خطوة تنظيم !



كثر الحديث مؤخرا حول واقع الجامعات الخاصة في ضوء ضعف إقبال الطلبة للدراسة فيها ، حيث يعزى السبب في ذلك إلى انخفاض أعداد الناجحين في الثانوية العامة ، بما فيهم شريحة الطلبة الذين يحصلون على المعدلات المقبولة في تلك الجامعات ، ورفع الطاقة الاستيعابية لدى الجامعات الحكومية ، فضلا عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السائدة .

تلك هي الأسباب الظاهرة ، ولكن الأسباب الأكثر واقعية تعود إلى حالة التعليم الجامعي في بلدنا ، وفي البلاد العربية عامة ، ومخرجاته التي لا تستجيب بشكل كاف لمتطلبات التنمية ، وحاجة سوق العمل ، إلى جانب نوعية التعليم وعدم مجاراته للتغيرات التي حدثت في أعقاب ثورة المعلومات والتكنولوجيا الحديثة التي أسست مفهوما جديدا للقوى البشرية العاملة في القطاعات المختلفة !

لعل تلك المشكلة التي ما فتئت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تعمل على حلها تضع الجامعات الحكومية والخاصة - وجميعها مؤسسات وطنية - على قدم المساواة في التحديات المترتبة عليها ، بحيث أصبحت الطاقة الاستيعابية الزائدة عن الحاجة للجامعات ليست مشكلة في حد ذاتها - وكأننا نتحدث عن منتج استهلاكي - ولكن المشكلة الحقيقية في معنى آخر للاستيعاب عندما تكون الغاية هي " التعليم "في حد ذاته وقيمه ومبادئه النبيلة ، وقيمته الحقيقية في عملية النهوض الشامل ، سواء من حيث تأهيل القوى البشرية المدربة ، أو توفير فرص العمل المنتجة .

الآراء والأفكار المعروضة كلها صحيحة ونابعة عن تحليل سليم للأمر الواقع ، ولكن عندما نتحدث عن الحلول يجب أن نتنبه إلى أنها لن تكون حاضرة ، أو في متناول اليد في اليوم التالي ، لأن المشكلة لها جذور عميقة تحتاج إلى وقت طويل لاقتلاعها ، وعندما نتحدث عن التعليم العالي فالعامل الزمني سيفرض نفسه كي نتمكن من الاتفاق أولا على وصف دقيق ومشترك للواقع ، ونتفق ثانيا على خطة إستراتيجية وطنية ، وبرنامج تنفيذي يحفظ حقوق ومصالح جميع الأطراف ، وفي مقدمتها المصلحة الوطنية العليا للدولة ، ولذلك لا بد من " خطوة تنظيم " تعطينا الفرصة لإعادة تشكيل صفوفنا ، كي نتقدم إلى الأمام !

yacoub@meuco.jo

www.yacoubnasereddin.com