الدور الأمريكي في تدمير الشعوب ونهب ثرواتها

م. فؤاد الخلفات
إن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا يمكن للمملكة العربية السعودية أن تفعل في مواجهة قانون «جاستا»؟
إن الخيارات المتاحة أمام السعودية أولها الضغط المالي بسحب الأرصدة المالية من البنوك الأمريكية وتقدر بنحو 750 مليار دولار، وكذلك الضغط الأمني من خلال توقف التعاون الاستراتيجي، وكذلك الضغط العسكري بإغلاق المجال الجوي السعودي أمام النشاط العسكري الجوي الأمريكي، ووقف شراء الأسلحة الأمريكية وكذلك الضغط السياسي عبر تقليص التمثيل الدبلوماسي أو اللجوء للسلاح الأكبر النفط مع التوجه لربط الريال بالعملة الصينية.
إنّ من المستبعد أن تلجأ السعودية الى اتخاذ خطوات راديكالية ضد أميركا ومن المرجح أن السعودية ستحاول استغلال نفوذها الاقليمي لمواجهة قانون «جاستا»؛ من خلال إقرار قانون يتيح للضحايا التي تسببت أمريكا بقتلهم أو تشريدهم في جميع دول الأقليم ومقاضاة الولايات المتحدة للحصول على تعويضات منها، هذا الخيار لا ينفع السعودية بشكل مباشر، وهو لا يصلح إلاّ للضغط ويبقى هذا هامشا ضيقا للمناورة في الظروف الراهنة.
إن قانون «جاستا» لم يخرج للنور اعتباطاً، وإنما عن سابق تصميم وترصّد ومعرفة دقيقة بصعوبة استخدام الخصم للخيارات الممكنة باعتبارها خيارات ملغومة وذات حدين.
يقول «جيمس ويس» مدير المخابرات الأمريكية السابق في محاضرة له بجامعة أكسفورد بتاريخ 2003، إنّ العراق هدفنا التكتيكي، وأنّ السعودية هدفنا الاستراتيجي وأنّ مصر هي الجائزة الكبرى، ولذا لا بد أن يقع في مفهوم المنطق الأمريكي الجديد منطق القوة أن السعودية راعية للإرهاب والمطلوب تفكيك السعودية على اعتبارها رائدة الإسلام السنّي في العالم.
إنّ الرئيس الأمريكي أوباما كان قد وضع اثني عشر فيتو أمام الكونجرس الأمريكي كلّها قد قُبلت، وعندما وضع الفيتو على قانون «جاستا» رُفض وردّ الكونجرس هذا الفيتو بأغلبية كبيرة من المجلس، إنها تقسيم أدوار بين الإدارة الأمريكية والكونجرس.
ما يجري بحق للسعودية هو تفعيل لفكرة الشرق الأوسط الجديد جغرافياً وسياسياً واقتصادياً، وستكون هناك أجندة سياسية تُطلب من السعودية بالإضافة للتعويضات المالية، ولكن الغريب بعد هذا كله أن قانون «جاستا» قانون داخلي مخالف للقانون الدولي، يُلغي حصانة الدول وسيادتها، فلماذا لم نسمع شيئاً من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الموقر؟.
يقول «الكسندر دوغين» في كتابه «أسس الجيوبو ليتيكيا» الصادر عام 1997 والذي تم اعتماده كمرجع رئيس في الأكاديمية العسكرية الروسية يقول:
لا بد من خلق توترات داخل تركيا تؤدّي الى تفكيكها من خلال تأجيج النزعات الانفصالية عند الأكراد والأرمن والأقليات الأخرى.
لا بد من العمل ضد السعودية ومذهبها الوهابي الخطر.
لا بد من تحالف روسي إيراني يطلق عليه اسم محور «موسكو طهران».
إذن هنالك تمكين لإيران في المنطقة كجزء رئيسي من التدمير، وهناك سعي لضرب العلاقة السعودية التركية والتشكيك بها.
