بيان البرادعي.. لماذا الآن؟

 

لماذا انتظر البرادعي كل هذا الوقت ليوضح موقفه من الاتهامات الموجهة له بالتواطؤ للاطاحة بالعملية الديمقراطية في مصر، وتحريضه دولا غربية لمساندة جهود الاطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي بجولة استهدفت القارة العجور يوم 30 يونيو؟!!

لماذا انتظر البرادعي ثلاث سنوات ليدلي بتصريحاته هذه التي تضمنت 13 نقطة توضيحية حول الحملة التي شنت علية شخصيا، منهيا حديثة بإدانة حملة التضليل والخداع التي تعرض لها.

ما الذي تغير في مصر حتى يقدم البرادعي بيانه التوضيحي! هل هي شهادة على العصر ام انها نقطة تحول جديدة في مسار الازمة في مصر التي شهدت في الاسابيع الاخيرة اضطرابا كبيرا، سواء في علاقات مصر الخارجية ام في ساحتها الداخلية، مترافقة مع دعوات للتظاهر والاحتجاج اعلن البرادعي دعمه لها؟!

مصر باتت تعيش عزلة خانقة من ناحية سياسية واقتصادية؛ فالجنية المصري هوى مقابل الدولار في سوق العملة غير الرسمي الى 18 جنيها مقابل دولار واحد، وصندوق النقد الدولي اشار بوضوح الى ضرورة تعويم العملة المصرية، مشيرا الى انه مطلب اساسي دعمته السلطات المصرية للحصول على 12 مليار دولار كقرض من الصندوق.

كريستين لاغارد مديرة الصندوق اشارت الى اهمية التعويم وخفض قيمة العملة؛ لأن العلاج بالصدمة بات العلاج الوحيد والاكثر فاعلية، رافعة من مستوى الضغوط على السلطات المصرية للقبول بالتعويم، فهل لتوجهات الصندوق دور في هذه التحولات السياسية ام انها عامل آخر اضيف الى المخاطر المتراكمة لاحتمالات تأزم الموقف الداخلي في الساحة المصرية؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لم يغب عن المشهد طوال الاسبوعين الماضيين من خلال نشاطات اعلامية ولقاءات عامة للدفاع عن سياسته الاقتصادية، بل دفاعا عن موقفه من احداث 30 يونيو 2013، فهو ايضا كان مبادرا بالتذكير بالحادثة مشيرا الى انه استجاب لمطالب القوى السياسية والجماهير التي كان على رأسها البرادعي وان لم يشر اليه صراحة، مؤكدا ان القوى السياسية لم تصل الى حل ممكن مع جماعة الاخوان المسلمين.

بيان البرادعي في المقابل اشار الى تفاجئه بخبر اعتقال الرئيس المنتخب محمد مرسي في اللقاء الرسمي بين القوى السياسية وغياب رئيس حزب العدالة عن اللقاء في محاولة لتبرئة نفسه من احداث رابعة التي كان معارضا لحسمها امنيا بحسب البيان التوضيحي، او لغاية تبرئة امريكا والاتحاد الاوروبي ودول القارة العجوز الفاعلة.

المشهد في مصر ضبابي ومن الصعب بناء تصورات واضحة للمسار العام الذي تعكسه هذه التصريحات والتصريحات المضادة وتداعياتها او اسبابها، الا انها في المجمل انعكاس لأزمة اقتصادية وسياسية واجتماعية متفاقمة وصراعات داخلية وضغوط خارجية متفاقمه؛ ما يجعلها قابلة للترجمة الى سيناريوهات ترسم او إلى خيارت بدأت تدرس في الساحة المصرية للتعامل مع الازمات الداخلية بل الخارجية التي تعانيها مصر.