مراكز البحوث والدراسات العربية توصي بتعديل تشريعات المجتمع المدني وتوسيع مساحة الحريات البحثية
أوصت مراكز البحث والفكر والدراسات في المشرق العربي بمراجعة التشريعات الخاصة بمنظمات المجتمع المدني ومراكز الدراسات والجمعيات البحثية، بحيث توسع مساحة الحريات المجتمعية والبحثية، كما نادت بضرورة تطوير التعاون وتبادل الخبرات وإنشاء الشراكات بين المؤسسات البحثية، عملاً على تكثيف الخبرات والمعارف بين المراكز، وبما يسهم في تقليل ظاهرة المراكز الفردية.
جاء ذلك في ورشة العمل الإقليمية التي عقدها مركز بصر لدراسات المجتمع المدني مع شبكة الديمقراطيين في العالم العربي، تحت عنوان: مؤسسات الفكر والرأي والبحوث في المشرق العربي. وذلك في فندق سنشري بارك بعمان، على مدار يومين في 21 و22 أيار الجاري، والتي حضرها 15 مؤسسة بحثية وفكرية مثلت نخبة مراكز الدراسات الفاعلة والمؤثرة في الأردن ولبنان وفلسطين.
استهلت الورشة بكلمة افتتاحية لصهيب البرزنجي، المدير التنفيذي لشبكة الديمقراطيين في العالم العربي، الذي عرّف المشاركين بالشبكة التي تأسست في عام 2006 كنتيجة لمؤتمر المغرب الذي حضره 63 ناشط من 14 دولة عربية. كما تحدث البرزنجي عن أهداف شبكة الديمقراطيين ونشاطاتها وآليات عملها.
تلا ذلك كلمة لمديرة مركز بصر للدراسات الدكتورة مي الطاهر، التي تحدثت عن الدور المحوري لمراكز الدراسات في هذه المرحلة الزمنية الدقيقة التي تعيشها بلداننا العربية، مبينة ان دور المؤسسات البحثية لم يعد مقتصراً على مجرد سد الفراغ البحثي الأكاديمي أو مجالات المعرفة النظرية، بل بات المطلوب من المعاهد الفكرية تقديم التصورات للحالة السياسية الجديدة التي تمر بها المجتمعات العربية وبيان المواقف الحاسمة تجاه مرحلة التحول الديمقراطي والإصلاحي الراهنة.
توزعت ورشة العمل على محورين أساسيين، تناول الأول منها البيئة الخارجية المحيطة بعمل مراكز الدراسات والمؤسسات البحثية، حيث ناقش المشاركون من قادة مراكز الدراسات في لبنان والأردن وفلسطين البيئة التشريعية التي تنظم عمل منظمات المجتمع المدني بشكل عام، والمؤسسات البحثية بشكل خاص، مشيرين الى تفاوت التقييدات على حريات المؤسسات البحثية من بلد الى آخر، ومقدمين النموذج اللبناني في التشريع كنموذج على حريات تسجيل مراكز الدراسات واتساع مساحة الحريات الممنوحة لها في آليات العمل. وعرج المشاركون على الإجراءات والمتطلبات القانونية التي تقيد عملية البحث والتحليل وتفرض العراقيل على اجراء انواع معينة من الاستطلاعات الميدانية التي تطال مواضيع وظواهر مدروسة معينة.
كما تناول نفس محور البيئة الخارجية للمؤسسات البحثية دور المجتمع وخصائصه في البلدان الثلاثة ودرجة وعيه وثقافته، والتي تنعكس على مدى تقبله للإنتاجات الفكرية للمؤسسات البحثية ومدى تفاعله معها، حيث تسجل هنا بلدان المشرق نموذجاً يحتذى به من حيث مستوى التعلم والإدراك المجتمعي لأهمية الدراسات والثقة بمصداقية الأبحاث التي تنتجها المؤسسات الفكرية.
وتم التركيز على السياق التاريخي المقارب والمتشابه للمجتمعات الموجودة في كل من فلسطين ولبنان والأردن، وكيف أدت عوامل التاريخ السياسي التي مرت بها المنطقة الى خلق وتطوير مراكز الدراسات، فأكد المشاركون أن العديد من المراكز البحثية قد نشأت لتلبية الحاجة الى دراسة حالة الاحتلال والتواجد الإسرائيلي في المنطقة، والحاجة الى تشخيصها والتعامل معها وفق أسس علمية مدروسة.
أما المحور الثاني في ورشة العمل فتناول آليات العمل التي يتبعها كل مركز من المراكز البحثية الخمسة عشر المشاركة، حيث ناقش المشاركون نشأة كل مركز على حده والجهات الحكومية وغير الحكومية، والمحلية والدولية التي يتعامل معها. كما تم التركيز على آليات العمل المتبعة داخل المؤسسات البحثية من حيث الكوادر والمشاريع والتمويل. وأجمع المشاركون ان أهم التحديات التي تواجهها المراكز في المشرق العربي هي مشكلة الاستدامة بالدرجة الأساس، الى جانب مشكلة العشوائية في العمل وضعف آليات التعاون والشراكة الحقيقية بين مراكز الدراسات، مثمنين فكرة إنشاء شبكة تجمع المؤسسات والمعاهد الفكرية من مختلف أنحاء الوطن العربي وتمأسس لشراكة عملية وبحثية بينها.
وقدمت مراكز الدراسات شهادات حية عن أنجح المشاريع التي عملت عليها في السنتين الأخيرتين، والتي نجحت في خلق التغيير المطلوب سواء على الصعيد المجتمعي او على صعيد السياسات والتشريعات.
هذا وسيتم تجميع خلاصات ورشة العمل في كتاب ليمثل أهم الخبرات التي قدمتها أبرز المؤسسات البحثية في المشرق العربي، ليصار الى إصداره كمرجع يوزع في كافة انحاء الوطن العربي عن نماذج نجاح مراكز الدراسات، وليتم تقديمه في مؤتمر إقليمي يعقد في لبنان بعد بضعة أشهر، كجزء من مشروع شبكة الديمقراطيين في العالم العربي.
ويذكر ان ورشة العمل جمعت قادة البحث من 15 مؤسسة بحثية ومركز دراسات من كل من لبنان وفلسطين والأردن، وهي: المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم، والمركز اللبناني للدراسات السياسية، والجمعية اللبنانية للعلوم السياسية، وشارك من فلسطين مركز العالم العربي للبحوث والتنمية، والجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية، ومركز بيسان للبحوث والإنماء، ومركز قياس للاستطلاعات والدراسات المسحية، والمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية. أما مراكز البحث المشاركة من الأردن فهي مركز الدراسات الاستراتيجية، ومركز دراسات الشرق الأوسط، ومركز القدس للدراسات السياسية، والمركز الأردني للبحوث الاجتماعية، ومركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، ومركز دراسات المرأة/ الجامعة الأردنية، ومركز بصر لدراسات المجتمع المدني.