إستمرار الاشتباكات في اليمن ومخاوف من الانزلاق لحرب أهلية
احتدمت الاشتباكات العنيفة مرة جديدة صباح اليوم الاربعاء بين المسلحين المناصرين للشيخ صادق الاحمر زعيم قبائل حاشد النافذة، والقوات الحكومية الموالية للرئيس علي عبدالله صالح، بعد فترة من الهدوء الحذر خلال الليل، حسبما افادت وكالة الانباء الفرنسية.
وقد استولى المسلحون القبليون خلال الليل على مبنى وكالة الانباء اليمنية "سبأ". وسمعت اصوات الرصاص والانفجارات بكثافة في الصباح في حي الحصبة، الذي يشهد اشتباكات بين المسلحين القبليين والقوات الموالية لصالح، لليوم الثالث على التوالي، وقد اسفرت حتى الآن عن 44 قتيلاً على الاقل من المعسكرين.
هذا وتواصلت ليلاً في صنعاء معارك عنيفة بين أنصار الأحمر والقوات الحكومية، هي الأولى منذ بدء حركة الاعتراض في هذا البلد في نهاية يناير/ كانون الثاني.
وقال مصدر طبي في مستشفى العلوم والتكنولوجيا في صنعاء لوكالة الأنباء الفرنسية إن 24 شخصًا من أنصار الزعيم القبلي صادق الأحمر قتلوا، بينهم ثلاثة من زعماء العشائر، كما جرح عشرات آخرون. من ناحيتها، ذكرت وزارة الدفاع على موقعها الإلكتروني نقلاً عن وزارة الداخلية إن 14 جنديا قتلوا، واعتبر اثنان آخران في عداد المفقودين.
وكانت حصيلة سابقة تحدثت عن مقتل ستة أشخاص على الأقل الثلاثاء في معارك عنيفة تواصلت ليلاً في شمال صنعاء. وتركزت المعارك بمختلف الأسلحة في محيط منزل الشيخ صادق الأحمر، الذي انضم إلى المعارضة ومباني وزارة الداخلية، وفق المصدر نفسه.
وبعيد منتصف الليل، كان صوت الأسلحة الرشاشة لا يزال مسموعًا وفق سكان. وسقطت مساء أربع قذائف في محيط وزارة الداخلية وفق شهود، فيما أصيب منزل الشيخ الأحمر بصاروخ خلف العديد من القتلى والجرحى، بحسب مصدر قبلي. وأضاف المصدر: "من بين الجرحى اللواء غالب قمش، الذي يرأس مهمة وساطة" بين السلطة والشيخ صادق الأحمر، لكن تعذر عليه تقديم حصيلة أكثر دقة.
وقال نائب وزير الاعلام اليمني عبده الجندي إن عبد الله صالح ناشد عائلة الاحمر وقوات الامن وقف اطلاق النار ودعا العناصر المسلحة الى الانسحاب من الوزارات التي تحتلها. واتهمت الحكومة رجال الاحمر بمحاولة الانقلاب من خلال مهاجمة وزارة الداخلية ومبان حكومية عدة وشرطية اخرى.
وقال زعيم معارض ان وسطاء عدة، منهم قائد لقوات الامن، أصيبوا في الهجوم على المنزل. وقال سكان ان منزل الاحمر ومسكنًا مجاورًا يخص أحد أقاربه من زعماء العشيرة أيضًا أصيبا بأضرار في الهجوم.
فشل المبادرة الخليجية لنقل السلطة
واندلعت المعارك التي أسفرت عن ستة قتلى الاثنين غداة رفض الرئيس علي عبدالله صالح توقيع اتفاق يلحظ انتقالاً سلميًا للسلطة، رغم الضغوط المحلية والدولية. ودعا الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الثلاثاء إلى "وقف فوري" للمعارك الدامية في صنعاء، وأعرب عبد اللطيف الزياني في تصريح عن خشيته من أن "تتسع" المعارك المستمرة منذ يومين في صنعاء، داعيًا الأطراف المعنيين إلى ضبط النفس.
