ليبيا: خراب بقيمة 480 بليون دولار وأمريكا تصدر لهم الرمل

المسؤول التنفيذي عن العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الانتقالي  الليبي محمود جبريل اعلن قبل عشرة ايام تقريبا ان حجم الدمار الذي قام به العقيد معمر القذافي للمدن  الليبية بلغ حوالي 480 بليون دولار. 

قال جبريل ان اعادة بناء ليبيا سوف يحتاج الى الدعم الدولي مشددا ان صواريخ غراد ومدفعية ودبابات القذافي قد "قوضت المدن" بالاشارة الى مصراتة والزاوية ومدن الجبل الغربي.

لا يجادل أحد في ان القذافي قد تسبب بضرر كبير لشعبه وبلاده، ولكني صدمت بتصريح جبريل. كيف استطاع التمييز بين الدمار الذي سببه القذافي والدمار الذي سببه التحالف الغربي الذي ينفذ هجوما وحشيا على الاراضي الليبية باستخدام احدث الاسلحة في القصف اليومي للجماهيرية. كيف استطاع ان يعزو كل الدمار للقذافي وقواته فقط؟ 

وطالما أن القوى الغربية هي التي تقصف ليبيا فإنه من قلة الذوق مطالبتهم  باصلاح ما دمروه وكأنه تسول احسان منهم. لقد دمر حلفاء الناتو البنى التحتية التي كانت تخدم الشعب الليبي وليس القذافي فقط. وكما يتوقع بعد ان تنتهي هذه الحملة البائسة وكما حدث في تدخلات مماثلة سابقة في دول الشرق الاوسط أن الحكومات الغربية الطيبة والعطوفة التي دمرت كل شيء سوف تتقدم بعروض تبدو انسانية زاعمة انها ترغب في المساعدة في اعادة بناء ليبيا التي دمروها، في مقابل ذلك، سوف يستنفذون كل موارد البلاد  تاركين الليبيين غارقين في الديون لإجيال قادمة بالضبط كما فعلت حملات الانقاذ التي قادتها الولايات المتحدة في الكويت والسعودية والعراق في الماضي. سوف تغرق ليبيا الى رأسها بالديون وبالتأكيد سيتطلب الأمر وجود آلاف من "الخبراء" و "فرق الأمن المرتزقة" للاشراف على مهمات التجديد ، في حين تصبح الدولة التي يعاد اعمارها قاعدة لانشطة التجسس في المنطقة و الحشرات الطفيلية الماصة بشهوة هائلة لكل شيء صالح للنهب، مما يؤدي الى ظهور امراء الحرب والسياسيين المحليين الفاسدين والسماسرة المحترفين ، مؤديا كل ذلك الى اتساع رقعة الفقر. 

قال جبريل ان المجلس قد بادر فعلا في اعداد خطط التطوير وماسيفعلونه في مرحلة مابعد القذافي. دفع هذا التصريح ابتسامة عريضة الى وجهي مثل فتح ستارتين من الحائط الى الحائط، حيث يبدو السيد جبريل شخصا متفائلا. انه يؤمن بأن القوى الغربية سوف تسمح له بقيادة الطريق الى اعادة البناء وادارة بلاده اذا استطاع الليبيون الخلاص من القذافي. 

العقيد معمر القذافي لم يدمر ثمان سفن حربية ليبية كانت واقفة في السواحل الليبية بدون ان تفعل شيئا، بل ان احداها كانت خاضعة لاصلاح مكثف. انها هجمات التحالف الدولي تحت مظلة الناتو التي  

فعلت ذلك. وهذه ليست ملك القذافي وانما الشعب الليبي الذي دفع تكاليف شرائها من نفس المصدر الذي دمرها ومن المحتمل جدا انه بعد سقوط نظام القذافي ، سوف يتم اقناع الليبيين بشراء مجموعة جديدة من السفن الحربية من نفس مصدر تدميرها لأن هذه السفن مهمتها حراسة السواحل. ولكن طبعا لن يتصور احد ان الولايات المتحدة سوف تعرض على الليبيين سفنا بديلة على سبيل التعويض، لأن ليبيا ليست اسرائيل. 

كما ان الاضرار المتوقعة التي تسببت بقصف الناتو هو زيادة قيمة التأمين على السفن والبضائع القادمة الى موانيء ليبيا وسوف تتجنب السفن الوصول الى الموانيء الليبية بسبب الحظر.

