الجبهة الشعبية تستعيد دورها المبادر



لا يقتصر عدد الشعب العربي الفلسطيني ، وقواه السياسية ، وقياداته ، على من هم صامدون داخل وطنهم ، سواء في مناطق 48 أو مناطق 67 ، أو من عاد منهم من المنفى إلى الوطن ، ليس هؤلاء هم فقط مكونات الشعب الفلسطيني ، فهؤلاء في منطقتي 48 و 67 ، هم فقط نصف الفلسطينيين ، ونصفهم الاخر هم المكون الثالث والاكبر مازال خارج الوطن في بلاد الشتات والمنافي واللجوء ، وعددهم يفوق الستة ملايين لاجيء من مناطق 48 ، ونازح من مناطق 67 ، ومعهم قوى وفصائل وشخصيات قيادية ، يشكلون النصف الثاني من الفلسطينيين شعباً وقيادة ، رغم عودة أكثر من ثلاثمائة ألفاً ، عادوا بعد إتفاق أوسلو عام 1993 مع الرئيس الراحل ياسر عرفات ، وعاد معه العديد من المؤسسات الفلسطينية ، حيث بات مقرها داخل وطنهم ، لبناء القاعدة والبنى التحتية لمشروع الدولة الفلسطينية في حدود مناطق 67 ، وفق الاتفاق التدريجي المتعدد المراحل الذي توقف وتم التراجع عنه عملياً وممارسة من قبل المشروع الإستعماري الإسرائيلي بعد إغتيال رابين 1995 ، وياسر عرفات 2004 ، وإعادة إحتلال المدن في أذار 2002 ، والتي سبق وإنحسر عنها الإحتلال بفعل إتفاق أوسلو .
إنتقلت مؤسسات فلسطينية عديدة إلى وطنها بهدف إستكمال قاعدة بناء الدولة بعناوينها الثلاثة : أرض وشعب وسيادة ، ولكن بعض المؤسسات بقيت خارج فلسطين ، ولم تعد إلى الوطن ، بل بقيت في الخارج بقرار سياسي من قبل الرئيس الراحل أبو عمار ، رغم توجهاته بالانحياز لقرار العودة ، كقائد ورئيس ، حيث إختار العمل بين مسامات شعبه وعلى أرض بلاده ، بعد أن نقل الملف الفلسطيني وعنوانه من المنفى إلى الوطن ، ليكون الاشتباك عملياً ويومياً ومستمراً ، من قبل قواعد ومؤسسات المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني ، وفي مواجهة مؤسسات وإجراءات وسياسات المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، على الارض وفي الميدان .
قرار عدم عودة كل المؤسسات الفلسطينية إلى حاضنتها داخل الوطن ، قرار إستراتيجي ، شمل المجلس الوطني الفلسطيني ، والدائرة السياسية ، والصندوق القومي الفلسطيني ، ودوافعه لم تكن صدفة ، بل كان إنتقائياً ، لكل منها أسبابه ودوافعه ، عاكساً رؤية عميقة بعيدة المدى مُعبراً عن إدراك مسبق وتحسباً لكل الإحتمالات ، التي ثبت صحتها مع تطور الاحداث وتتالي الوقائع وأهمها أن نصف الشعب الفلسطيني ما زال خارج الوطن .
المجلس الوطني الفلسطيني ، له صفة تمثيلية تفوق ما لدى المؤسسات الاخرى ، من دور وأهمية ، فهو الممثل والمعبر عن مصالح مكونات الشعب الفلسطيني الثلاثة : 1- أبناء مناطق 48 ، 2- أبناء مناطق 67 ، 3- أبناء اللاجئين ، وللدلالة على ذلك ، حينما جرت إنتخابات المجلس التشريعي في الضفة والقدس والقطاع عام 1996 ، تم الاقرار أن هؤلاء النواب المنتخبين ، أصبحوا حكماً ورسمياً يمثلون شعبهم ( من مناطق 67 ) كأعضاء عاملين لدى المجلس الوطني الفلسطيني ، وهو الممثل والمعبر عن إرادة ومصالح وحقوق كل الفلسطينيين .
في ضوء هذه المعطيات ، وخلفية التشكيل والتمثيل ، لم تكن مطالبة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، في اللقاء الذي جمع قياداتها مع الرئيس محمود عباس يوم 5/12/2016 ، في ضرورة عقد اللجنة التحضيرية المعنية بعقد المجلس الوطني الفلسطيني ، خارج فلسطين ، ليتسنى لممثلي كافة الفصائل المشاركة في إجتماع هذه اللجنة ، وتعذر إجتماعها في رام الله ، خاصة وأنها سبق وأن إجتمعت في مقر المجلس الوطني في عمان ، بحضور ومشاركة كل الاطراف بما فيها الفصائل الاربعة : حماس والجهاد والجبهة الشعبية – القيادة العامة والصاعقة ، وقد سهلت الحكومة الاردنية إنعقادها ، إعتماداً على إحترامها وإلتزامها لأتفاقية المقر .
عقد المجلس الفلسطيني بات ضرورياً وملحاً ، لأنه المؤسسة التمثيلية التي تضم الفصائل والاتحادات المهنية والشعبية والشخصيات المستقلة وممثلي الجاليات الفلسطينية ، لأنه لم يجتمع كاملاً بجناحيه السياسي ونصابه القانوني منذ فترة طويلة ، مما يتطلب سرعة إنعقاده بما يجمع 1- الفصائل المنضوية في إطار مؤسسات منظمة التحرير ، 2- الفصائل التي مازالت محافظة على عضويتها في إطار المنظمة ولكنها تقاطع إجتماعاتها مثل الجبهة الشعبية – القيادة العامة والصاعقة ، 3- حركة حماس عبر نوابها المنتخبين أعضاء المجلس التشريعي منذ عام 2006 ، ولا زالوا يكتسبون ولاية العضوية وهم 74 عضواً ، وحركة الجهاد الإسلامي ، مما يتطلب سرعة إنعقاد اللجنة التحضيرية خارج فلسطين كما حصل ذلك في أخر إجتماعاتها في مقر المجلس الوطني في عمان .
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تحتفل بمناسبة إنطلاقتها السنوية طالبت الرئيس بعقد اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني خارج فلسطين ، وأعلن قادتها أنهم لا يقبلون إنعقاد المجلس الوطني داخل فلسطين ، بسبب تعذر دخول ومشاركة كل الاطراف الفلسطينية إلى رام الله بينما يتمكن الممثلون من الداخل للخروج والمشاركة في إجتماع دورة المجلس الوطني خارج فلسطين ، إما لدى مقر المجلس الوطني في عمان كما حصل عام 1984 ، أو لدى مقر الجامعة العربية في القاهرة ، كما سبق وحصل مرات عديدة .