واعتبر أن مبادرة مجلس التعاون الخليجي لانتقال السلطة في اليمن لا تزال تشكل "فرصة للتوصل إلى حل سياسي" في هذا البلد الذي يشهد منذ نهاية يناير/ كانون الثاني تظاهرات تطالب بتنحّي الرئيس صالح. وأفادت مصادر رسمية أن وزارة الداخلية تعرضت لإطلاق عشرات الصواريخ المضادة للمدرعات التي مصدرها قوات الزعيم القبلي.
وما زال أنصار الأحمر يسيطرون على عدد من المباني الرسمية في العاصمة اليمنية كانوا احتلوها الاثنين في أعقاب معارك عنيفة، بما في ذلك مبنى وزارة الصناعة والتجارة. من جهتها، أفادت وزارة الداخلية في بيانات نشرها التلفزيون اليمني أن مناصري الأحمر هاجموا وزارتي الداخلية والسياحة ومركز شرطة النجدة ومقر وكالة الأنباء اليمنية إضافة إلى مقار رسمية أخرى.
يذكر أن صادق الأحمر هو شيخ مشايخ قبائل حاشد النافذة، وتعدّ عائلته الأكثر نفوذًا في اليمن، وقد انضم في مارس/ آذار إلى الحركة الاحتجاجية المطالبة برحيل صالح، الذي خسر كذلك دعم جزء من الجيش. وبإمكان الأحمر تجييش حوالي 10 آلاف مسلح بحسب مصادر قبلية. واليمنيون مسلحون بكثافة، وقد يبلغ عدد الأسلحة بين أيدي المدنيين 60 مليون قطعة، أي بمعدل قطعتين لكل شخص.
مخاوف من حرب أهلية في اليمن
وقد حذر مراقبون يمنيون ودوليون من انزلاق اليمن إلى حرب أهلية مع تصاعد المواجهات المسلحة في صنعاء. وأعرب رئيس تحرير صحيفة الرابع عشر من أكتوبر اليمنية أحمد الحبـُيشي عن قلقه في حديث لـ"راديو سوا" من امتداد هذه المواجهات إلى أنحاء أخرى في البلاد، وحمّل السلطة والمعارضة المسؤولية.
وقال: "السلطة والمعارضة معًا يتحملون مسؤولية الوضع المتأزم في اليمن. أتدري لماذا؟ لأن المعارضة هي جزء من السلطة. نحن لا يوجد عندنا مشهد ديموقراطي حقيقي وسليم، بمعنى سلطة ومعارضة خارج السلطة. المعارضة الآن هي موجودة أساسًا داخل السلطة. وبالتالي هي تتصارع مع السلطة داخل السلطة، وتمثل دولة داخل الدولة. وعندما نرجع إلى الشارع، ليس بهدف إسقاط النظام، ولكن بهدف إعادة إنتاج النظام نفسه وتحسين موقعها في السلطة وتحسين حصتها في الثروة".
في المقابل، قال استاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء عبد الله الفقيه إن الرئيس صالح يسعى إلى جرّ البلاد نحو حرب أهلية، موضحًا "من وجهة نظري إن هناك محاولة من قبل رئيس الجمهورية وأطراف أخرى لجر البلاد إلى حرب أهلية، على أمل أن تؤدي هذه الحرب إلى تغيير اجتماعي، يسعى إليه الكثيرون. لكنني لا أعتقد أن مثل هذه الحرب ممكنة".
وأوضح الفقيه رأيه بشأن مخاطر وقوع حرب أهلية في اليمن بقوله: "الحرب الأهلية ممكنة إذا كان هناك من له مصلحة فيها ومن بإمكانه أن ينفق عليها. أما في ظل توازن القوى الموجود في اليمن فإنها غير ممكنة".