الباحثون عن خالد شاهين
اخبار البلد_ بين الهمس في صالونات عمّان والأحاديث المعلنة في الشوارع، وبين المعلومات التي ما تزال مخفية حتى اليوم، تغيب حقيقة سفر رجل الأعمال الأردني المحكوم خالد شاهين.
إعلان رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت أن شاهين "فار من وجه العدالة"، لم يبدد الغموض الذي يحيط بالقضية، والتي أصبحت واحدة من القضايا التي تشغل الرأي العام المحلي، بل يزيدها غموضا بالنظر إلى "الوقفات" الحكومية السابقة التي دافعت عن قرارها بالسماح له بالسفر، و"تباكت" على "الرصيد الإنساني الغائب" عند من ينتقدون قرارها ذلك. سرورنا بتحمل الحكومة مسؤوليتها الأخلاقية عن سفر شاهين، واتخاذها قرارات بـ"الإقالة"، أو "الاستقالة"، لكنّ ذلك لا يبدد شيئا من غموض القضية، فما يزال الأردنيون يطالبون بالشفافية حيال هذا الملف، وبالإجابة عن كثير من الأمور "الخفية" التي رافقت رحلة محاكمة شاهين وصولا إلى إدانته، إضافة إلى الكيفية "الحقيقية" التي خرج بها من الأردن إلى لندن لـ"العلاج".
وتأتي استقالة وزيري العدل والصحة كما لو أنها "خطوة صحيحة" في "حلقة غامضة"، فلا أحد يستطيع قراءة ما تم قبلها، ولا استشراف ما سيأتي بعدها، ما دامت الحكومة وطّدت العزم على إبقاء العديد من الملفات "طي الكتمان والغموض".
لكنّ الأهمّ من ذلك، هو أن سفر شخص محكوم، وبعلم عدد من أعضاء الحكومة، هو أمر يتعدى أن يتم تحميل مسؤوليته لـ"عدد محدود" من الوزراء، فهو أقرب إلى الفضيحة التي تنال من سمعة الحكومة بأكملها، وهي المطالبة اليوم بأن تتحمل مسؤوليتها عن هذا الاختلال في المعاملة، والكيل بمكيالين تجاه مواطنين محكومين، فمنهم من يتم تسفيره إلى أوروبا للعلاج، وآخرون يمكن أن يتعرضوا لـ"الموت الصامت" بانفجار زائدة دودية بسيطة، من دون أن تتوفر لهم العناية حتى في مستشفى البشير.
إن إعلان شاهين على أنه "شخص فارّ من وجه العدالة"، هو محاولة متأخرة من الحكومة لـ"تبييض" صفحتها، ولا يمكن اعتباره إعلان حسن نوايا من الحكومة على أنها ستتعامل مع هذه القضية، أو مع غيرها من قضايا الفساد بجدية والتزام، فالقضية التي تمت أثناء ولايتها، تجعلها أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية لا يبددها استقالة وزيرين، وإذا كان هناك "تحقيق جدّي" في القضية، فالأولى أن يتم بولاية حكومة أخرى، تحقيقا لمبدأ العدالة، خصوصا أن أحاديث الصالونات والشارع تربط شخصيات حكومية أخرى بقضية سفر شاهين.
وإلى أن يتم توضيح القضية من جميع أبعادها، لا يمكن أن نقتنع أن "شاهين فارّ من وجه العدالة"، وهو الذي حظي بـ"حفنة" كبيرة من التوقيعات خوّلته الحصول على أوراقه الشخصية من جديد، واستخدامها ضمن القانون للسفر بها بعيدا عن الأردن.
هذا الأمر، يؤكده في صفحته على "فيسبوك" التي استحدثها مؤخرا ليتواصل مع معارفه، فيكتب خالد شاهين رادّا على القرار الحكومي باعتباره فارّا من وجه العدالة: "أنا خرجت قانونيا وبموافقة الحكومة وتقارير الأطباء".
ويقول إنه لا علم له بـ"مذكرات جلب حكومية" استصدرت في حقه، وأن الشرط الذي وقع عليه لدى مغادرته، هو أن يعود إلى الأردن عقب العلاج، مبينا وقوع "تضارب" في الرأي حول علاجه في بريطانيا، وأنه لا يستطيع العودة إلا بعد إكمال العلاج.
وما دمنا نتحدث عن "فيسبوك"، فمن الطريف أن هناك صفحة على موقع التواصل الاجتماعي استحدثها شبان تحمل اسم "الباحثون عن خالد شاهين"، ربما يقومون بهذا الأمر بعدما يئسوا من أي جهود حكومية حقيقية في هذا السياق!