من المستفيد من الصراع الفتحاوي؟


شكل الجيش والاستخبارات الإسرائيلية في هذه الأيام- حسب جريدة «هآرتس 28-10-2016»- طاقماً خاصاً للمتابعة واستعداداً لسيناريو انهيار السلطة الفلسطينية، برئاسة «أبو مازن»، وذلك على خلفية التوترات التي سادت بعض مخيمات الضفة الغربية، وقطاع غزة، بين أتباع الرئيس «عباس» - كما ذكرت صحيفة «هآرتس»- وتيار جماعات من حركة فتح تتعدد ولاءاتها، في أعقاب فصل عضو اللجنة المركزية والمجلس التشريعي «محمد دحلان» من حركة فتح، مع مجموعة من مؤيديه، وإقصائهم من المشاركة في مؤتمر حركة فتح القادم، الذي سيعقد في نهاية هذا الشهر، فالجيش الإسرائيلي يستعد لعدة سيناريوهات يتوقع حدوثها في الضفة الغربية، من بينها حدوث نزاع مسلح يؤدي إلى انتقال السلطة إلى رئيس جديد، لكن، وكما يقولون، فإن الجيش لا ينوي التدخل في هذه الخلافات، لكن تصريحات مسؤولين إسرائيليين بأن «عباس» ليس شريكاً بالسلام، وما جاء في جريدة «هآرتس» بأن «عباس» يعيش في الوقت الضائع، وأنه بدأ العد التنازلي لانتهاء حكمه، ومزاعم وزير الجيش «أفيغدور ليبرمان» بأن الجميع سئم «عباس» لأن المساعدات الهائلة التي تتلقاها السلطة تذهب لأولاده وأقربائه، وتصريحات «آفي ديختر»، رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، عن تزايد ظاهرة محاولة المخيمات والقرى الاستقلال في كل شيء عن «أبو مازن»، وقوات أمنه، هذه الأمثلة هي غيض من فيض، وهي تصريحات تنفي ادعاءات الجيش والحكومة الإسرائيلية بأنهم لا ينون التدخل في الخلافات الفتحاوية، بل العكس هو الصحيح، فإسرائيل تراقب ما يجري في الساحة الفلسطينية، ومن مصلحتها تشجيع الخلافات، لإشغال الفلسطينيين بعضهم ببعض، بدلاً من الانشغال في مقاومة الاحتلال.

الخلافات بين «عباس»، و»دحلان»، بدأت أواخر عام «2010»، عندما انتشرت تقارير تتحدث عن أن «دحلان» يخطط للانقلاب على «أبو مازن»، أدى ذلك إلى قيام عباس بخطوة سريعة كانت نهايتها في كانون الثاني «2011»، بطرد «دحلان» من فتح، ومنذ ذلك الحين يحاول «دحلان» حشد الدعم له خاصة في مخيمات اللاجئين، في الداخل وفي الخارج، وحسب محللين فإن هذا الصراع ساهم في إضعاف مكانة «عباس» والسلطة الفلسطينية، في الوقت الذي دعمت فيه الرباعية العربية «مصر والسعودية والإمارات والأردن»، المصالحة بين «عباس» و»دحلان»، وكان «دحلان» قد دعا «عباس» في الماضي للتنحي، وانتقده في تصريحات صحفية له، ففي مقابلة لـ «دحلان» بتاريخ «23-10-2016»، مع قناة «بي.بي.سي»، اتهم «أبو مازن» بأن هدفه الوحيد تقزيم وتقليص حجم حركة فتح، كي يتلاءم مع طموحاته الصغيرة، حركة محدودة القوة والقدرة ومطيعة، وأن ابو مازن ماضٍ في طريق التخريب، ويضيف «دحلان»: أما أن توافقوا على كل أفكاره، أو تنافقوا أو تفارقوا، أنه ماضٍ في طريق التخريب».

قادة عرب يحاولون القيام بمصالحة بين «عباس» و»دحلان»، وفرض تغييرات في الساحة الفلسطينية، فهناك صراعات داخلية متزايدة في الأراضي الفلسطينية، عنوانها من سيخلف «عباس» الذي بلغ من العمر ما ينوف الثمانين عاماً، من جهة أخرى أفادت وكالة «سما» الإخبارية بتاريخ «6-11-2016»، أن هناك سياسة مصرية جديدة تجاه قطاع غزة، فالرؤيا المصرية الجديدة من أسبابها الفشل في إقناع «عباس» بالتصالح مع «دحلان»، من جانبه أكد عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» خليل الحية» وجود رؤيا مصرية جديدة تجاه القطاع، وتعهد أن تعمل حماس على إنجاح رؤيا مصر الجديدة، ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف وجود سياسة مصرية جديدة مرتبطة بأسباب عديدة، منها معاقبة «عباس» لرفضه التصالح مع «دحلان»، بينما يحذر «أبو مازن» الدول العربية من التدخل بالشأن الفلسطيني الداخلي، ومعنى ذلك تحرير الدول العربية من مساعدة الشعب الفلسطيني في المحنة التي يمرون بها، وفي صراعهم ضد الاحتلال الإسرائيلي، والناطق بلسان الرئاسة الفلسطينية «نبيل أبو ردينة»، يكرر التحذير من التدخل في استقلالية القرار الفلسطيني، وأن مثل هذه التدخل سيكون مصيره الفشل، كما حدث خلال السنوات الأربعين الماضية.

على جدول أعمال مؤتمر فتح العتيد، قضايا سياسية، والصراع مع الاحتلال، وعملية السلام، والوضع الفلسطيني الداخلي، وانتخاب لجنة مركزية جديدة من (23) عضواً، وانتخاب المجلس الثوري من (132) عضواً، وفي الوقت الذي لا يوجد من ينافس «عباس» على رئاسة السلطة وفتح، فإن الحديث في الداخل والخارج والشائعات كثيرة حول الشخص الذي سيخلف «عباس» في يوم من الأيام، وبينما يحاول «دحلان» العودة إلى فتح من خلال الرباعية، فإن تياره يتهم «أبو مازن» بالإسراع في عقد مؤتمر فتح، لإقصاء مؤيدي «دحلان» في اللجنة المركزية والمجلس الثوري، واستبدالهم بعناصر مواليه له في المركزية والثوري، وأكثر ما يخشاه الفلسطينيون، أن يتحول هذا الخلاف إلى مواجهات وصدامات ميدانية مسلحة، تصب في خدمة الاحتلال الإسرائيلي، فالمؤتمر سيعقد وسط انقسامات فتحاوية داخلية، وإحباط يسود الشارع الفلسطيني الناجم عن الاحتلال الإسرائيلي، ليبقى السؤال: من المستفيد من هذا الصراع الفتحاوي؟ وإلى أين وصل مسار القضية الفلسطينية وسط هذا الخلاف، وخاصة مع إعفاء الدول العربية من مسؤوليتها تجاه القضية والشعب الفلسطيني؟.