دولة الرئيس لحظة مصداقية

دولة الرئيس لحظة مصداقية

مصطفــى خريسات

                                                                                 

يبدو اننا في الاردن قد عالجنا كل قضايا الفساد و زُج ابطالها في السجون ، واصبح الشعب يرمي التهم جزافا الامر الذي جعل رئيس الوزراء خلال المؤتمر الصحافي اول من امس يتهدد ويتوعد بأنه سيحيل كل مواطن لم يثبت الفساد بالادلة والبراهين الى النائب العام بتهم القدح و الذم والتشهير والاساءة.

نحن مع دولة الرئيس في عدم النيل والاساءة للشرفاء و الوطن لكننا نختلف معه في جدية الاصلاح فمنذ 3 شهور والشعب الاردني كله يتحدث عن الفساد و المفسدين و لغاية تاريخه لم يحاسب فاسداً ولم نصل الى قرار في اي قضية ، ولو صدرت قرارات في معاقبة الفاسدين لكان الحق مع الرئيس فيما تهدد و توعد ، لكن حديث دولته ان هناك افتراءات كاذبة في الفساد هدفها تهييج الشارع ضد الحكومة و تدفع الناس الى تخريب الامن و الاستقرار فهذا مرفوض كون الفساد مايزال يسرح و يمرح من دون محاسبة الامر الذي يعطيه الشرعية بالاستمرار .

و اذا رغبنا باستعراض ملفات الفساد فاننا بحاجة الى اكثر من مسلسل تركي او مكسيكي لطرح تلك القضايا ، لكننا في عجالة نستعرض بعض الامثلة التي خطرت على البال في هذه اللحظة السريعة :

1- قضية ابريق الزيت (خالد شاهين) التي ما تزال تراوح مكانها بين تصريح و تصريح مضاد فكلما خرجت الحكومة بتصريح اصدر خالد شاهين بيانا او تصريحا من عاصمة الضباب ، يفند فيه اقوال الحكومة في اتهاماتها ، و عندما اصدر رئيس الوزراء تصريحا قال فيه ان لديه ضمانات تكفي لاعادة خالد شاهين الى الاردن مناقضا في ذلك تصريحه الاخير الذي اعتبر خالد شاهين هاربا من وجه العدالة  و هو في واقع الامر ليس فاراً من وجه العداله بل خرج بغطاء حكومي و زادت على ذلك في دفاعها عن قرارها بتسفيره من خلال تصريحات الوزراء المعنيين بالامر ، و لم يكن شاهين مجهول محل الاقامة حتى يعتبر فارا بل عنوانه معروف و البلد الموجود فيها معروف ..

و بالمقابل يخرج خالد شاهين بتصريح على ان رئيس الحكومة جانبه الصواب فيما يتعلق بقضيته و انه سيصدر هذا الاسبوع بيانا يوضح فيه كل الملابسات و الاسرار في قضيته و زاد في تصريحه ، انه اعتبر استقالة الوزيرين المجلي و الحسبان غير مبررة و بطريقة تؤكد تدخلاً سافراً في شؤون الحكومة و مساً لهيبتها ... هل هذا يا دولة الرئيس يعتبر تجنيا على الحكومة ؟؟!!... ام ان الحكومة هي التي ورطت نفسها به ، و اساءاة لنفسها جراء ذلك ؟!

 

2- هل المطلوب من المواطن الاردني (الشعب برمته) الذهاب الى الوزارات و المؤسسات للبحث عن ادانات الفساد و تفتح لهم الابواب للبحث عن وثائق  الفساد و تعم الفوضى !! هل هذا ما يريده دولته بكلامه عن الادلة و البراهين ، ام ان الاسلم هو تفعيل الجهات الرقابية المعنية في هذا المجال و اطلاق يدها بما في ذلك القضاء لاقناع الناس بجدية الحكومة بهذا المجال .

ان فقدان الثقة بالحكومة من قبل الشعب هو الذي جعل قضية الفساد تكبر يوما بعد يوم الامر الذي ادى الى خلط الامور و المبالغات و قذف البعض بتهم الفساد من دون وازع او ضمير ، و من دون ادنى اكتراث بالمحاسبة الذي تتحمل مسؤوليته الحكومة في بطئها بمعالجة الداء!!.

 

فما معنى قيام امين عمان السابق خلال مؤتمره الصحافي قبل عدة شهور بالحديث ان لديه ملفات فساد و سيعلنها في الوقت المناسب و ذهب الامين و لم يأت الوقت المناسب حتى الان ؟؟ هل يستطيع المواطن ان يتقدم للقضاء بشكوى بهذه او غيرها ، ام ان هذا العمل هو من اختصاص جهات معنية التي يجب ان تسأل و تحاسب بكل شفافية ووضوح .

