الإعلام الإسلامي والتستر على خيانات الأمة
اخبار البلد_ منذ عهدي بالكتابة لم يسبق لي وأن تعرضت لحركة الإخوان المسلمين إلا بكل خير، لا أنتمي لها كما لا أنتمي لأي حركة أو حزب، لكن إحترامي وتقديري للكثيرين من رجالاتها دعاني أن أسير على خطها بقلمي ما استطعت، لقد اطلعت على وثيقة للمخابرات الأمريكية كانت عبارة عن تقرير مرفوع للرئيس الأمريكي ترومان عام ١٩٤٧، يعتبرون هذه الحركة الخطر الأكبر في العالم العربي على الكيان الصهيوني الذي كانوا يعدون له وأن غيرهم كانوا في الجيب كما يبدو- وكانت هذه هي الحقيقة، فقد سقط زعيمها الإمام حسن البنا شهيدا في سبيل فلسطين، كما سقط العديد من تلاميذه شهداء على ثرى فلسطين، وبلغ أن فردا منهم كان عن جيش وهو البطل الشهيد أحمد عبد العزيز رحمه الله، وظلت هذه الحركة تعطي حتى انجبت الأمام الشهيد سيد قطب رحمه الله، ما كانوا ينظرون لمصالحهم الشخصية والضيقة، تاريخهم طهر ونقاء لأن عيونهم كانت على الآخرة ولم تستطع أن تردعهم عنها سياط محاكم التفتيش التي مزقت أجسادهم في سجونها.
ثم رأينا منهم الداعية الجليل وجدي غنيم وهو يشرد من بلد الى بلد في سبيل كلمة الحق، وما سمعناه يقول الظرف لا يسمح الآن، أو يرمي بتلك الأعذار التي دمرت الأمة ولا زال مشايخ هذا الزمن يلقون بها.
لكن هذا لا يعني أن هذه الحركة التي أصبحت كل عيون الدنيا عليها لم تتعرض للإختراق، بل إني أجزم أنها تعرضت للإختراق حتى في زمن حسن البنا رحمه الله، ولكن ما يجري الآن في هذه الحركة مؤلم ومحزن، ترى وجوه مريبة وقرارت مريبة وصمت مريب في غير مكانه، وإزاء كل هذا عليك السكوت فمن أكبر منك أعرف منك!، لم تعد ترى ذاك الوهج الذي صار تاريخا بل ثمة رماد متناثر في كل مكان.
عندما كتبت عن ماسونية محمود شلتوت الأمام الأكبر، أول من حاز على هذا اللقب!، غضب مني من غضب، مع أني ما ذكرت ذلك دون تمحيص، لقد قابلت أربعة رؤساء لمحفل قوشامحل ٥١ الماسوني، والذي كان ينتمي اليه جمال الدين الأفغاني وأكدوا لي حضور شلتوت كضيف شرف على أحد مؤتمراتهم السنوية مما يدل على أن الأمام الأكبر يحمل درجة رفيعة في سلك الماسونية، كما أكد لي هذه الواقعة باحث شهير في هذا المجال، وعندما أقسم لي أحد الشيوخ الأفاضل وعضو برلمان سابق; نائب عن الأخوان في إحدى الدول العربية، بأن الأمام قد تاب قبل موته، أخذت هذا في الإعتبار ولم أأتي على سيرته بخير أو شر بعد ذلك، ومع ذلك لم تنسى لي، وصرت أنا المخطئ الذي لا يغفر خطأه.
وعندما كتبت عن عمرو خالد قبل أن تظهر مصائبه الجديدة، كنت أتوقع أن حركة الإخوان المسلمين ستتبرأ منه، ولم يحدث هذا مع أنه أضل ولا زال يضل الملايين من المسلمين والحركة تعرف هذا، وتعرف أنه معني بتنفيذ الإسلام الأمريكي الجديد، لكن ما ظهر أن وسائل الإعلام التابعة للإخوان المسلمين هي التي تبرأت مني، ولكم هو محزن أنه رغم هجومي الدائم على السلفيين الا أن وسائل إعلامهم كانت أكثر إنصافا لي، فعلى الأقل كانوا ينشرون لي ما هو في الصالح العام وما يوافق منهجهم.