 ومما يثير التأمل أن وزارة الدفاع الامريكية اعلنت انها قد اوصلت 120 الف وجبة غذاء معدة حسب الشريعة الاسلامية للمعارضة الليبية. واكثر من ذلك اعلن المقدم ديف لابان ان الولايات المتحدة تخطط لارسال اكياس رمل لليبيين لبناء حواجز ومصدات و "معدات شخصية" اخرى "لاتستخدم في القتال" وان هذه المواد سوف توصل الى المعارضة الليبية في الاسابيع القادمة. 

ومن وجهة النظر المتواضعة لمواطنة عربية ارى ان هذه الترتيبات غير معقولة. الولايات المتحدة تحاصر موانيء ليبيا وتحظر كل الانشطة التجارية مع ليبيا، ومع هذا فهي تظهر الرحمة بارسال وجبات طعام لجزء من الشعب الذي تجوعه. اما بخصوص اكياس الرمل ، ، حتى الجمهور العربي، بضمنهم انا، يشاهدون المسلسل البريطاني الرائع "افضل المعدات Top Gear" و قد أوضح الفريق التلفزيوني اللامع بشكل مثير للدهشة وبدون ادنى ظلال من الريبة ، أن اكياس الرمل لا توفر الحماية ضد الرصاص.  

أراهن ان الولايات المتحدة سوف تحاسب ليبيا على قاعدة: برميل نفط - على الأقل - مقابل كل كيس رمل. 

لحسن الحظ، لدى ليبيا كل الرمل المطلوب مجانا. اتمنى الا تكون الولايات المتحدة عازمة على بيع الرمل الليبي لاصحابه، اضافة الى ان مقترح ارسال "معدات" شخصية لا تستخدم في القتل يبدو فكرة غريبة.

فكرت كثيرا بالمقصود بمثل هذه المعدات الشخصية؟ كيف يستطيع العم سام ان يمد يد المساعدة للمتمردين الليبيين بارسال "معدات شخصية" لا تستخدم في "القتل" او "الدفاع عن انفسهم" ؟ آمل الا يكون العم سام يفكر في ارسال كريم حلاقة امريكي الصنع الى الثوار. لا استطيع فهم كيف ان اكياس الرمل والمعدات الشخصية غير المستخدمة في القتل تستطيع تحرير شعب؟ هل يمكنكم انتم؟

 

تعليق: وكأن الكاتبة تعيد على أنظارنا شريط سينما عايشناه من قبل ومازلنا نعيشه. 

1- إلقاء عبء كل جرائم الاحتلال على شخص الحاكم السابق حيلة دعائية سمعناها كثيرا: حصار العراق وتجويعه كان بفعل صدام حسين، دمار البنى التحتية وخراب كل شيء كان وراءه صدام ، فساد الحكام الجدد وخياناتهم وإجرامهم سببه صدام . لايهم أن الرجل رحل عن الدنيا ، فبعد مائة عام سوف يقولون نفس الشيء. اعتبار انفسهم وأسيادهم المحتلين عصافير الجنة الحلوين الذين جاءوا للاصلاح والتحرير ونشر الفضائل والخيرات.

 

2- مصائب اكذوبة اعادة الإعمار وتدفق الضباع والغربان . نعم فكل الجرائم: القتل والنهب والاغتصاب التي سوف يرتكبها العملاء والمرتزقة والاحتلال سوف تتم تحت غطاء "إعادة الإعمار"

 

3- رهن الاجيال المستقبلية لاستنفاذ كل ثروات وموارد الشعب؟ نعم لقد رهنوا حتى أرامل العراق في البنك الدولي.

 

4- تدمير مقدرات الشعب الليبي باعتبارها ملكا للقذافي؟ وهذا أيضا فعلوه : سفن صدام حسين، طيارات صدام حسين ، جيش صدام حسين، قصور صدام حسين ، وزارات صدام حسين، كهرباء صدام حسين، بنى تحتية صدام حسين .

 

5- أكياس رمل ؟ وهذا وربك ما فعلوه . استوردوا لنا رملا من الخليج ! وربما يصدرون الآن رملنا الذي لم يعجبهم الى ليبيا!