لا إصلاح من دون حراك شعبي
اخبار البلد _ مخطئ من يزعم أن في الأردن اتجاهات قيمية سائدة لا تشجع على مشاركة الشعب في صنع القرار، فهذه المعتقدات الموجهة، لا تهدف إلا إلى جعل المشاركة في التغيير نادرة وضيقة.
نعم، يصح القول إن النظام السياسي لا يرغب بالتغيير والإصلاح، وإن إرادته الإصلاحية لم تخلق بعد، وان تقرر خلقها، فالتوجه أن تكون مشوهة ولا ترقى لمستوى المفهوم الإصلاحي المقصود.
الدولة تريد إصلاحا هامشيا لا يمس مصادر السلطة وصناعة القرار، ولا مانع عندها من إجراء إصلاحات على مناطق السلطة غير الصانعة للقرار.
هذا هو واقعنا الحالي، صراع إرادات بين إصلاحيين من جهة، وبين متنفذين ومستفيدين وبيروقراطية متخشبة من جهة أخرى.
أما الغلبة المتوقعة في هذا التناقض الواضح بين الفريقين، فهي رهن بما يملكه كل طرف من عناصر قوة، وحكمة خطاب، واستثمار توقيت لن يتكرر ولن يستقر في منطقتنا كثيرا.
القوى غير الإصلاحية من جانبها، تملك الأمن، وتثوير المخاوف، وتزييف الوعي، وتملك أيضا قاعدة دعم مستفيدة من الوضع القائم.
أما القوى الإصلاحية، فهي لا تملك في مواجهة ذلك إلا العاصم الأخلاقي والقيمي القادر على الإقناع، وتحتاج لترجمة لذلك دعم الشارع وحراكه الدائم.
كما أن الإصلاحيين في بلدنا يحتاجون إلى خطاب متماسك قادر على ردع الخطاب غير الإصلاحي، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال منطق يتجاوز الحساسيات ويركز على عيوب النظام الأخلاقية (الفساد، تهالك بنى الدولة، الاستئثار بالسلطة).
مما تقدم، نصل لقناعة مفادها أن الحراك الشعبي المرتبط بخطاب واع ومتقدم، سيشكل ضاغطا على النظام وقناة لتوليد إرادة الإصلاح المعدومة عند بعض أركان النظام والمشوهة عند أركان أخرى.
لقد تلقيت في الآونة الأخيرة اتصالات من أعضاء في قواعد الحركة الإسلامية «وهي مؤشر الشارع» تركز أكثرها على حماسة منقطعة النظير ورغبة في مواصلة الضغط الشعبي وتغيير نمطه كما ونوعا.
من هنا، أصبحت المعادلة الإصلاحية واضحة الأركان، فالحراك الشعبي لا بد أن يستمر، وأدواته لا بد أن تتطور بسرعة، وخطابه أيضا يجب أن يبحث عن الاستثمار في المفيد.
المحافظات تبدو مستعدة للضغط، ودخولها على الخط سيعطي الإصلاح زخما غير معهود، وقد نشهد في الأيام القادمة مفاجآت تجعلنا نعيد النصيحة التي أرسلناها إلى دمشق كي تتفاعل في عمان.