إصابة الحفلات بـ "السكتة" بسبب الثورات
في مثل هذا التوقيت من العام الماضي، كان الفنانون يشعلون الحفلات الصيفية في الفنادق والقرى السياحية والشواطئ في مصر وباقي الدول العربية، ولكن في العام الحالي 2011، لم يعد الحال كذلك، حيث إنخفضت نسبة الحفلات إلى نحو 30% مقارنة بالعام المنصرم 2010، وإنخفض معها الطلب على الفنانين الكبار، وإنحفضت أيضاً الأجور بنسبة تفوق الخمسين بالمائة. بسبب إندلاع الثورات في بعض الدول العربية، وتأثر البعض الآخر بها.
25% إنخفاضاً
يرجع إنخفاض عدد الحفلات الصيفية إلى تردي الأوضاع الأمنية في مصر في أعقاب ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وتردي الأحوال الإقتصادية، و إنخفاض معدلات السياحة سواء الداخلية أو الخارجية لأقل من 25% مقارنة بالعام الماضي، ويضاف إلى تلك الأسباب، سبب آخر ألا وهو إرتفاع أجور الفنانين من الصف الأول، حيث يصرون على التعامل بالأجور نفسها التي كانوا يتقاضونها في السابق، مؤكدين أن عدم زيادتها، هو بمثابة تخفيض لها.
التخفيض أو الشباب
وبالمقابل، عقد مجموعة من متعهدي الحفلات سلسلة من الإجتماعات، لبحث الأزمة الحالية، وسبل الخروج منها، لاسيما أن الحفلات تمثل مصدراً للرزق بالنسبة لعدد كبير من المصريين، سواء العاملين في الفرق الفنية أو العاملين مع المتعهدين أو العاملين مع الفنانين.
وعلمت "إيلاف" أن متعهدي الحفلات قرروا ممارسة ضغوط شديدة على الفنانين الكبار لتخفيض أجورهم لنحو 50%، والإستعانة بالفنانين الجدد، وتسويقهم بشكل جيد في حالة إصرار الكبار على الأجور المرتفعة التي لا تتانسب مع المرحلة الحالية.
لائحة أجور
ووضع المتعهدون ما يشبه لائحة أجور للفنانين، كان الأعلى فيها عمرو دياب، حيث كان يحصل على أجر يقدر بنحو 2.9 مليون جنيه، ومن المتوقع خفضه إلى نحو 1.5 مليون جنيه، أي معدل 50%. فيما يحتل تامر حسني المركز الثاني بفارق كبير، فقد بلغ أجره الموسم الماضي 750 ألف جنيه، ومن المتوقع إنخفاضه إلى 300 ألف جنيه فقط، ويرجع ذلك إلى إنهيار شعبية تامر بشكل كبير، بسبب مواقفه المناهضة للثورة في بدايتها، حيث تعرض للضرب والطرد من ميدان التحرير، عندما ذهب إلى الميدان رسولاً من قبل النظام السابق، بهدف تهدئة الثوار، ونصحهم بالعودة لبيوتهم.
كان الفنان محمد حماقي من أكثر الفنانين نشاطاً في الحفلات ، لكنه سوف يغيب عنها العام الحالي، بسبب إستعداده للزفاف، ورغم ذلك فقد قرر المتعهدون تخفيض أجره، ولكن بأقل من 50%، بلغ أجره العام الماضي، 350 ألف جنيه، وسوف ينخفض إلى 200 ألف جنيه الموسم الحالي.
بينما قرر المتعهدون التقليل من استقدام الفنانين العرب، لاسيما اللبنانين نانسي عجرم، وإليسا، ووائل كفوري، نوال الزغبي، فضل شاكر، ووائل جسار، بسبب إرتفاع أجورهم بشكل مبالغ فيه، فضلاً على أنهم يتقاضون أجورهم بالدولار وليس بالجنيه المصري.
وتسبب إصرار الفنانين الكبار على عدم تخفيض أجرهم في انتعاش الطلب على الفنانين الشباب، الذين أحيوا العديد من الحفلات خلال الشهر الماضي، ومنهم المغربية جنات، التي إنخفض أجرها من 50 إلى 30 ألف جنيه، بالإضافة إلى السوري سامو زين الذي إنخفض أجره من 40 إلى 25 ألف جنيه، رامي صبري من 40 إلى 20 ألفا جنيه، و حسام حبيب من 30 إلى 15 ألف جنيه، والعراقية كلوديا من 25 إلى 15 ألف جنيه، عبد الفتاح الجريني من 20 إلى 10 آلاف جنيه، محمد عدوية من 25 إلى 15 ألف جنيه، أمينة من 15 إلى 10 آلاف جنيه.
