حتى لا تضيع الفرصة…

 

من المؤسف، وفي غمرة الإحداث في المنطقة بأبعادها المحلية والإقليمية والدولية، أن يمر قرار اليونسكو بشأن القدس والأقصى، دونما اهتمام جاد على مختلف الصعد: الإعلامية والسياسية وحتى الثقافية، وعدم توظيف ذلك القرار سياسياُ من أجل وضع أهم بنوده موضع التنفيذ… مما يذكرنا بقضية جدار الفصل العنصري… وكيف استطاعت اسرائيل أن تجعله طيّ النسيان….

وللتعريف بقرار اليونسكو، وبشكل موجز، حتى تتضح أهميته، فهو قرار اشتمل على (29) تسعة وعشرين بنداً، شملت قضايا: القدس، والمسجد الأقصى/ الحرم الشريف، ومنحدر باب المغاربة، وسوف تقتصر هذه المقالة على (5) خمسة بنود ذات أهمية، باعتبارها قابلة لأن تكون موضع اهتمام دولي قد يؤدي إلى إحراج إسرائيل دولياً، إذا ما استمرت في تجاهلها لذلك القرار… هذا اذا كان هناك تحرّك سياسي جاد بوزن دولي قوي، إذا لم يؤدِ إلى أي نتائج تطبيقية.

فالبند الأول يتعلق بمطالبة الدولة المحتلة (إسرائيل ) بالعودة إلى الوضع التاريخي (للمسجد الأقصى / الحرم الشريف)- وهذه التسمية التي اعتمدها القرار في جميع بنوده، إلى ما كان عليه في (أيلول 2000) حيث كانت (دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس- المرتبطة بالأردن- هي السلطة الوحيدة المشرفة على جميع الأمور المتعلقة بالمسجد الأقصى/ الحرم القدسي: صيانة وترميماً وأعماراً وتنظيماً للدخول … ومع أهمية جميع محتوى هذا البند، الا أن (تنظيم الدخول) يعني الإدارة المباشرة (للأوقاف الإسلامية) على تنظيم الزيارات السياحية بشكل خاص، وما يتبعها من توفير الإدلاء والمطبوعات والنشرات السياحية، وهي الفرصة الضائعة قبل ربع قرن، كما يعني وضع حد للاقتحامات الصهيونية المتطرفة الاستفزازية.

وأما البند الثاني، والذي لا يقل أهمية عن غيره، فيتعلق بالكف عن التعطيل لانجاز ثمانية عشر (18) مشروعاً أردنياً للصيانة والترميم داخل (الحرم الشريف)، وربما لا يُعرف هذا الأمر، محلياً أو عربياً أو إسلامياً، والذي يعبرّ عن حجم المسؤولية أو الاهتمام الذي تقوم به (دائرة الأوقاف الإسلامية- المرتبطة بالأردن).

وأما البند الثالث، فيتعلق (بمنحدر باب المغاربة)، فقد أكد القرار (أن هذا المنحدر جزء لا يتجزأ من الحرم الشريف) وهو التأكيد الذي أصدرته لجنة دولية عام (1932) باعتبار (الحائط الغربي/ حائط البراق وباب المغاربة هما جزء من المسجد الأقصى)… ويطالب القرار الحالي (إسرائيل المحتلة) بوقف الأعمال التي تغيّر من معالم (هذا المنحدر).

وأما البند الرابع فيتعلق بتقدير دور المملكة الأردنية الهاشمية لحماية الممتلكات الثقافية وفقاً لإحكام (اتفاقية لاهاي 1954) إثناء الحرب أو تحت الاحتلال… مما يؤكد مسؤولية المملكة المباشرة لحماية الآثار الثقافية / الدينية، الإسلامية والمسيحية، ويمنع السلطة المحتلة من ممارسة أي دور أو عمل يتعلق بهوية القدس الدينية والثقافية.

والبند الخامس، يتعلق بعدم امتثال إسرائيل المحتلة لأي من قرارات المجلس التنفيذي لليونسكو ورفضها التصّرف وفق قرارات الهيئة العامة لمنظمة اليونسكو. وهذا يعني الدعوة المباشرة للجهات المعنية بالقرارات.لتعمل على تفعيل تلك القرارات، والقيام بجهود دبلوماسية ودولية لوضعها موضع التنفيذ.

وأخيراً، أنه لمن المؤلم حقاً، أن تتحقق هذه القرارات، بجهود دبلوماسية ناجحة، وتعاون عربي-إسلامي، وأن لا تتم متابعتها دبلوماسياً، ودولياً على الصعيدين العربي والإسلامي، وأن يكتفي (بالنصر الدبلوماسي) أن استثمار هذه البنود، وغيرها من البنود التسعة والعشرين، بجهود عربية- إسلامية جادة، على مستوى دولي، إذا ما أدى إلى إعادة السلطة الإدارية والإشرافية على (المسجد الأقصى/ الحرم الشريف) للجهة المعترف بها دولياً، وهي الأوقاف الإسلامية في القدس- والمرتبطة بالمملكة وبالرعاية الهاشمية للمقدسات في القدس، إذا ما أدّى إلى ذلك… فتكون الجهود المبذولة على مستوى قداسة قضية المسجد الأقصى/ الحرم الشريف، قد حققت بعض أهدافها.