فيدل أليخاندرو كاسترو روز وداعا


أنا كمسلم لم أكن معجبا بالشيوعيّة والإشتراكيّة فكيف إذا كان الشخص ملحدا حيث كان يعتبر كاسترو نفسه ملحداً ولم يمارس الطقوس الدينية المسيحية منذ نعومة أظافره، وقد أقصته البابوية في الفاتيكان عن المذهب الكاثوليكي عام 1962 لارتداده عن الكاثوليكية, وقد تحسنت علاقه كاسترو بالبابوية في مطلع التسعينيات من القرن العشرين وعندما إنهار الإتحاد السوفيتي وتخلى الغرب عن الفاتيكان، سمح للبابا بزيارة كوبا بعد أن اعلن البابا ان المسيحية تؤيد الإشتراكية، وفعلا دخل البابا إلى كوبا وأصبح صديق بعد عداء دام عقود، وقال كاستروا عن البابا : «"نحن اليوم نتفق معه فقد كاد يقول ياعمال العالم إتحدوا!، ويعتبر هذا الشعار شعار الأحزاب الشيوعية"».
ولكن ما يثير الإعجاب بشخصيّة كاستروا هو الكاريزما الذي ظلّ متمسكا بها على مدى سنوات عمره التسعين وكان قد استقال فيدل كاسترو من رئاسة كوبا ومن قيادة الجيش في 19 فبراير 2008 بعد صراع دام 19 شهراً مع المرض حيث توفي في السادس والعشرين من شهر تشرين ثاني في هذا العام 2016, ويتولى زمام السلطة في كوبا شقيقه راؤول كاسترو منذ شباط 2008.
ولعلّ في حياة هذا الثائر دروس وعبر للقادة والثوّار والنوّاب فكيف تطوّرت حياة هذا المزارع الذي افلح ان يكون محاميا بعد ان كان مزارعا بسيطا واصبح يملئ قلبه حبُّ بلده وحلمه ان يصبح نائبا مخلصا لبلده في البرلمان الكوبي بعد ان كان والديه مهاجرين مزارعين من إسبانيا, وكان قد تلقى تعليمه في المدرسة التحضيرية، وفي عام1945م، عمل كمحامي في مكتب محاماة صغير وكان لديه طموح في الوصول إلى البرلمان الكوبي إلاّ أن الانقلاب الذي قاده فولغينسيو باتيستا عمل على إلغاء الانتخابات البرلمانية التي كان من المزمع عقدها, وكردة فعل احتجاجية، شكّل كاسترو قوّة قتالية وهاجم إحدى الثكنات العسكرية وأسفر هذا الهجوم عن سقوط 80 من أتباعه وإلقاء القبض على كاسترو , وقد حكمت المحكمة على كاسترو بالسجن 15 عاماً وأطلق سراحه في مايو 1955م، ونفي بعدها إلى المكسيك، حيث كان أخوه راؤول ورفاقه يجمعون شملهم للثورة، وكان قد التحق إرنستو تشي جيفارا بالثوار حيث تعرف على فيديل كاسترو وأصبح جزء من المجموعة الثورية.
و على متن قارب شراعي، أبحر كاسترو ورفاقه من المكسيك إلى كوبا وسُميت مجموعته بحركة ال 26 يوليو، ولم يعرب كاسترو عن خطه السياسي رغم قيامه بتأميم الأراضي في المناطق التي سيطر عليها الثوار، لكن بعد إنتصار الثورة قام بتكليف أحد الرأسماليين الذين تبنوافكر الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون والرئيس أبراهام لينكولن، وذلك لتفادي أي هجوم أمريكي على الثورة البكر كما حدث في غواتيمالا، وبعد أن سيطرت الثورة على كوبا كاملة بدأ بتأميم كل الصناعات المحلية. والمصارف وتوزيع ما تبقى من الاراضي للفلاحين.
تحرك كاسترو عسكرياً مع ما يقارب من ثمانين رجلا في 2 ديسمبر 1956 واستطاع 40 من مجموع الـ 80 رجل الانسحاب إلى الجبال، بعد أن تعرضوا لهجوم غير متوقع من جيش باتيستا على الشاطيء ودخولهم كوبا ،وعمل على ترتيب صفوفه وشن حرب عصابات من الجبال على الحكومة الكوبية, وبتأييد شعبي، وانضمام رجال القوات المسلحة الكوبية إلى صفوفه، استطاع كاسترو أن يشكل ضغطاً على حكومة هافانا مما اضطر رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية إلى الهرب من العاصمة بداية عام 1959 على إثر إضراب عام وشامل جاء تلبية لخطاب فيديل كاسترو وثم دخلت قواته إلى العاصمة هافانا بقيادة الطبيب والقائد الثوري الأرجنتيني ارنستو تشي غيفارا حيث كان عدد المقاتلين الذين دخلوا تحت إمرة غيفارا ثلاثمائة.
في أبريل 1961 وقع غزو خليج الخنازير والذي كان عبارة عن محاولة انقلابية من قبل وكالة المخابرات المركزية والتي انتهت بالفشل وقد اغتالت تلك المخابرات الأمريكيّة عام 1967 غيفارا الذي اشعل الثورات في دول كثيرة بامريكا اللاتينيّة .
لقد كان كاسترو يمثِّل الثائر الحق الذي كان يهادن من اجل بلاده ولكنه لم يكن ينسى للحظة ان من يهادنهم هم اعداءه الأمريكان وعندما كان يؤمِّم المنشآت الكوبيّة النفطيّة او غيرها كانت مصلحة شعبه وفقراءهم لهم الأولويّة وعندما كان يجوع شعبه كان هو اول الجياع بينما يحمل بندقيّته وهي جاهزة دوما وإصبعه على الزناد لذلك خافت امريكا وروسيا بعظمتهما من هذا الشخص الذي كانت يده مع الشعب , وندعوا الله ان يتّعظ مسؤولونا انّهم عندما يضعون يدهم خالصة مع الله ولمصلحة شعوبهم فإنّهم سيجلبون الخير لنا ولهم وسيخلدهم التاريخ على انهم رِجَالٌ لا يَخَافُونَ بِالْحَقِّ لَوْمَةَ لاَئِمٌ .
اللهم احفظ بلدنا ارضا وشعبا وقيادة وجنِّبنا كل مكروه .
احمد محمود سعيد
البناء الأخضر للإستشارات البيية
ambanr@hotmail.com
26/11/2016
.