قبل ما يقرب من شهرين أستغربت حين وجدت مقالا لي منشورا في موقع رسمي إخواني، وحين أطلعت عليه وجدته مغفل إسمي من تماما!.
وحين كنت أسأل هذه المنابر لماذا لم تنشروا لي، لا رد يأتي، اللهم سوى أحد المنابر ذكر بأن نشر مقالاتي سيؤدي الى حجب هذا المنبر المبارك!.
صحيفة السبيل كنت دوما أسعى للنشر فيها لأنها تصل لقطاع كبير من الناس، وهي تنشر للفرنجي والبرنجي، بل وتنشر للبعض من أجل مصالح شخصية أضيق من الضيقة، كتبت لهم ولا رد، وحين كتبت لهم بخصوص سرقة نصف مقال لي ووضعه ضمن خبر على صدر صفحتها الأولى وبإسم شخص آخر وأرسلت لهم بالدليل أكثر من مرة ولا رد ( السبيل: دعا إلى إسقاطه بحماسة أكثر من ذي قبل حق العودة يقض مضجع «سري نسيبة» : تاريخ النشر 19/08/2008، مقالي : هذا هو سري نسيبة .. فمن له؟ / دنيا الوطن تاريخ النشر :2008 -08-07)
وكتبت لرئيس تحريرها عاطف الجولاني ولا رد أيضا، فعل مقيت لا علاقة للإسلام به، تسرق وترفض النقاش في تلك السرقة، لكن ثمة كلمة حق في هذه الصحيفة والتي أشكرها من قلبي لأنها هي التي أيقظتني مما كنت فيه، كما أنها هي التي جعلتني أقيم الحجة على الإعلام الإسلامي ككل.
وحين كشفت عن ماسونية زياد أبو عمرو وتساءلت عن سر دعم حركة حماس له في الإنتخابات بعد تزكيته، غضب مني من غضب، مع أني والله يشهد لم أتهم الحركة بأنها كانت تعرف، ثم تبا لنا إن لم نقل ما لنا وعلينا، ولكن يبدو أنها سجلت على كنقطة سوداء، وقد أنتهى الأمر بمقاضاتي ومقاضاة صحيفة وطن من قبل صبيان هذا الزياد أمام المحاكم الأمريكية وحين أبرزت الصحيفة الوثائق التي اعتمدت عليها في المقال وفشلوا، حينها تقدموا بشكوى للأف. بي. آي من أنني أمتدحت أدولف هتلر في أحد مقالاتي قبل عدة سنوات، وأجبروا الصحيفة على حذف المقال من أرشيف الصحيفة، ولا أدري ما خص ووزير الخارجية الفلسطيني السابق زياد أبوعمر في أن أمتدح هتلر أو أذمه.
