الأذان حسب التوقيت الوطني الأردني

 

رغم التقدير لمشاعر التضامن التي أبداها من أقام الأذان تحت قبة البرلمان الأردني أو على شاشة فضائية خلال برنامج تواصليّ مع الأقصى وقانون الكيان الصهيوني منع رفع الأذان في القدس الحبيبة ، إلا أن هذه المشاهد تؤذي الصورة العامة لمواقف الشعب الأردني والدولة الاردنية كراعية للمقدسات في المدينة المقدسة ، ويضعها في خانة الإدانة رغم ان سلوك الدولة حيال هذا القرار العنصري مقدّر وسلوك الشعب الأردني لرفض هذا القرار وادانته سلوك لا يدانيه او يقاربه الا سلوك اهل القدس واهل فلسطين ، فاوجاع القدس واكنافها اوجاع في البدن الاردني نفسه ، فلماذا نستنسخ او نحاكي سلوكا مُقاوما لاهلنا في فلسطين ضد الاحتلال في كِنيسِتهم الجاثم على صدر ارضنا المحتلة على ارض الحشد والصمود ، فما فعله احمد الطيبي ورفاقه الفلسطينيون في معقل الاحتلال يستحق الانحناء لهم ولا يستوجب التقليد الممجوج والذي يكشف عن عوار في الفكر وتقليد اعمى يجلب الضرر ويستوجب النقد للعقل السائد عند طالبي الشهرة او مماحكي الحكومة دون وعي لعواقب مثل هذه التصرفات .

ما فعله احمد الطيبي ورفاقه برفعهم الاذان كان ضربة لقرار عنصري مقيت فتح اعين كثيرين على عنصرية الاحتلال وارهابه ، في زمن الحرب الانسانية على الارهاب ولا اقول الحرب الكونية او الدولية ، فالاحتلال الصهيوني كأبرز شاهد على الارهاب يحظى بدعم دول كبرى ، افقد حربها على الارهاب اي صدقية ، فيما اثار الطيبي ضمير البشرية ولفت الانظار الشعبية الى هذه العنصرية الارهابية وكذلك فعلت تصريحات حنين الزعبي ، وكان الواجب دعم الطيبي والزعبي لا تقليدهم تقليدا اعمى ، وكأن الاردن يمنع الاذان او يؤيد او صامت على هذا القرار الذي اعلنت وزارة الاوقاف استمرارها في رفع الاذان رغم قرار الاحتلال كموقف مقدر ويستحق الدعم والتعزيز وتستحق الوزارة ورجالاتها التحية على امل ان يرفع الاذان حسب مواقيت القدس الشريف في كل مساجد المملكة .

رفع الاذان محكوم بمواقيت وليس بتوقيت أصمّ ، تكون فيه الدلالة الروحية حاضرة لتجهيز الابدان والوجدان لمواقيت الصلاة او مواقيت باقي الفروض الدينية ، ورفع الاذان في غير مكانه وزمانه اعتداء على قدسيته ، وقدسية دلالته كحالة مقاومة ، انتجها العقل الواعي لاهلنا في فلسطين تحت الاحتلال والطمس والتهويد وهذا سر قيمة الاذان في الكنيست الذي ازداد كآبة وعنصرية وازدادت فلسطين والقدس حضورا وبهاءاً ، وتقليد افعال المقاومة في غير مكانها ودلالاتها ضارّ بالفعل نفسه ، مع وجود ماكينة اعلامية صهيونية مؤثرة قادرة على نقل الصورة مشوهة وكأن ما يحدث تحت الكنيست يحدث تحت قبة البرلمان الاردني فلماذا يغضب العالم على الكنيست ؟ ناهيك عن انتشار القصة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتفاعل مع الاحداث بدون وعي او تقدير حصيف في كثير من الاحيان .

سلوك النخبة السياسية او الاعلامية يجب ان يكون مضبوطا على مواقيت الحالة الوطنية وليس على توقيت غرينتش او غيرها من الساعات الغربية ، فنحن ما زلنا نعلن رفع الاذان حسب المواقيت الوطنية وعلى المُقيمين خارجنا مراعاة فروق التوقيت لا علينا ، كما حدث مؤخرا ، وعكس صورة سلبية او على الاقل صورة غير محببة ، فساعاتنا مضبوطة على التوقيت الوطني الاردني الداعم لفلسطين واهلها والمناقض للكيان الصهيوني والمستعربين والمستوطنين والقادمين من الغرب ، فالطريق الى جهنم مفروش بالنوايا الطيبة.