هراوات الدرك الاردني ضرب الحبيب زبيب.. وقناة 'جزيرة' مصرية قريبا!

 

اخبار البلد بسام بدارين - اعتذر وزير الاتصال الاردني باسم الحكومة عندما حطمت قوات الدرك في منطقة الاغوار كاميرا محطة القدس الفضائية، ومعدات محطة الاقصى، لكنه لم يهدد بالاستقاله هذه المرة، فيما بدا واضحا ان استثناء كاميرا مراسل الجزيرة في عمان ساهم في حيادية تغطية المحطة القطرية .. طبعا نقصد الحيادية من وجهة نظر الحكومة الاردنية، التي تطبق احيانا معايير 'الخيار والفقوس' حتى بين الفضائيات.
لكن فعاليات الهراوات لم تقف عند حدود ضرب الصحافيين او تحطيم بعض الكاميرات بانتقائية فبعض الضيوف من تركيا والبرازيل وعلى طريقة (للفزيع ثلثي الكتلة) حظوا بنصيبهم من الهراوات التي لم يعد احد في البلاد يعرف بصورة محددة كيف ومتى واين يمكن السيطرة عليها؟
وقائمة خسائر من سمح لهم اصلا بالتجمع في قرية الكرامة للهتاف بشعار حق العودة تشمل حالات اغماء وافخاذا اكتست باللون الاحمر والواح زجاج سيارات حطمت واحيانا ضربا عن جنب وطرف طال كل متحرك في المكان لا يرتدي البدلة الرسمية للامن، حتى ان بعض الصحافيين العاملين مع الامن العام طالهم من الحب جانب على طريقة (ضرب الحبيب زبيب).
الاغرب في حفلة الاغوار كانت بعض الالفاظ التي رددت على مسامع النساء اللواتي خطر على بالهن لحظة بانهن يستطعن دعم الهتاف الذي اطلقه على منابر السياسة رئيس الوزراء معروف البخيت بخصوص حق العودة عبر التجمع والهتاف لفلسطين بالقرب منها.. هنا حصريا قال المستوى الامني في المكان ضمنيا للجمهور: التقطتم الرسالة خطأ فالوحيد المسموح له بالزغاريد لصالح حق العودة هو رئيس الحكومة وليس الشعب.
ومن الواضح ان الشعب وصل الى هذا المستوى من الغباء بحيث اعتقد انه يستطيع مناصرة رئيس الوزراء فكل الاجواء كانت توحي بان الحكومة سمحت بمسيرة حق العودة لدرجة ان البخيت نفسه كان يخطط للتظاهر مع الشعب.
وما حصل ببساطة ان الحكومة لم تعترض على النشاط وسمحت به لثلاثة ايام ولم تغلق الطريق، بل وفرت بعض التسهيلات وشجعت الناس على التوجه للتأكيد على ثوابت الدولة الاردنية، فاقترب الامر من مستوى النزهة وقالت النساء للازواج: لم لا نذهب للاغوار.. نهتف لفلسطين قليلا.. نقف مع حكومتنا قليلا .. نلتقط خبيزة مجانا من المكان ونشتري الفجل في طريق العودة ونوجه رسالة لليهود في نفس التوقيت.. حتى بقاليات المنطقة استفادت والاقتصاد المحلي في الاغوار المغرقة في الفقر تنشط قليلا.
.. يعني باختصار الفائدة كانت عامة وطامة، فالجمهور المتجمع في قرية الكرامة يبحث عن الكرامة، حتى ان بعض المخاتير الذين يحركهم الحكام الاداريون قرروا الانضمام للحفلة ما دامت (مسموحة) وتجمع الناس على هذا الاساس بصرف النظر عن النوايا الخبيئة للاسلاميين والنقابيين الذين احضروا معهم ضيوفهم الاتراك للمراقبة والمشاركة، فالاردن برمته من القمة للقاع يغني لحق العودة.
باختصار المشهد صنع صناعة وشاركت الحكومة في الانتاج، لكن فجأة كان لاصحاب الهراوات رأي آخر تماما فانقض الامن على الجميع لتفريقهم رغم ان العشرات فقط فكروا بالتقدم نحو الجسور، وكان يمكن 'كحشهم' بنعومة وبدون تكسير كاميرات واعتذارات وزارية.