لقد كشف مسؤول أمريكي مقرب من أصحاب القرار لـ»الجورنال» تفاصيل مرعبة عن أبعاد المؤامرة التي صُمّمت بعناية فائقة وقال هذا المسؤول إنّ الصراع الحاصل في المنطقة العربية يهدف الى إسقاط أكبر دولتين عربيتين هما السعودية ومصر، أمّا السعودية فذكرنا بعضاً من هذه المؤامرة، ومن هذه المؤامرة وضع المملكة العربية السعودية على القائمة السوداء بتهمة ارتكاب جرائم حرب ودعم التطرف والإرهاب وحظر بيع جميع الأسلحة للسعودية وإلغاء جميع الصفقات والعقود الموقّعة مع السعودية وكذلك تهييج الشارع السعودي وإحداث قلاقل وفتن ومظاهرات واضطرابات داخل السعودية ودول الخليج العربي ومن ثم تقسيم هذه الدول على أسس طائفية ومذهبية.
أمّا مصر المنهكة اقتصادياً بعد أن تمّ الانقلاب على التجربة الديمقراطية، فسيتم استفزاز سكان سيناء حتى يلجؤوا لحمل السلاح ضد الجيش المصري مع استمرار السيسي في قمع الإخوان المسلمين والتيارات الوطنية المطالبة بالديمقراطية وسيتم تنفيذ مذبحة للمسيحيين وإغراء ودفع السيسي لغزو ليبيا «إرهاق الجيش المصري» وسيكون هناك مطالبة بدولة مسيحية عاصمتها الإسكندرية ودولة منزوعة السلاح للبدو الفلسطينين في سيناء.
الدول العربية ستزول بالكامل هذا ما قالته «هيلين توماس» عميدة مراسلي البيت الأبيض التي عاصرت أهم رؤساء أمريكا ورافقتهم وغطّت أنشطتهم والتي رفضت أن ترافق جورج بوش الابن وأعلنت رفضها عبارته الشهيرة: «إنه يحارب في العراق من أجل الله والصليب»، وقالت: «بل إنها حرب الشيطان وليست حرب الله».
هي هيلين توماس التي كانت تردّد قائلة: «اليهود يسيطرون على إعلامنا وصحافتنا ويسيطرون على البيت الأبيض»، وكانت دائماً تقول للإسرائيليين: «ارجعوا لبلادكم واتركوا فلسطين لأهلها»، وقد كانت لها رؤية بأن هناك بوادر حرب عالمية ثالثة طُبخت في مطبخ تل أبيب ووكالة الاستخبارات الأمريكية والشواهد عديدة، أول خطوة ظهور تنظيمات إرهابية بدعم أمريكي.
لقد تلقّف المخرج العالمي «مايكل مور» كلمات هيلين توماس في فيلم تسجيلي، ومور هو من فضح بوش الابن وعصابته من أصحاب شركات السلاح من اليمين الأمريكي مثل « ديك تشيني « و»كوندليزا رايس» وحصل فلمه المشهور فهرنهايت 11/9 على أكثر من جائزة.
لقد أكّد كلام هيلين توماس رئيس الاستخبارات الأمريكية السابق الذي قال بوضوح: «المنطقة العربية لن تعود كما كانت وسوف تزول دول وتتغير حدود دول موجودة»؛ إذن تتحقق نبوءة هيلين توماس، تل أبيب وواشنطن أوجدت أسطورة التنظيمات الارهابية لتشعل المنطقة والعالم، وتُحرّك الأنظمة نحو هدف واحد، وإعادة الترسيم للحدود وتوزيع النفوذ ونهب ثروات ومقدّرات الشعوب.
إن هيلاري كلينتون ودونالد ترامب يؤمنان بقانون «جاستا» كل الايمان، لا بل دونالد ترامب (وأظن أنه رئيس أمريكا القادم) يقول إن على المملكة العربية السعودية أن تُعجّل بتعويضات لأمريكا مقابل حمايتها لها، والآن يطالب السعودية بتعويضات لضحايا الأبراج واعتبار السعودية داعية للإرهاب.