المشكلة ليست في «الدُّمى»

لبعض المواقع الالكترونية، ولا أَقول كُلُّها، أصحابٌ يموّلونها ويدفعون للعاملين فيها.. لتنفيذ اجنداتهم من وراء ستار.. ويمارس فيها المدح والهجاء، والغزل، والرّثاء.. ولهؤلاء كورسٌ يردّون -عبر التعليقات المنفلتة تماماً، التي لا رقيب عليها ولا حسيب- يُردّد "اللازمة"، كما يحدث في الأعراس تماماً أو في ما يُشْبهها من السّهرات الغنائية التي تُقام في المناسبات.

والغريبُ أّن أحداً لا يتدخّل في هذه "الفوضى" لوقف الاشتباكات، التي يسيلُ فيها دمُ النّاس سيلاناً، بلغ فيه السّيلُ –كما يقول المثل- الزُّبى، لأنّ المسؤوليّة القانونيّة هُنا غيرُ واضحة، وليس هنالك رّدْعٌ، ولا رادع، وما عند هؤلاء الذين لا يّنْضوونَ تحت مظلة "النّقابة"، ولا تحت أية مظلّةٍ أُخرى.. كما أَنّك، يا مُواطن، او حتّى يا مَسْؤول، لا تستطيع حتى أن تَرُدَّ على ما يُقال ضِدّك.. لأنهم لا ينشرون ردَّك، وإذا نَشَروه، يكون مجتزأً يتناسبُ مع ما أرادوا هم لا ما أَردتَّهُ أَنت.. فهي تلك الغُرفة الصغيرة، أو في أيّ مقهى يجلسُ من أراد، ومعه "جهازُه" الذي أصبح الآن بحجم الكفَّ، وعلى فنجان قهوةٍ، أو كأس شاي، وبمجرّد إشارة من ذلك المموّل، بدأت المعركة.. و"على قدر أهل العَزْمِ تأتي العزايِمُ" بالياء لا بالهمزة!

هذا الذي أتحدث عنهُ –وأكرِّر أنّه قليلٌ قليل، ومحدودٌ محدود- أَصبح قضيّةً وطنيةً كبرى.. بسبب ما يُحدِثُ من تشويش، وبلبلة، واضطراب.. وما ينتج عنه من شائعات، لا تقلّ عمّا كان يُسمّى "الطابور الخامس" والألسنة تطولُ وتطول، أكثر مما تحتملُ الأفواهُ، وتَطْغى على سائر أدوات الكتابة بنثرها وشعرها وأدبها وسياستها وفنِّها الذي يؤثّر بالحياة ويتأثر بها.. وأعرف قصصاً من "الابتزاز" نحتاجُ بسببها الى أكثر من دائرةٍ واحدة لمكافحة الفساد، ويلزمُنا لمتابعتها الى عشرات الألوف من "سميح بينو" وطواقمهِ كي يستطيع كشف "المستور" في عالم المواقع السري، الذي ليس له عُنوان الاّ أنّه – وكُلّي ثقةٌ بما أقول- مُموَّلٌ من "أصحاب الاجندات" الذين يملكون المال، ولا يملكون القُدرة على التعبير عن "رغباتهم الكبوتة، او حتى غير المكبوتة، لتشويه سُمعةِ من يختلف معهم، وفي أحيانٍ أُخرى من يَتَّفق.

حين تأسّس المجلس الأعلى للإعلام –وكنتُ واحداً من الأعضاء الأوائل- انبثقت عنه جهةٌ رسميّة أظنُّها الوحيدة التي ما تزال قائمة، وهي "هيئة المرئي والمسموع" وهي الجهة التي تمنح تراخيص الإذاعات والتلفزيونات، ولا أدري اذا كانت مسؤوليتها تشمل "المواقع الالكترونية" ام لا.. ولكنّي أقترحُ ان تشمل، او توكل تلك المسؤولية الى أيّة جهة.. لأنّ ما يجري الآن بلغ حدّ ارتكاب المجازر، وهذه الفوضى لا بدّ من حَسْمِ أمرِها.. كما في كُلّ مكانٍ من الدنيا.. ولا علاقة للمسأَلة بالحُريّة، ولا علاقة لها بالديمقراطية، فالحرية لا تسمح بالقتل والاغتيال.. حتى في المجتمعات البدائية، والديمقراطية لها حدود يُمنع تجاوزُها!!

وأخيراً وليس آخراً: اظنُّ أن المشكلة ليست في " الدُّمى" بل في من يُحرّكُها.. وواللهِ إنني أَعْرِفُ كُلَّ هؤلاء.. فليسألني "المعنيون" على أيّ المستويات كانوا، إذا كانوا لا يعرفون.. وسأجيبُهُم وأنا بكامل الوعي، وسيكون الجواب مُفيداً وحاسماً وقاطعاً!!