العسكر وبس..



على قدر ما نفخر بالعسكر إلا أننا نشعر بالأسف على ما آلت اليه مشاعر بعض الناس..

أمس الأول؛ ذهبت إلى مبنى الاذاعة والتلفزيون، وحين خرجت إلى الشارع العام، توقفت قرب اشارة السكة، القريبة من مؤسسة الاذاعة والتلفزيون، فرأيت شابا ملقى على الرصيف بلا حراك، وكانت الساعة الواحدة بعد الظهر، وروعني ما رأيت من الناس، فهو بالكاد يلتفتون إلى الشاب الملقى على الرصيف، ومن بين عشرة أشخاص تقريبا، ربما تجد واحدا فقط يحاول النظر إلى هذه الكتلة البشرية الملقاة بلا حراك على الرصيف!
تابعت المراقبة لهذا السلوك البشري الغريب، وبعد وقت، شاهدت الشرطة تقف عند الشاب «المقروط ع البلاد»، وكدت أن أنسى الموضوع، فالشرطة حضرت وأية رواية أتخيلها في ذهني ممكنة، حول الشاب وعدم اقتراب الناس منه، لكنني وعلى الرغم من أنني كنت أقف على مسافة تزيد عن 100 متر عن مكان الشاب، إلا أنني لاحظت أن الشرطة التي تقف حول الشاب هم من مرتبات مديرية السير، الذين يرتدون نطاقا أبيض، عندئذ عدت إلى المتابعة، واقتربت من الشرطة، فإذا به ملازم ثان من السير ومعه شرطي، ترجلا من سيارة دورية السير، ليستطلعا حالة وقصة الشاب الملقى على قارعة الطريق دونما أدنى اكتراث من أمة لا إله الا الله، فإذا بالشاب لا يتحدث، فهو مغشي عليه والزبد يخرج من فمه، الأمر الذي دفع بالملازم للاتصال بالدفاع المدني.
فهمت موقف رجال السير من الموضوع، وهو الموقف الذي سبق لي الحديث عنه قبل أسبوع في مقالة «هل هي بطولة حقا؟!»، حيث مضغت وسائل الاعلام المحلية» الجادة منها والمفلسة»، قصة رقيب السير الذي جمع أصدقائه للتبرع بالدم لصالح ابن أحد المواطنين، الذي كان قد أوقفه لمخالفته تعليمات السواقة، وقلت بأنها مواقف مألوفة تصدر عن كل العسكر بخاصة مرتبات الأمن العام والأجهزة الأمنية المتواجدة في الميدان، وتتعامل يوميا مع الشارع ومن فيه، ولم أتفاجأ من موقف الملازم فادي فلاح العبادي، حين استطلع حالة المواطن المرمي على الرصيف، ولا مبادرته الاتصال من هاتفه الشخصي بالدفاع المدني، وعدم مغادرته المكان الا بعد حضور سيارة الإسعاف التابعة للدفاع المدني .. الموقف أردني أخلاقي مألوف ومعروف، يسلكه الناس لمساعدة الناس، لكن الذي استفزني أساسا هو عدم التفات الناس إلى شاب بهذه الحالة، ثم مجيء رجال السير ومساعدة الرجل، وبعدها محاولتي معرفة اسم الملازم، الذي رفض إعطائي الإسم، وقال لا نفعل هذا من أجل أن يذكرنا الناس، فواجبنا الانساني والأخلاقي يدفعنا لمساعدة أي إنسان في أي مكان، فكيف حين يكون مواطنا بمثل هذه الحالة !
ابتعدت أمتارا عن المكان وقمت بتصوير الموقف من خلال هاتفي، ووضعت تلك الصور على صفحتي في فيسبوك، وكتبت عليها (هل سألتم من هم حراس القيم الطيبة في مجتمعنا..؟!. هذا مواطن غشاه عارض صحي في الشارع العام قرب مبنى ا?ذاعة والتلفزيون، ولم يتطوع مواطن واحد من المارة لمساعدته سوى نشامى رجال السير..هؤلاء هم حماة الاخلاق الحميدة في الاردن.فشكرا للملازم فادي فلاح العبادي الذي لم يغادر الا بعد وصول الدفاع المدني.)..
لا كلام يفي العسكر حقهم من الثناء والتبجيل، ولا عزاء لمجتمع أصبحت النخوة فيه خلق دخيل !.
ibqaisi@gmail.com