحضر والوصول إلى مصاف الدول المتقدمة الناجحة، وتحقيق العدالة الإجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد هو حق يكفله دستورنا الديني وأقره دستورنا الأردني، ومحاربة التشوه الأخلاقي المتنامي والمتزايد في شارعنا الأردني واجب شرعي وأخلاقي ووطني، وحفظ كرامة المواطن وتأمين المسكن ولقمة العيش الكريمة والرعاية الصحية المطلوبة في الوقت المناسب والسعر المعقول من أساسيات العيش الكريم لأي مواطن. 

    

       فمن حق هذا الشعب الناضج الواعي المنتمي لتراب هذا البلد والمحافظ على هويته الإسلامية والعربية ولأنه في أكثر الأحيان لا يطالب بأمور تعجيزية أو لا يمكن تطبيقها، أن يتم التعامل معه بروح عاليه وجديه كاملة من المسؤولين، والنظر إلى مطالبه الشرعية على أنها تقصير من الحكومات وليس بطر شعبي، حفظ الله الأردن وشعبه من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن، وحماه الله من شر الفاسدين والعابثين والحاقدين إنه ولي ذلك والقادر عليه.