عندما نتحدث عن الفساد فإننا لا نتحدث فقط عن الفساد المالي بل يضاف الى ذلك الفساد الاداري فكيف يتم تنفيذ مشروع الباص السريع و تخرج اللجنة النيابية بتوصيات بان لديها شبهات فساد في هذا المشروع و ان الدراسات غير مكتملة فنيا...الخ و توصي بإيقاف المشروع ، من الذي سيتحمل التكاليف المالية التي خسرتها الخزينة على هذا المشروع !!! هل هذا بحاجة الى وثائق و ادلة يا دولة الرئيس!!.

 

3- الخصخصة و ما تبعها من سلبيات في كل جوانبها ، هل تعلم الحكومة على سبيل المثال لا الحصر ان الكنديين الشركاء في شركة البوتاس العربية عرض عليهم قبل فترة بيع حصتهم بالبوتاس ببليون دولار و رفضوا ذلك و ان ارباحهم طول الفترة السابقة وصلت الى نفس الرقم تقريبا في حين انهم اشتروا حصتهم قبل سنوات ب125 مليونا، هل الحكومة الاردنية عاجزة و فاشلة الى هذا الحد من ادارة الشركة ام ان الكنديين افلح منها في الادارة ؟ .

ترى كيف للمواطن ان يتقدم بالوثائق و الادلة الى القضاء عن مثل هذه المشاريع ؟ التي لا نعرف على اي اسس تم البيع وما الدراسات و الارقام التي استندوا عليها لابرام تلك الاتفاقيات الصفقات .

4- اصبح في البلاد موضة مسؤول حكومي الذي يتمييز بشركات خاصة باسمه او باسم زوجته او اولاده او اصدقائه و احبائه او اقربائه لها نصيب من موقع ذلك المسؤول بدعوة أنها تقدمت بعروض مثل غيرها و فازت بالعطاء، هل هذا بحاجة الى وثائق يا دولة الرئيس ؟.

 

5- في مجال الاستثمار منذ سنوات و الاردن يعاني من ازمة استثمارات حقيقية لم تات بالاموال من الخارج ، فالاستثمارات التي تتغنى الجهات الرسمية بها اما قروض  من بنوك محلية او بيع الاراضي و العقارات وهذا  ليس استثماراً حقيقياً لان مفهوم الاستثمار هو ادخال اموال من الخارج و استثمارها بمشاريع داخل البلاد ، املنا الكبير ان يطلعونا على الاستثمارات التي اتت الى الاردن لنعرف الحقيقي منها و الوهمي .

 

ما طرحناه هو نقطة من بحر سببه تسليط الاضواء على قضايا يمكن للحكومة ان تعالجها لا لطبطبتها ،كيف يمكن لابناء الوطن ان يقدموا الوثائق ضد شخص بدأ حياته مستشارا في الرئاسة براتب 600 دينار و انتهى في العام 2010 يبيع قصراً له ب14 مليونا فقط بيته عدا عن الاموال الاخرى و غيره الكثير الذي يتحدث عنها عامة الشعب !!.

 

يقول رئيس الوزراء ان الاردن لم يدفع فلسا واحدا و لا ارضا تعويضا عن موضوع الكازينو ، و السؤال الذي نطرحه امام دولة الرئيس هل اغلق الملف تماما ام ما يزال صاحب المشروع مصراً على ان تدفع له الحكومة الاردنية بليونا و اربعمائة مليون نقدا و هي قيمة ارباحه المتوقعة لمدة خمسين عاما.

هل يستطيع رئيــس الوزراء ان يبرر لنا سبب وقوف ابناء الطفيلة في الشارع الرئيسي احتجاجا على زيارته للمحافظة و منعه من دخولها  و كان الاجدر من الرئيس ان يذهب اليهم و يناقشهم بالمشاكل و المسببات التي دفعتهم لاغلاق الطريق بدلاً من تغيير مساره .

لماذا خرج وزير الصحة من مستشفى السلط الحكومي تحت حماية الدرك خوفا من الاطباء بدلاً من الذهاب اليهم و الاستماع الى شكاواهم؟ و لماذا اعلن وزير العدل في استقالته المسببة بنقاط في غاية الاهمية و الخطورة ؟ و لماذا اعلن وزير الصحة المستقيل بأنه عاش حالة احباط لانه كان ينشد الفزعة من زملائه و لم يحصل عليها؟ .

 

 

ولنكن اكثر جرأة و صراحة هل نبحث عن محاربة الفساد ام نبحث عن تغطية للفساد ؟ اذا كنا نبحث عن محاربة الفساد املنا الكبير ان نصل في النهاية للحفاظ على الوطن نظيفا نعيش فيه اسرة و احدة متحابة منتمين بدلا من اننا ماضون في نهج غير مألوف لدى مجتمعنا و بلدنا .

اخيرا املنا ان يجلس الدكتور معروف البخيت على طريقة                 ( الخلوات) مع نفسه و يفكر هل ادارته لحكومته الحالية تختلف عن حكومته السابقة و هل هو على قناعة تامة على ان حكومته صاحبة الولاية الكاملة ...

                                          

و الله من وراء القصد.