الإصلاح الإعلامي وألوية التغيير
اخبار البلد _ اغلاق ينادي شباب الأردن، حملة ألوية التغيير، وعلى منابر كثيرة، بإصلاح إعلامي يطال المؤسسات الإعلامية والأفراد، يترافق مع التوجه للإصلاح السياسي والاقتصادي، ويتناغم معهما، وعلى أكثر من صعيد: الرسمي والخاص، كالتلفزيون الأردني والمحطات التلفزيونية الخاصة؛ والصحف المطبوعة التي تسهم فيها الحكومة وتلك المملوكة للقطاع الخاص، وكذلك في الصحافة الإلكترونية التي أصبحت تضم اليوم ما يقارب 250 موقعا صحافيا أردنيا، عدا عن المطالبات الأخرى الموجهة لبعض الكتاب والصحافيين المغردين خارج كل سرب، وعلى وقع نغماتهم الخاصة وألحانهم الناشزة.
يرى الشباب أن التغييرات السريعة المتلاحقة، خلال العامين الأخيرين، أفرزت إعلاما ليس له هوية جمعية واحدة، وبات فيها الإعلام الرسمي خجولا عالقا في السنوات الطويلة التي قضاها كنافذة للحكومات تطل على وجهة نظرها فقط، وأصبحت فيها بعض مؤسسات الإعلام الخاص تتحيز لمصالحها الشخصية، وتتدخل أحيانا كطرف رئيسي في معارك تصفية الحسابات، بل أمست لدى البعض مصالح خاصة تتفوق على هموم الشارع، وعلى حالة المخاض السياسي التي وصلت منعطفات خطرة وحادة، فاختلط الحابل بالنابل.
كان أول ما كُلفت به الحكومة الحالية هو إيجاد رؤية شاملة للإعلام الأردني وخطة قابلة للتنفيذ، تضمن حرية التعبير وتعمل على تهيئة بيئة تكفل أن يمارس الإعلام المهني دوره المستقل من دون أي قيد أو عائق، وكذلك تكليفها الصريح بتوسعة الآفاق للتفاعل مع وسائل الاتصال الحديثة كوسيلة لتعميم المعرفة وتكريس ثقافة الحوار، وأن لا تكون وسيلة لبث المعلومات الخاطئة والإساءة إلى الأفراد والمؤسسات على غير وجه حق. إضافة إلى أهمية "تطوير التشريعات لتشمل آليات ديمقراطية شفافة، تحاكي أفضل الممارسات الدولية، لحماية المجتمع من الممارسات اللامهنية، التي يمارسها البعض عبر وسائل الإعلام والاتصال، في خرق واضح لحقوق المواطنين وتقاليد مهنة الصحافة وأخلاقها".
ومع ذلك لاحظنا أن الحكومة تعمل بشكل عكسي لما كُلفت به، فانشغلت بإعداد لجان الحوار السياسي والاقتصادي، وليس مستبعدا، وبعد هذا المقال، أن يخطر ببال الرئيس أو وزير الإعلام تشكيل لجنة حوار إعلامي، لتكديس المزيد من اللجان التي ستصل بعد شهور لما هو متفق عليه ضمنا، ولا يحتاج إلا إلى خطة عمل تنفيذية لإقراره والمضي قدما.
وبما أنني أحب دائما أن أستشهد بما يقوله جلالة الملك، لذلك أعيد على مسامعكم إشارة جلالته في خطاب تكليف هذه الحكومة قوله: "إلا أن المسيرة عانت من ثغرات واختلالات أنتجها خوف البعض من التغيير ومقاومتهم له حماية لمصالحهم، والتردد في اتخاذ القرار من قبل الكثيرين ممن أوكلت إليهم أمانة المسؤولية"، وهي التي تعني بلا شك التحفيز لإرادة التغيير، وحثّ رئيس الحكومة (المكلف) ووزير الإعلام وكل مسؤول على التحول عن وجهات النظر الخاصة التقليدية، إلى الرؤية العامة الشاملة التي تحتاجها البلاد، حتى لو كانت تتعاكس مع أفكارهم الخاصة القديمة، أو لا تلتقي معها، فالذي لا نفعله نحن اليوم، سيأتي من سيفعله غدا بكل شجاعة واقتدار.
إذا تركنا الهوة تتسع، وأهملنا الفجوات الكثيرة التي ظهرت، ستتراكم الرغبة لدى الجيل الذي يحمل لواء التغيير، وتصبح الطاقة التي لديهم، وهي بالمناسبة إيجابية حتى الآن، ستصبح نقمة تصب جام غضبها علينا: على الحكومات، ومؤسسات المجتمع وعلى الصحافة، وستصبح المساحة المتاحة للتراجع ضيقة جدا، ومؤلمة أيضا. فإما أن نتحلى ببعض الشجاعة اليوم، ونبادر إلى تلك القرارات المتفهمة والمصيرية، وإما أن نتنحى عن الطريق، ونترجل، وندع حملة الألوية يمرون ويتقدمون.