ووسط حمأة البحث عن تفسير لسيناريو ما حصل وجد البعض ضالتهم في نظريات على شكل همسات فكرتها ببساطة ان الحكومة قررت مسيرة حق العودة لكي تقمعها.. تخيلوا العبقرية بالتحليل.. انتجت السلطات مسيرة لكي تقمعها، مما يعني ان المقصود لم يكن التعبير عن حق العودة او السماح به بل انتاج مشهد الهراوات وهي تبعد دعاة حق العودة عن منطقة الشريعة الفاصلة وتكسر بعض سياراتهم!
اوباما اللعوب

في عالم السياسة كل الاحتمالات واردة لكن السؤال هو: ما هي الفائدة الناتجة عن تركيب هذا الفصام البيروقراطي؟.. هل للامر علاقة برسالة ما للعالم الحر المتحضر الذي راقب سورية كيف فتحت حدودها بالجولان ولبنان كيف ظهر ضعيفا امام دعاة حق العودة؟ هل نريد ان نقول اننا، كأردنيين، قادرون على صناعة مشهد يشاغب على اسرائيل ثم التصدي له؟
.. الرسالة ـ اذا كانت كذلك وصلت، لكن العباقرة الذين افترضوها في مطبخ الحكومة البائس لم يجلسوا بعد لاحصاء وتوثيق الخسائر الوطنية الناتجة عن العاب من هذا النوع اذا كان اللعب فعلا على هذا الاساس.
ولسبب او لاخر يمكن في عمان رصد الرئيس الامريكي اللعوب باراك اوباما وهو يرحب بالتصدي لقمع بعض التظاهرات والمسيرات، فيما يشن حربا في اماكن اخرى قمعت فيها حريات التعبير الجماعية.. ذلك لا يعني الا حقيقة واحدة نحاول دوما اغماض العين عنها وهي ان الثوابت الامريكية الخاصه بالديمقراطية مفصومة هي الاخرى لانها تتغير فقط عندما يتعلق الامر باسرائيل.
بشار اولا
الاجتهاد واضح تماما عند فريق محطة الجزيرة القطرية في تغطية الحدث السوري، وعلى الاغلب ثمة جيش من التقنيين والفنيين والمهنيين يعمل ساعات طويلة لكي نقتنع نحن جمهور المتلقين بان الهدف تقديم وجبة اخبارية محايدة للغاية في السياق السوري.. طبعا المشاهد الكريم او حتى اللئيم رصد الجزيرة وهي تخفف تغطيتها للاحداث المتعلقة بالعقيد الليبي القائد.
المشهد الليبي وضع على الرف قليلا وتحول لمجرد تقرير اجمالي على طريقة تلخيصات المحطات الرسمية وبين الحين والاخر تظهر تلك اللقطة الموجعة لطفل ليبي يخاطب العقيد ويطالبه بالرحيل مقترحا عليه حمل عياله والمغادرة.
بالنسبة لسورية المسألة مختلفة تماما فجيش التقنيين يدقق في كل شريط فيديو زرع على الانترنت واحيانا تعيدنا شاشة الجزيرة للمذيع السوري الانيق في برامج الفضائية السورية، وهو مذيع بكل امانة عندما تسمع صوته تشعر ببعض الندم لانك لا تصدق روايته للاحداث وتكاد تؤمن بقصة استهداف سورية، فعرس الدم بالنسبة لصاحبنا عند الجيران.. كيف يفعلها الاشقاء في الاعلام الرسمي السوري فانا احسدهم؟
ويحظى الخبر السوري اليوم بالصدارة عند الاخوة في المحطة القطرية ويليه اليمني فقد اصبح ظهور الرئيس القائد الملهم علي عبدالله صالح خطوة اجبارية ويومية، فالرجل يتقدم يوميا بمبادرات متنوعة وفي اخر صولاته وجولاته اقترح انتخابات رئاسية مبكرة لعدة اسباب، لكن اعجبني شخصيا السبب الثاني الذي اقترحه وهو (.. صونا للاعراض..).
