ضانا والنحاس ..مشاريع بين بعد الاستثمار والبيئة

اخبار البلد-

تسعى المملكة لمواجهة تحدياتها الاقتصادية، التي تكثر أسبابها، من خلال تشجيع الاستثمار والصناعات واستغلال الثروات الموجودة، بيد أن الإندفاع نحو الاستثمار يطرح سؤالاً، هل تأخذ هذه المشاريع الابعاد البيئية بعين الاعتبار؟.

يتنامى في الاردن قلق اقتصادي مع مديونية تتضخم سنويا وصلت الى 6ر24 مليار دينار تقريبا، الا أنه من المفترض أن يسير الى جانبه بخط متوازٍ, هاجس بيئي يوازن بين الاقتصاد والبيئة من خلال اقامة مشاريع استثمارية مستدامة تحفظ حق الاجيال القادمة بالتمتع ببيئة نظيفة والاستفادة من الموارد الطبيعية دون استنزافها.

ويرى مختصون ان مراعاة الجانب البيئي لا يجب أن يكون عائقا بوجه الاستثمار، بل هو رديف له من خلال الحرص على استدامة الموارد واستغلالها بالشكل الامثل، بالاضافة الى حقيقة ما تفرضه الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة مثل اتفاقية ريو والتي تقضي بضرورة حماية البيئة والتنوع الحيوي.

في حين يرى فريق آخر أن البيئة لا يجب أن تمنع الاستثمار وتحقيق الرفاه الاجتماعي والتغلب على التحديات الاقتصادية.

تعدين النحاس في ضانا مثالاً

نقيب الجيولوجيين صخر النسور، يعتبر أن الابعاد البيئية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وأن الاستثمار لا يعني أن نهمل حماية التنوع الحيوي في الاردن، إلا اننا يجب أن لا نتخذ من البيئة وحماية الطبيعة ذريعة لوقف الاستثمار واستغلال الثروات المعدنية.

وأشار في حديث الى «الرأي» إلى أن هناك تسريبات تفيد بوجود مشروع تعديني قريبا لاستثمار خامات النحاس في ضانا، التي تقع جنوب المملكة في محافظة الطفيلة، مبينا أن النقابة تدعم استثمار التكوين الجيولوجي في جنوب الاردن.

وبين النسور ان النقابة طالبت ومنذ فترة طويلة باستخراج خامات النحاس في جنوب الاردن مبينا أن التقديرات الاولية المتأتية من عوائد استثمار النحاس تقدر بـ6 مليارات دينار بحسب أسعار النحاس الحقيقية, مبينا أن النحاس في ضانا تصل تراكيزة إلى 2.5% وهي عالية ومجدية اقتصاديا نافيا ما يتم الحديث عنه بأن الكميات غير تجارية وغير مجدية.

واشار إلى ان خام النحاس متوفر في أرض جرداء مساحتها 60 كلم2 تقع غربي المحمية، وهي تخلو من التنوع الحيوي، وتقدر كمية النحاس المتوفرة داخل المحمية بـ 850 ألف طن تتركز في منطقة خربة النحاس ووادي الجارية غربي المحمية.

البيئة ليست عدوا للاستثمار

اما مدير عام الجمعية الملكية لحماية الطبيعة يحيى خالد فيعتبر أن البيئة ليست عدوا للاستثمار، بل يجب أن تسير بخط متواز مع اي مشروع استثماري لحساب تكاليفة الاقتصادية على المدى البعيد وما يسببه من اضرار على البيئة تكون لها انعكاسات غير مباشرة على الاقتصاد الوطني.

وخالف ما جاء به النسور، معتبراً أن مشروع التعدين في ضانا اذا ما تم بطريقة غير مدروسة سيهدد بتدمير الموائل الطبيعية في محمية ضانا للمحيط الحيوي التي تبلغ مساحتها 300 كم مربع، والتي تعتبر ارثا عالميا.

وبين أن تحديد الكميات الموجودة في ضانا لا يمكن التنبؤ به بشكل دقيق في حين ان المحمية تدر دخلا يقدر ب1.5 مليون دينار سنويا، وتعد من أهم مصادر دخل المجتمع المحلي، وأن هذا المبلغ مرشح للارتفاع سنويا في حال تم تطوير مشاريع السياحة الرفيقة بالبيئة وتحسن الوضع الامني في الاقليم.

مصدر مطلع في وزارة البيئة اكد ان شركة عالمية تملك خبرات في هذا المجال بدأت بعمل دراسات استكشافية حول جدوى تعدين النحاس في ضانا وأن هذه الدراسات لم تنجز بعد.

اتفاقية ريو والحفاظ

على التنوع الحيوي

وتنص اتفاقية ريو حول التنوع الحيوي 1992 على أن تكون النشاطات البشرية مدروسة الاثار الجانبية على مصادر التنوع الحيوي ولتحديد الاثر والحد من الاثار السلبية على التنوع الحيوي في حين ان الاردن صادق على الاتفاقية بعد عام من اقرارها.

وبحسب المحامية المتخصصة في الشؤون البيئية اسراء الترك فإن الاتفاقية تصبح ملزمة في حال تم عرضها على مجلس الأمة للتصويت لتصبح جزءا من القانون الداخلي ويتم بناء على بنودها تعديل مختلف القوانين التي تتضمن نصوصا تخالف نصوص الاتفاقية الدولية التي تسمو على القوانين المحلية.

وبينت الترك ل»الرأي» أن هناك 3 مراحل حتى يتم اعتماد الاتفاقيات الدولية أولها المشاركة في الاتفاقية والتوقيع عليها ومن ثم المصادقة عليها وهو ما حصل في اتفاقية ريو للتنوع الحيوي وبقي أن يتم التصويت عليها من قبل مجلس الامة لتصبح جزءا من القانون الداخلي.

وبحسب مدير المحمية عامر الرفوع تم تسجيل 833 نوعا من النبات في المحمية ثلاثة من هذه الأنواع النباتية تسجل لأول مرة في العالم، و 38 نوعا من الثدييات، أي ما يقارب 50% من الثدييات في الأردن، بالاضافة الى 215 نوعاً من الطيور، بما يعادل 50% من الطيور في الأردن.