وعندما كتبت عن مريم نور، تجنبت كل وسائل الإعلام التابعة للإخوان المسلمين والمحسوبة عليهم نشره، لسبب أحمق وهو ورود إسم الإعلامي الإخواني أحمد منصور في المقال والذي أشهرها في العالم العربي حين قابلها لصالح الجزيرة، ويعلم الله أني كنت أحسن الظن بهذا الرجل وإلا ما كتبت اليه منبها له على خطورة ما فعل ومحاولة علاجه، ولم يرد ولم يعالج حتى يومنا هذا، أذكر وقتها أني قابلت المفكر الإسلامي الدكتور ظفر الإسلام خان وقلت له بأن أحمد منصور قابل إحدى تابعات أوشو لصالح الجزيرة، ووالله أنه ذهل وأخذ يضرب جبينه ويقول المسكين لا يعرف .. لا يعرف .. يا الله كيف حدث هذا!!، فهذا المفكر يعرف هذه الجماعة جيدا، ولكن لتلك الوسائل الإعلامية التي رفضت النشر، أود ان أقول أن مريم نور لا زالت تعمل ولا زالت خلاياها تزداد في العالم العربي، ولا زالت أموال المتبرعين تنهال عليها، ولا زالت ترسل أعراض المسلمين الى معابد أوشو جماعات .. جماعات .. ولتنتهك أعراضهن جماعيا وأعني جيدا ما أقول، ولا زلت حتى الآن أستلم رسائل من ضحايا مريم نور اللواتي أرسلتهن الى تلك المعابد، منهن من يتضرعن بالدعاء لي لأني أزحت ما تبقى عن عيونهن من غشاوة ومنهن ما يبدو لي وأنهن يخبئن تجارب مريرة ويلمنني لأني تأخرت، وكأني كنت أدري وتأخرت، الا سحقا لي أن هانت الأعراض عندي الى هذا الحد، لكن من تأخر وتستر وهان عليه عرضه وأعراض المسلمين، هم هؤلاء الذين ضربوا عرض الحائط بأعراض المسلمين كي يستروا مؤخرة "أهبل" فيهم، ولا نقول خبيثا، فهل أسامح بعد هذا، لا والله لن تنالوها.
لكن يظل الإمتحان الأكبر لهذا الإعلام البغيض، هو عندما كشفت عن قضية بنك فيصل الاسلامي; قضية تتعلق بفلسطين وشعبها ودمهم ودموعهم، تتعلق بقدسهم بمدنهم وقراهم ونكبتهم وتهجيرهم، تتعلق بتبرعات الشعوب العربية من عام ١٩٤٧ وحتى عام ١٩٥٠ والتي سرقت ونهبت لتصبح بنكا، ومع ذلك تسترت وسائل الإعلام هذه على هذه الفضيحة، فأي خير ينتظر منها للأمة بعد ذلك..
كتبت لوسائل الإعلام التابعة لحماس، من أجل نشره ولم تنشر، لصحيفة فلسطين في غزة، لم تنشر، لموقع الجهاد الإسلامي في فلسطين، لم ينشر، ولصحيفة السبيل ونوقش الأمر من أن ينشر من عدمه، ولم ينشر، في حين رفضت منابر عربية عديدة أن تتستر على هكذا فضيحة، رغم أنها ما ادعت يوما أنها حامية حمى المسلمين.
لقد أنتظرت وقتا طويلا انتظر، فيما لو طلب أي من هذه المنابر توضيحا ما أو توثيقا أو حتى مجرد تخوف من مقاضاة من قبل من تم
تخوينهم في المقال، الا أن هذا لم يحدث ليظل التستر على الخيانة هو العنوان الرئيسي لهذه المنابر.
يقينا لم أرى أخطر من هؤلاء على الأمة، فما الذي دمر الأمة سوى تضليلها، وكيف إذا جاء هذا التضليل ممن يدعون بأنهم على نهج الإسلام وأنهم هم وحدهم الساعون لخير وصلاح الأمة، لقد أنتقمت صحيفة واشنطن بوست شر إنتقام من مدير المخابرات الأمريكية وليام كيسي آنذاك، لأنه ضللها في مجموعة أخبار ضد المسلمين، تم تسريبها للصحيفة، ومع أنها في صالحهم العام الا أنهم لم يصفحوا عنه حتى مات، وكم مبلغ حزني أن أقارن هذه الصحيفة بوسائل الإعلام الإسلامية هذه.
ومع أني لم أأخذ أجرا على ما أكتب وما أردت جزاء ولا شكورا، ومع أن هناك من طلب مني العمل معه مقابل أجر، شرط أن اكتب لهم وحدهم الا أني رفضت كي تصل كلمتي لأكبر قدر من الناس، والله وحده يعلم بما ضحيت في سبيل أن أكشف للأمة ما غم عليها قدر إستطاعتي، الا أن هناك من لا يريد، والله المستعان.