يعني ذلك ان الرجل يقترح على شعبه الذي يتظاهر ضده منذ شهرين في 17 محافظة اعادة انتخابه رئيسا صونا لاعراض الشعب اليمني.. بصراحة لم افهم بعد ما علاقة الاعراض بالقصة الاصلية؟ الا اذا كان صاحبنا يهدد بشيء ما فقد رأينا عدة مرات الرئيس صالح مقهورا من جزئية واحدة في مشهد الثورة ضده وهي الحراك النسائي.
اخونا صالح ارتدى في خطابه الاخير نظارة سوداء امام مناصريه في ساحة السبعين في نفس اللحظة التي يطالب قيها شعبه الثائر بارتداء نظارة بيضاء، وقد لاحظت مقدمة التقرير التلفزيوني ان انصار الرئيس يتجمعون في ساحة واحدة اسمها السبعين بالقرب من قصره الجمهوري، اما خصومه فيتجمعون في 17 ساحة بشكل متزامن.
لكن الرجل ابدى قبل ذلك اهتماما كبيرا بالملف النسائي، فمرة تحول الى واعظ ومفت معبراعن خشيته من الاختلاط بين الجنسين في المسيرات، ومرة لمح لحرمة خروج النسوان للشارع، وفي المرة الثالثة ها هو يتحدث عن الاعراض .
.. صالح بهذا المعنى رجل لطيف ويحل في المرتبة الثانية بعد شقيقه الرئيس بشار الاسد في سلم اوليات الاخبار على الجزيرة، ويليهما القذافي اما اوضاع الحريات فهي ممتازة تماما في كل من السعودية وقطر ودول الخليج والسودان والاردن ودول المغرب، وعلى ذكر الاردن يمكن ببساطة ملاحظة حجم (التلاطف) المتبادل بين عمان والجزيرة وهو تلاطف لم يصبح اكثر غموضا الا عندما فردت المحطة مساحة بث كبيرة لاحمد عبيدات .
السعودية وهاجس فضائيات مصر
يخبرنا زميل مختص بالاعلام الفضائي العربي بان الخبراء في دول الخليج وفي السعودية يراقبون جيدا التطور اللافت والهائل للاعلام الفضائي المصري بعد ثورة يناير، ليس لاسباب تتعلق بالمنافسة المهنية الشريفة ولكن لاسباب امنية بحتة تتعلق بالاستعداد لمواجهة (صدمات) المحطات المصرية المتوقعة، اذا قرر الاخوة في الشقيقة الكبرى ان يكون اعلامهم في المرحلة المقبلة على حجم ثورتهم الربيعية الرائعة.
ونفهم من نجم الجزيرة المصري سابقا حسين عبد الغني على هامش لقاءات خاصة في عمان عقدها بصفته احد قادة ثورة يناير ان ربيع الاعلام التلفزيوني المصري سيدخل قريبا للسوق العربي كماركة مسجلة تجب ما قبلها وتسحق ثم تعهر الاعلام الفضائي الممول من النظام الرسمي العربي.
وعبد الغني فوجئ عندما زار عمان بمطر من الاسئلة والاستفسارات حول دور محطة الجزيرة في ثورة يناير، وعلى مسامعي اعترف الرجل بدور كبير جدا ربطه بتحول في مسار التفكير الاستراتيجي عند رعاة المحطة وبتأثيرات الاخوان المسلمين وادبياتهم وانحيازاتهم الى عمل وانتاج وادارة المحطة القطرية التي اصبحت مثارا للنقاش في كل مكان عربي.
والاهم ان زملاء حضروا لعمان من الكويت عكسوا فعلا الانشغال السعودي والخليجي بما تحمله الايام المقبلة من الاعلام المصري تحديدا، خصوصا اذا استحكم قادة الثورة في مفاصل المرحلة وقرر المصريون تفعيل اعلامهم على مقاس ثورتهم، وهنا علق زميل كويتي قائلا: حنا بجزيرة وحدة في قطر مش خالصين واضاف: شلون لو طلعت النا جزر مصرية.