الدب السعودي يستيقظ

اخبار البلد_ الشعور الذي يزداد في الرياض هو بأن السعودية بقيت وحدها لمجابهة التهديدات في الداخل باستقرار نظام الحكم. أفضى هذا الشعور بالسعوديين الى اعادة بحث السلبية التي ميزت حتى الآن سياستهم الخارجية لمحاولة اعادة بناء الوضع الراهن الذي ساد المنطقة قبل نشوب الاضطرابات الشعبية.
أعلن الرئيس اوباما في خطبة 'القاهرة 2' أن الدفع قُدما باصلاحات في العالم العربي هو الآن هدف أول من وجهة نظر الادارة. وقد أفضى به النقد الذي تلقاه بسبب المعايير المزدوجة ـ استعمال القوة العسكرية على القذافي إزاء دعوة البحرين الواهنة الى الحفاظ على حرية التعبير ـ الى أن يُغير، علنا على الأقل، نظام الأفضليات وأن يجعل دفع الاصلاحات السياسية الى الأمام في المقدمة. وطوبى لمن يصدق.
برغم ان اسم العربية السعودية لم يُذكر في الخطبة، فهموا الرسالة في الرياض. وهم يرون ان الخطبة تنضم الى السهولة التي تخلى بها الرئيس اوباما عن حليف بارز كحسني مبارك. والخوف من ان تضطر الولايات المتحدة في ظروف ما الى الاختيار بين الحرية والاستقرار من ان 'تتخلى' عنهم، يصبح خوفا محسوسا.
ألـ 'مودوس اوبراندي' عند السعوديين يشمل محاولة التهرب من مجابهة أعداء أقوياء، والتعبير عن 'جيوبهم العميقة' وحصر عنايتهم في محاولات وساطة في العالم العربي لتثبيط أخطار مع محاولة ألا يكونوا موالين لمعسكر واحد.
السعودية هي الممثلة الواضحة للمصالح الامريكية في المنطقة منذ التقى روزفلت وابن سعود على متن السفينة الحربية 'كوينزي' في قناة السويس في شباط (فبراير) 1945. عرفت علاقات السعودية مع الولايات المتحدة في الحقيقة ارتفاعا وانخفاضا في السنين الاخيرة ولا سيما بعد عمليات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) وغزو امريكا للعراق، لكن المملكة بقيت رئيسة المعسكر العربي الموالي لامريكا.
مكّنت المظلة الدفاعية الامريكية السعوديين بقدر كبير من ان يظلوا سلبيين محميين سنين طويلة. وقد ظلوا بقدر كبير على الهامش في قضايا مختلفة وعلى رأسها السباق الايراني نحو القدرة الذرية وفي قضية مسيرة السلام الاسرائيلية ـ الفلسطينية ايضا.
لكن الوضع تغير الآن، لان السعوديين يرون ان عدم القدرة على لي ذراع اسرائيل وايران يبدو ضعفا امريكيا. فاذا زدنا على ذلك مغادرة قوات الولايات المتحدة العراق ونيتها ان تغادر افغانستان، فان الولايات المتحدة تبدو في نظرهم مثل من يترك الحلبة لايران في واقع الأمر.
لهذا أصبح السعوديون أكثر فاعلية. فقد ارسلوا قوات عسكرية الى البحرين المجاورة كي يتأكدوا من ألا يصبح آل خليفة ملكية دستورية، وألا يصيب الاحتجاج الشيعي التجمعات الشيعية في شمال شرقي المملكة. الهدوء في البحرين الآن باقٍ حتى لو كان ذلك بثمن توتر العلاقات بالامريكيين وبالايرانيين ايضا الذين لم يستحسنوا ذلك وإن يكن لاسباب مختلفة.
لا تستطيع السعودية ملء الفراغ الذي خلفته مصر لكنها تريد تقويم خط في المعسكر السني بضم الاردن والمغرب الى كتلة الخليج بقيادتها. والى ذلك تريد الافضاء الى نقل منظم للسلطة في ساحتها الخلفية اليمن، وأن تساعد الاقتصاد المصري على أن يطفو فوق الماء وتطور القوة العسكرية المشتركة لدول الخليج.
ينوي الامريكيون أن يبيعوا السعوديين سلاحا قيمته أكثر من 60 مليار دولار. مع ذلك ليست واشنطن راضية عن القرارات التي تتخذ في الرياض مثل القرار السعودي على الرجوع عن نية منح النساء الحق في الانتخاب في الانتخابات المحلية. سيظل قُرب تناول النفط في الخليج ومحاربة الارهاب ومكافحة نشر سلاح الابادة الجماعية مصالح امريكية أساسية.
كيف سيشارك السعوديون في هذه الأهداف في المستقبل؟
ليس هذا واضحا. في اثناء ذلك سيفعلون كل ما يستطيعون لمجابهة التهديدات لهم من الداخل والخارج وذلك باستنفاد الامكانات المحدودة المذكورة أعلاه واتخاذ خطوات وإن تكن متناقضة، من اجل استمرار الأسرة المالكة التي شاخت.
باحث في معهد الامن القومي
اسرائيل اليوم 30/5/2011