المنتجعات تحت الحراسة
وشهدت حفلات منتجعات الساحل الشمالي وشرم الشيخ إنخفاضاً حاداً، لم يسبق له مثيل خلال السنوات العشرالماضية،حيث لم تشهد سوى أقل من عشر حفلات منذ بداية شهر أبريل الماضي، رغم أنها في مثل هذا التوقيت من العام الماضي، كان عدد الحفلات يزيد على المائة حفل. ويرجع السبب في أن المنتجعات الكائنة بتلك المدن والمواقع السياحية، تضم في مجملها قصور وفيلات مملوكة لأركان ورموز النظام السابق، ورجال الأعمال والنخبة المقربة منه، وتخضع غالبيتها للحراسة القضائية، نظراً لسجن أو التحقيق مع أصحابها في إتهامات بالفساد والتربح وسوء إستغلال المناصب.
الشباب الأحق بالثورة
ومن جانبه، قال سامي علام متعهد حفلات ل"إيلاف" إن الحفلات في موسم الصيف الحالي مازال في بداياته، لكن "الجواب باين من عنوانه"، ومن الملاحظ أنه يعاني من ركود شديد، بسبب أحداث الثورة، وتردي الأحوال الإقتصادية وإنهيار الأوضاع الأمنية، وأضاف ل"إيلاف" أن رغم تلك الأوضاع الصعبة إلا أن الفنانين يرفضون تخفيض أجورهم، لافتاً إلى أن تلك الأجور مبالغ فيها بشكل خيالي، وقد حاول متعهدو الحفلات في السابق التفاوض على تخفيضها، لكن الفنانين كانوا يرفضون بحجة "العرض والطلب"، وتابع قائلاً: وعملاً بهذا المبدأ، فإن الطلب هذا العام على الحفلات قليل جداً، الأمر الذي يستلزم تخيفض الأجور بنحو 50%، حتى يستطيع الجميع أن يعمل و"يأكل عيش".
وأشار علام إلى أن متعهدي الحفلات إجتمعوا على ضرورة تخفيض أجور الفنانين جميعاً، والإستعانة بالفنانين الشباب، لإحياء الحفلات وتقديم وجوه جديدة للساحة الفنية، تماشياً مع الثورة التي أحدثت ثورة في كل مناحي المجالات ومنها الفن بالطبع، وإذا كان الشباب هم أصحاب الفضل في إشعال الثورة، فمن حقهم جني ثمارها.
مطلوب التكاتف
وأيدت الفنانة كلوديا تخفيض الأجور، وقالت ل"إيلاف" إنه أمر طبيعي في ظل الأوضاع الإقتصادية السيئة التي يعاني منها المصريون بعد الثورة، مشيرة إلى أن يجب على الجميع التكاتف في هذا الظرف، حتى لا تتوقف عجلة العمل تماماً، لأن هناك الآلاف يعتمدون على الحفلات في حياتهم المعيشية.
ومن جانبه، أعرب محسن جابر رئيس إتحاد منتجي التسجيلات الصوتية والمرئية عن حزنه لحال صناعة الموسيقى في العالم العربي بشكل عام ومصر بشكل خاص، وأضاف ل"إيلاف" أن صناعة الموسيقى تعاني منذ سنوات طويلة، بسبب القرصنة الإلكترونية، وكان المنتجون يتعرضون لخسائر فادحة، لاسيما أن الألبوم يتم تحميله من الإنترنت بعد صدوره بدقائق ملايين المرات. وأفاد جابر أن الحفلات اللايف كانت هي المنقذ للفنان والمنتج، حيث كان يحصل المنتج على نسبة من أجر الفنان، بالإضافة إلى عرض الحفلات في القنوات المملوكة له، لافتاً إلى أن الحفلات أصابها الكساد أيضاً منذ عامين أو أكثر، وإنخفض الطلب على الفنانين الكبار، وكانت بعض الفنادق تستعين بالراقصات أو الفرق الموسيقية أو الديجهات، ولكنها أنخفضت هذا العام بشكل غير مسبوق نظراً لأحداث الثورة. داعياً الجميع إلى التكاتف من أجل عبور تلك المرحلة الدقيقة.
إطبع