البيان الوزاري .. التحدي في التطبيق..

 

في خطاب مفعم بالتفاؤل والهدوء قدم رئيس الحكومة د. هاني الملقي البيان الوزاري لحكومته لطلب ثقة مجلس النواب، فالخطاب شامل له الكثير وربما عليه مفاصل اقتصادية في مقدمتها الالتزام ببرنامج الاصلاح المالي المبرم مع صندوق النقد الدولي الذي ينطوي على ارتفاعات مباشرة وغير مباشرة على تكاليف المعيشة واعباء اضافية على المستثمرين، اما اعادة النظر بالدعم وتوجيهه الى الجهات المستحقة هي مقولة قديمة جديدة تعتمد على الاليات التي ستعتمد دون الاضرار بالسواد الاعظم من المواطنين لاسيما وان الشرائح الاجتماعية التي تصنف بمتوسطي ومحدودي الدخل فهي تعاني بتفاوت في تلبية احتياجاتهم الاساسية السلعية والخدمية في ظل الارتفاع التراكمي للاسعار في البلاد.

بناء الثقة بين الحكومة والمواطنين هو المحرك الاساس لتسهيل ترجمة البيان الوزاري الى برامج وقرارات تؤدي الى تطبيق ما اعلنه الرئيس الملقي، وفي هذا السياق فان الثقة بين الحكومات المتعاقبة والمواطنين توصف بأنها في ادنى درجاتها، وان البيان الوزاري يشكل مدخلا مناسبا للشروع تدريجيا في ترميم الثقة وتمتينها، فالاردنيون الذين ينتقدون اداء الحكومات السابقة كان بينا، وان التزامهم بالدفاع عن استقرار وامن المملكة يسجل لتفهم الاردنيين وتحملهم للصعاب مؤكدين انهم لا يمكن لاي كان ان يدفع البلاد الى الفوضى كما في عواصم عربية دفعت ولا زالت تنزف من دماء ابنائها ومقدراتها.

اذا استطاعت حكومة الرئيس الملقي تطبيق 50% مما ورد في البيان الوزاري الجامع امس امام مجلس النواب يكون الاردنيون قد حققوا الكثير، فالتحديات الاقتصادية هي الاعظم التي تواجهنا، وان هناك امكانية للافلات مما نحن فيه من صعاب، فالعدالة والنزاهة والشفافية التي طرحها الرئيس في غاية الاهمية، اذ تعني إعادة توزيع التنمية بتوازن بين المحافظات بما يعود بالمنفعة على المواطنين، وهنا يشار الى ان عدالة توزيع الاقتصاد في المملكة هو من اضعف المؤشرات الدولية في هذا المجال، اما الشفافية وان كانت نتائجها غير مرضية الا انها افضل الف مرة من المراوغة واخفاء الحقائق من ارقام البطالة والفقر وتسعير المشتقات البترولية، وتكاليف توليد الطاقة الكهربائية واسعار بيعها على المستهلكين، وقبل كل ذلك تسديد الوزارات ما استحق عليها للقطاع الخاص من مقاولين وشركات الكهرباء، واثمان المياه وغيرها.

محتوى البيان الوزاري ايجابي يبث التفاؤل ويعد بالكثير، ونأمل ان يجد تعاونا مثمرا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لجهة تحويل البيان الى عمل منتج وتطبيق مبدع نحن بأمس الحاجة اليه في هذه الايام.