الفساد إبدأوا بانفسكم
حلب؛ لا يمكنني الحديث عنها، فأنا توقفت عن الكتابة عن الشأن السوري منذ أن سال الدم السوري أنهارا، وتم فتح الساحة السورية لكل خارج عن القانون والأخلاق، ليعيثوا فيها قتلا وتدميرا.. أنا مع وقف تدفق الدم السوري ولو ببتر الأعضاء وكيّها..عاشت سوريا وشعبها العربي الصابر.
وعن ترامب وفريقه الانتقالي، هل تعلمون بأنني قرأت أمس خبرا مثيرا؟.. يقولون بأن فريق ترامب هاجم مجتمع ال CIA الاستخباري، بعد أن نشر الأخير تقارير تفيد بتدخل روسي في الانتخابات الأمريكية دعما لترامب، حيث رد فريق ترامب بأن : هؤلاء هم أنفسهم الذين قالوا أن لدى صدام حسين أسلحة دمار شامل».. بصراحة: إن مرحلة البطة العرجاء في أمريكا مثيرة، فقبل 8 سنوات كان أوباما يقبع هناك في حالة «بطة عرجا» ولم يتدخل في أحداث الحرق والإبادة في غزة آنذاك، وصدرت تقارير تقول بأنه ضوء أخضر لاسرائيل أن تنهي مهمتها قبل تسلم اوباما السلطة، وهذا هو ترامب يفعلها أيضا، ولم يقل شيئا مهما عن سوريا وروسيا وغيرهما، بانتظار تسلمه رسميا لمقاليد السلطة في اليو اس آيه ..حنئول آيه ولا آيه !.
كلها جعجعة عالمية بلا طحن يذكر، سوى طحن الموارد العربية والشعوب والأمن والمقدرات .. فهل من وجه شبه بين جعجعة العالم في تحقيق الرفاه والأمن والسلام لسكان الكوكب، وبين جعجعتنا في مكافحة الفساد وتحقيق العدالة، هل العدالة غائبة إلى هذا الحد؟!.
لن أتحدث عن تقرير ديوان المحاسبة لعام 2015، لأنني لم أطلع عليه ولم أعلم شيئا عن إجراءات ديوان المحاسبة حول قضايا أثرتها في هذه الزاوية، لكنني أتحدث عن هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، بعد أن علمت أنهم حققوا في قضايا أثرتها هنا وفي غير المكان، وتم تحويلها إلى المدعي العام فعلا.. شكرا .
حضرت احتفالية الأردن بيوم مكافحة السلام العالمي، وسمعت كلاما طيبا، حيث التقيت بسميح بينو الرئيس الأسبق لهيئة مكافحة الفساد، وقال لي بأنه يقرأ مقالتي يوميا، ومدحني.. أنا شخص أصبح يحب المدح حين يصدر عن النزيهين، حتى رئيس الوزراء ربت على كتفي ضاحكا، واتفقنا؛ «اتفقنا» كلمة ليست لائقة فأنا مواطن قبل أن أكون صحفيا وبعدها وأثناءها أيضا، لكن الرئيس هاني الملقي وافق على مقابلة إذاعية سأجريها معه قريبا..استنوها، لأنها ستكون مهمة بلا شك.
هل سأسأل الرئيس وقتها عن الذي قاله في كلمته أثناء رعايته حفل اليوم العالمي لمكافحة الفساد؟.. أنا لا أعلم من يرتب الأفكار والنصوص في كلمات رئيس الوزراء وخطاباته، لكنني متأكد من أن موقف الرئيس الفعلي توضح في ما قاله الرئيس حول طلبه من هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بأن تبذل جهدا في «تطهير» المؤسسات الرسمية من آفة الفساد وثقافتها، فالرئيس قال صادقا : «إبدأوا بإدارات رئاسة الوزراء».. فقلت في نفسي «نعم هذا هو الخلق الصحيح، وهي النوايا السليمة لإرساء أخلاق النزاهة والشفافية والعدالة في إدارة الشأن العام.. ولو لم يكن الرجل نظيف النية ويتمتع بالسوية لما أشار على الهيئة بأن تبدأ من رئاسة الوزراء، وسوف نسمع عن مواقف سياسية نوعية من قبل الدكتور الملقي، حين تشرع الهيئة بمراجعة كل صغيرة وكبيرة في رئاسة الوزراء، آملا أن يرتبط هذا بالتعديل الوزاري الذي نسمع إشاعات حوله.. إن الذي يريد أن يجابه الفساد عليه بالتأكد أولا من خلو نيته ومكتبه من هذه الآفة، منطق سليم.
رئيس الوزراء يقدم لنا نموذج في القدوة الحسنة، وهذا كلام ليس غرضه التقرب له أو لغيره، بل هو مبدأ عادل سلكه الأنقياء من كل دين وملة، فكلهم قالوا :أبدأ بنفسي، ويكون المبدأ والتصريح والتوجيه الحكومي نوعيا ومهما ومؤثرا، حين يقول كل وزير وكل مسؤول في هذه الحكومة، ابدأوا من عندي، وهذا ما يجب أن يقولوه بعد أن قاله رئيس الوزراء، وطلب من هيئة النزاهة أن تتأكد من سلامة الادارات في رئاسة الوزراء، فتخيلوا لو أن كل مسؤول سلك السلوك نفسه، وقام بالتأكد من أن لا فساد في مؤسسته أو إدارته..سيغدو الأردن عندها «طحنا نظيفا»، وسوف تتوقف الألسنة عن مضغ الكلام حول الفساد المزعوم المستشري، فهو لن يكون زعما بعد مثل هذا الموقف..
من شو خجلانين أو خايفين..ابدأوا بأنفسكم ومكاتبكم وإداراتكم ولننظر بعد هذا إلى النتائج، وسوف يكون الكلام دقيقا ومنطقيا عن الفساد بعد مثل هذه الخطوة، التي اعتبرها ورغم بساطتها بأنها استراتيجية قوية لمكافحة الفساد وثقافته وينابيعه.
ibqaisi@gmail.com